يقدّم المركز الدولي للصحفيين وشبكة الصحفيين الدوليين ويبينارات ضمن منتدى تغطية الأزمات الصحية العالمية، والتي تهدف إلى تغطية آخر مستجدات "كورونا" عبر استضافة خبراء وأطباء وتقديم موارد للصحفيين. لمعرفة المزيد عن المنتدى إضغط هنا ويمكنك الإنضمام إليه من خلال فايسبوك.
شارك عدد من الصحفيين المتخصصين بإعداد تقارير حول الجريمة والفساد في جميع أنحاء العالم في ندوة نظّمها المركز الدولي للصحفيين عبر الإنترنت، في وقتٍ يستغلّ كثيرون جائحة "كوفيد 19" وتركيز الناس على معرفة آخر مستجداتها وتطوراتها للوصول إلى أهداف معيّنة.
وقد أدارت الجلسة لويز شيلي، مديرة مركز الإرهاب والجريمة والفساد في جامعة جورج ماسون وشارك فيها الصحفي ومؤسس IStories رومان أنين الحائز على جائزة نايت لعام 2020 المقدمة من المركز الدولي للصحفيين، إلى جانب المحرر العالمي في مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد أوبري بيلفورد وسفيرة SembraMedia ومراسلة CONNECTAS في جمهورية الدومينيكان إنديرا سويرو أكوستا.
وخلال الجلسة، تحدّث بيلفورد، الذي أجرى تحقيقات مع أنين وأكوستا حول الفساد الذي يرتكبه مسؤولون حكوميون، وعن قضايا متعلّقة بجماعات الجريمة المنظمة والشركات غير الأخلاقية في ظلّ تفشي "كورونا".
من جهته، رأى أنين أنّ القوانين والقواعد الجديدة ونقص المعلومات خلقت فرصة كبيرة للمقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موضحًا أنّ الفيروس أدّى إلى احتكار عدد من المنتجات في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، فعلى سبيل المثال "تمّ شراء أجهزة التنفس من منتِج واحد تابع لشريك بوتين السابق". ولفت أنين إلى أنّ "بعض أجهزة التنفس كانت تعتريها بعض العيوب، حتى أنّ شخصين توفيا في المستشفى بسببها".
إقرأوا المزيد: للصحفيين الإستقصائيين.. أدوات رقميّة مجانيّة لعمل أفضل
وتابع أنين أنّ الحكومة الروسية فرضت غرامات على المواطنين الذين لا يلتزمون بالحجر الصحي ويغادرون منازلهم، وقد طُلب منهم تنزيل تطبيق تتبع على هواتفهم، لكنّ المشكلة كانت بأنّ هذا التطبيق طُوّر بشكل سيئ، ما أدّى إلى تلقي أشخاص الذين لم يغادروا منازلهم أربع أو خمس غرامات يوميًا".
وتابع أنين مسار القضايا التي قدّمها الناس في المحاكم للطعن في الغرامات المفروضة عليهم بغير وجه حق، وتبيّن أنّ قاضيًا أصدر أحكامًا في 252 قضية خلال يوم واحد فقط، أي ما يعادل قضية واحدة كل 16 ثانية.
من يخرق القواعد؟
من جهتها، تحدّثت أكوستا عن الفساد الحكومي ومصالح الشركات الخاصة. وفيما وافقها بلفورد لا سيما بما يتعلق بالإنتفاع من المعدات الطبية والإختبارات، التي سارع الكثير من الناس لشرائها، لاكتشاف إذا ما كانوا مصابين بالفيروس. كذلك فقد اشترت شركة الأدوية الحكومية في إندونيسيا 300 ألف نسخة من الإختبارات والتي لا تزال تستخدمها لتقرير ما إذا كان يُسمح للأشخاص بالسفر أم لا.
وأضاف بلفورد: "اكتشفنا أيضًا أنّ أحد الإختبارات المنتجة من قبل شركة صينية كبرى والتي جرى فحصها وتبيّن أنّ نتائجها ليست دقيقة، تُباع بأسماء تجارية أميركية أو أوروبية كما لو أنها صُنعت في الولايات المتحدة أو هولندا وفي الحقيقة فقد صنعت في الصين وأعيد تغليفها".
وفي سياق مشابه، أوضحت أكوستا أنّ الحكومة في جمهورية الدومينيكان خصصت 1.8 بالمئة فقط من ميزانيتها للصحة ولم تحاسب مسؤولين حكوميين متهمين بالفساد، أمّا في دول مثل كوبا وكوستاريكا، حيث رصدت ميزانية كبيرة للأنظمة الصحية، فالأمر مختلف.
استخدام الجائحة لغايات سياسية
وفي روسيا، اتهم صحفيون الحكومة بأنّها لم تحدّد أعداد الوفيات بسبب "كوفيد 19" بشكل دقيق، بهدف إجراء الإنتخابات.
قال أنين: "عندما أعلنوا أنهم سيجرون الإنتخابات، تغيرت البيانات المتعلقة بعدد المتوفين بشكل مفاجئ"، مضيفًا أنّه "على الرغم من إعلان موسكو عن إنفاق مئات الملايين على شراء أقنعة ومواد مضادة للبكتيريا، إلا أنّ بعض الأطباء يشكون من نقص في المعدات". وقد كشف التحقيق الذي أجراه أنين وزملاؤه أنّه جرى إنفاق الأموال على الانتخابات وليس على احتياجات الأطباء والمستشفيات. كما استغلّت السلطة الفيروس لقمع وسائل الإعلام وتمّ الإدعاء على وسيلتين بسبب تغطيتهما لكيفية استجابة الحكومة لكورونا.
نصائح للصحفيين
وقد فوجئ بيلفورد وزملاؤه بالنتائج التي توصّلوا إليها خلال البحث في قواعد بيانات الدول الاسكندنافية، إذ وجدوا أن الديمقراطيات الليبرالية التي لها تاريخ طويل من الشفافية أصبحت من الأصعب في الطريق للحصول على البيانات أثناء "كورونا". وأشار بيلفورد إلى أنّ الوصول إلى المعلومات كان سهلاً أكثر في دول الكتلة الشرقية السابقة، التي كانت تضغط فيها الحكومات الأجنبية والمانحون من أجل أنظمة ذات شفافية أكبر.
وعن نجاحه كصحفي استقصائي خلال الجائحة، أوضح أنين أنّه يوجد نوعان من الصحفيين، الأول يتمثّل بالصحفيين الذين يقضون معظم وقتهم في التحقيق في ما هو موجود في قواعد البيانات على الإنترنت، أمّا النوع الثاني وهو الأسلوب القديم في إعداد التقارير، والذي يتطلّب مقابلة المصادر. ولفت أنين إلى أنّه يفضّل استخدام النهجين معًا، قائلاً إنّه يحب أن يلتقي الناس ويتحدث معهم.
ورأى أنين أنّ التحدي الرئيسي في إعداد التقارير خلال الحجر الصحي هو ضيق الوقت، فـ"كل شيء يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أنه كان علينا إنجاز التحقيق بسرعة، فأصبح يتوجّب استكمال التحقيقات التي كانت تستغرق عادة شهورًا أو سنوات في غضون أسبوع".
وفي هذا السياق، شدّدت أكوستا على أنّ العمل في تغطية تفشي فيروس كورونا عكس أهمية التعاون، والإنفتاح بين الدول، قائلةً: "قد نعتقد أنّ بعض القضايا تحدث فقط في بلدنا، ولكن القضية الصحية الطارئة تنسحب على جميع الدول".
ووافق أنين على هذه الفكرة، معتبرًا أنّ التعاون الدولي يمكن أن يساعد عندما لا يستطيع كل الصحفيين في كلّ الدول الوصول إلى الموارد أو الوقت أو البيانات، ولفت إلى أنّ "أفضل التقارير التي أعدّها كانت تلك التي تعاون فيها مع زملائه في مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد مع شركائه". وختم قائلاً إنّ "القوة الحقيقية للصحافة تكمن بتوحيد القوى وليس في التنافس".
رومان أنين هو صحفي ومؤسس IStoriesحائز على جائزة نايت لعام 2020 المقدمة من المركز الدولي للصحفيين والتي سيتلقاها خلال الحفل الذي سيقام في 5 تشرين الأول/أكتوبر على الإنترنت. يمكن التسجيل لحضور الحفل هنا.