تتفاعل الصحافة في العالم مع الظروف السياسية والإنسانية في المنطقة ويجري ابتكار آليات تساعد الصحفيين على التغطية الأفضل أو المثلى للقصص.
ومع تزايد إقبال اللاجئين في موجة اللجوء المليونية الى أوروبا في خريف 2015 وافتقار بعض وسائل الإعلام الى الخبرة والمعرفة اللازمة بمعاناة اللاجئين وقصصهم، ولدت فكرة تأسيس موقع أوروبي مشترك ليقدم صورة واضحة عن اللاجئين ويكون مصدراً موثوقًا في تقديم المعلومة للمهاجرين واللاجئين الى جانب محاربة الأخبار الكاذبة التي يقع ضحيتها اللاجئون أنفسهم.
وفي هذا السياق، نشأ مهاجر نيوز وهو مشروع مشترك بين ثلاث مؤسسات اعلامية أوروبية كبرى وهي دويتشه فيله (DW) القناة الألمانية الحكومية وفرانس ميديا موند التي تضم كلاً من فرانس 24 واذاعة مونت كارلو الدولية وإذاعة فرنسا الدولية والطرف الثالث هو وكالة الأنباء الإيطالية (انسا).
ويتميز مهاجر نيوز باختلاف خلفيات فريقه، ففيه يعمل صحفيون أوروبيون وآخرون مهاجرون وأجانب من ضمن الإتحاد الأوروبي وخارجه. ومن بين الصحفيين المهاجرين التقت شبكة الصحفيين الدوليين بالصحفي السوري محي الدين حسين وهو مراسل ومحرر مهاجر نيوز ليعرفنا أكثر عن هذا المشروع.
لمحي الدين نفسه قصة ككل لاجئ، عمل في بدايات الأزمة السورية على تأسيس مجلة شبابية تعبر عن آراء جيله باستقلالية بعيدًا عن التبعية الحزبية، لكن بسبب الحرب لم تمكنه الظروف الامنية والمادية من اصدار اكثر من عددين. وللأسباب عينها، لم يتمكن من الإلتحاق بالجامعة ودراسة الهندسة المعلوماتية، بل لجأ الى اقليم كردستان العراق ليبدأ من هناك رحلته كصحفي مبتدئ في قناة كردية، وبعد ثلاث سنوات من العمل كمحرر ومنتج أخبار، قرر محي الدين السير على خطى أقرانه واللجوء الى المانيا.
وبعد انتقاله وإتقانه للغة الألمانية حصل محي الدين على تدريب في مؤسسة دويتشه فيله وهناك قدمت له فرصة العمل لدى المؤسسة ولمهاجر نيوز في ذات الوقت.
والجدير ذكره أنّ مهاجر نيوز يقدم الأخبار بخمس لغات هي العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الدارية والبشتوية، ويعود التنوع الثقافي لكادره اساساً لتوفر امكانية النشر بأكثر من لغة، وفي هذا الصدد، يرى محي الدين أنّ الموقع لا يستهدف بتأسيسه الصحافة الأوروبية فقط بل اللاجئين ايضاً من حيث تقديم المعلومات الصحيحة عن الحياة في أوروبا وليس الاعتماد على اقاويل مهربي البشر او بعض الصفحات التي تنقل الاخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي عن طبيعة الحياة في اوروبا مصورة اياها بالفردوس.
وقال محي الدين "يقدّم الموقع صوة متوازنة للمهاجرين حول اـلفردوس الأوروبي الذي رسمه مهربو البشر في اذهانهم، وذلك منذ تأسيس الموقع قبل سنتين"، وتحدّث عن صعوبات الوصول الى أوروبا، مروراً بكيفية تقديم طلبات اللجوء وكيفية الطعن بقرارات رفضت.
لقد عايش محي الدين الظروف نفسها وسلك ذات الطرقات التي سلكها اللاجئون، وهذا ما يسهل عليه عمله، فقد قال: "تجربتي كلاجئ تساعدني على معرفة ما يدور في أذهانهم قبل البدء برحلة اللجوء، وخلالها أدرك الصعوبات التي يواجهها طالبو اللجوء وحاجتهم الماسة للمعلومة في بلد جديد عليهم".
كما أنّ إلمامه بالتحديات التي تواجه اللاجئين من أجل الاندماج في مجتمع غريب عليهم يعتبر مفتاحًا آخر للنجاح في عمله مع مهاجر نيوز، حيث أوضح: "بالإستفادة من تجربتي اقوم بإعداد اخبار وتقارير وفيديوهات تقدم معلومات دقيقة سهلة الإستقبال للمعنيين من طالبي اللجوء واللاجئين".
وأضاف محي الدين أنّ مهاجر نيوز استطاع بشكل ما أن يكون صوتاً للمهاجرين، وقال: "نسعى جميعاً لهذا الهدف، ولعلّ ردود الفعل الإيجابية التي نتلقاها من قبل المهاجرين على وسائل التواصل الإجتماعي ومن جهات اوروبية هي مؤشر واضح على اننا نسير على الطريق الصحيح".
من خلال عمل محي الدين حسين مع مهاجر نيوز، فقد غطى العشرات من القصص الانسانية الى جانب الاخبار والتقارير التي توضح القوانين في البلدان الأوروبية والتعديلات التي طرأت عليها بعد موجة اللجوء في العام 2015. ويذكر قصص لا ينساها مثل "قصة عائلة سورية لديها طفلان صغيران اضطرت لمغادرة مدينة كيمنتس الألمانية بعدما شهدت تظاهرات عنيفة معادية للأجانب، وانطلقت نتيجة استغلال اليمين المتطرف لحادثة مقتل مواطن الماني على أيدي لاجئين وأكد محي الدين أنّ الموقع كان من أوائل وسائل الإعلام الأوروبية التي تحدثت عن قصة اللاجئة الناجية الايزيدية التي رأت مستعبدها الداعشي، وأوضح أنّ مهاجر نيوز ساهم بتسليط الضوء على قضيتها وقد لقيت القصة صدى واسعًا في المانيا. .
إضافةً الى ما تقدّم، فقد تمكّن محي الدين من خلال مهاجر نيوز أن يغطّي قضية الهجرة العكسية، أي عودة اللاجئين السوريين من المانيا الى تركيا، وهنا قال: "وثقنا طرق عودتهم وكيف يبيعون وثائق سفرهم الالمانية على طريق العودة واستطعنا ان ننقل قصص اشخاص هربوا من بلدانهم بسبب النزاعات والصراعات كبلدان ليبيا، اليمن، أفغانستان وسوريا بحثاً عن حياة آمنة".
وسبق للبابا فرنسيس المعروف بتأييده لقضية المهاجرين أن أشاد بموقع وجهد مهاجر نيوز، كما أكد المدير العام لدويشته فيله، السيد بيتر ليمبورغ في البرلمان الفرنسي على أهمية مهاجر نيوز كثمرة للتعاون الأوروبي.