"على الرغم من عملي كصحفي تحقيقات ومصوّر لمدّة تزيد عن 6 سنوات إلا أن القصّة المصوّرة جعلتني أعبّر بشكل مؤثر بصور قليلة عن معانٍ قد لا تصل إلى القارئ والمشاهد بآلاف الكلمات".
بهذه الكلمات بدأ "محمّد علي الدين" المصوّر وصحفي التحقيقات بجريدة "المصري اليوم" حديثه عن القصص المصوّرة، هذا المجال الذي لم تهتم به الصحف المصرية أو تُخصّص صفحات خاصة لنشر القصص إلا مؤخرًا وذلك بعد أن قامت مؤسسة المصري اليوم بتدشين موقع "بانوراما" المتخصّص بنشر القصص المصّورة وجريدة "ايجبت اندبندت" الناطقة باللغة الإنجليزية التابعة لنفس المؤسسة بتخصيص صفحتين أسبوعيًا بعنوان "focus file".
بدأ محمد علي الدين العمل في مجال القصص المصوّرة، والتي تعدّ موضوعًا صحفيًا ولكن يعتمد على الصور. في عام 2009 عندما قام بإنجاز قصة حول (محاجر الجير) في محافظة المنيا بصعيد مصر والتي نُشرت على موقع بانوراما بعنوان (الحياة في حضن الجبل) وهي تدور حول عمال المناجم الذين يعملون بمعدات بدائية خطيرة وفي محاجر غير مرخصة.
يرى علي الدين أن الصحافة المصرية لم تتبنَ القصص المصورة لأنها تنظر إلى الصور باعتبارها عاملاً مكملاً للخبر أو القصة الصحفية، "لكن حتى الآن من الصعب أن تجد رئيس تحرير مقتنع بأن الصور يمكنها أن تحكي وتناقش مشكلات هذا المجتمع دون الحاجه إلى كثير من الكلمات."
أشار علي الدين إلى أن هناك عدداً من الورش المتخصصة للقصص المصورة في مصر عملت على تكوين مصوّرين متخصصين في هذا المجال، ففي بداية 2011 نظمت مؤسسة إل ليكنداوي ومقرّها برشلونة، ونور إيمدج ومقرّها هولندا، ومركز الصورة المعاصرة في القاهرة ورشة استمرت لـ 6 أشهر ، حضرها 12 مصوراَ مصرياً وأجنبياً مقيماً في مصر.
الورشة اهتمت بتدريب المصوّرين على كيفية اختيار وتنفيذ القصص المصوّرة تحت إشراف مصوّرين محترفين هم نينا بيرمان ورولا حلواني وشيريل ميندز وجيسيكا موراي.
ونجح المصوّرون خلال فترة الورشة في إنتاج 10 قصص مصوّرة لمصوّرين صحفيين تخصّصوا في هذا المجال "وقمت خلالها بإنتاج قصّة مصوّرة عن معاناة ضحايا الألغام في مصر تحديدًا في منطقة الساحل الشمالي، التي تعدّ إحدى أكبر مناطق العالم في انتشار الألغام نشرت بجريدة ايجبت اندبدنت في النسخة المطبوعة".
وعن فكرة تأسيس موقع بانوراما الإلكتروني المتخصص للقصص المصوّرة قال "ديفيد ديجنر" مدير موقع بانوراما أنه لاحظ أن الصور يتم عرضها في الصحف والمواقع الإلكترونية بطريقة سيئة وبمساحات صغيرة، في حين أن هذه الصور يتم عرضها بمساحة وطريقة جيدة ونشرها على الفيس بوك. تنشر بشكل كبير وبالتالي يتم تسويق الصورة بشكل جيد. كما أن هناك عدداً من الورش المتخصصة في القصص المصورة أوجدت مصوّرين متميزين ولكن لم يكن لديهم المكان لإبراز أعمالهم.
"ومن هنا خطرت فكرة الموقع في يونيو الماضي وعرضناها على لينة عطالله رئيس تحرير جريدة ايجبت اندبندت ووافقت عليها وكان الموقع قائم على توفير مساحة في مصر من خلال موقع متخصص لعرض القصص المصورة بشكل جيد يراعي كل التفاصيل في الصورة وحقوق الملكية الفكرية للمصور على غرار المواقع الأجنبية ".
ويشير "روبيرت ستوت هولد" أحد المسؤولين عن موقع بانوراما أننا نهتم بعنصر الإثارة والأهمية في اختيار القصص المصوّرة التي يتم نشرها على الموقع، وأوضح أن هناك الكثير من المصوّرين المصريين يرغبون في العمل في هذا المجال ولكن هناك التسويق للصورة في الصحف المصرية ضعيف. فالصحفي يهتم بأن يصور عدد كبير من الصور لتغطيته الخبرية ولم ينشر منها إلا القليل، وبالتالي لا يوجد سوق للقصص المصورة في مصر وهذا ما يجعل هناك عدد قليل من المصورين المصريين يقبلوا على العمل في هذا المجال.
تعد جريدة ايجبت اندبندت أول جريدة مصرية مطبوعة تقوم بنشر القصص المصّورة فتقول عن هذه التجربة "لينا عطالله" رئيس تحرير الجريدة: "لا تهتم الجريدة بنوع معين من القصص المصورة ولكن توفر مساحة جيدة لنشر القصة. فقامت الجريدة بنشر أول قصة مصورة في نوفمبر الماضي وهى قصة أعدها المصور محمد علي الدين عن ضحايا الألغام في الحرب العالمية الثانية في منطقة العلمين في ساحل مصر الشمال غربي. نشرنا القصة كملف أساسي في منتصف الجريدة كمحاولة لترسيخ أهمية الصورة وقدرتها على اللحديث وهو الشيء الذي لا تكترث به الكثير من الصحف."