مكافحة التضليل: كيف يتعامل كبار المحررين مع "التلوث المعلوماتي"؟

May 13, 2024 في مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة من الجلسة

في ظلّ تدفق معلومات خاطئة ومضلّلة حول أمور مرتبطة بحياة الناس اليومية والتي زادت مع الأزمة الصحية العالمية خلال انتشار "كوفيد 19"، يدير المركز الدولي للصحفيين برنامج مكافحة المعلومات المضللة بتمويل رئيسي من مؤسسة سكريبس هوارد، لتمكين الصحفيين وطلاب الصحافة من محاربة انتشار المعلومات المضللة في وسائل الإعلام الإخبارية.

وفي هذا السياق، عُقدت جلسة بعنوان "مكافحة التضليل الإعلامي: كيف يتعامل كبار المحررين الدوليين مع التلوث المعلوماتي في عام حاسم للديمقراطية؟"، خلال المهرجان الدولي للصحافة في بيروجيا، إيطاليا.

استهلّت الجلسة مديرة الأبحاث العالميّة في المركز الدولي للصحفيين، الدكتورة جولي بوسيتي بالإشارة إلى مشروع أبحاث عالمي يُدعى "تعطيل التضليل" والذي يتضمن إشراك باحثين في غرف أخبار دولية في خمس دول، ولفتت إلى أنّ العام 2024 يُعدّ حاسمًا للديمقراطية، ولا تزال وظيفة الصحافة المستقلة في تأمين وتعميم الحقائق وكذلك تدقيق الانتخابات أساسية، لكنّ هذه الوظيفة تُعرّض الصحفيين ومؤسساتهم الإخبارية لهجمات متزايدة على سلامتهم واستدامتهم وحريتهم، خصوصًا خلال فترات الانتخابات.

صورة

وفي حديثها عن التضليل والاستجابات التحريرية، رأت ماريا ريسا الفائزة بجائزة نوبل ومؤسسة موقع "رابلر"، أنّ الوضع ساء بشكل كبير وسيزداد سوءًا هذا العام، حيث جرت انتخابات في دول عدة مثل الهند وإندونيسيا وستشهد الولايات المتحدة دورة انتخابية في تشرين الثاني/نوفمبر. وأضافت: "نحن بالفعل لا نستطيع التمييز بين الحقيقة والخيال وأصبحت النماذج اللغوية الكبيرة آلات قائمة على الاحتمالات وليست متمسكة بالحقائق".

وتابعت ريسا: "هذا هو العام الثامن والثلاثون لي كصحفية ولم أعِش مثل هذه الأحداث من قبل. جزء من السبب هو أنّ هذه المنصات التي تربطنا تكافئ العنف حرفيًا والعنف على الإنترنت هو عنف العالم الحقيقي. عندما حاولت الحكومة الفليبينية إغلاق مؤسستي في كانون الثاني/يناير 2018، فقدنا 49% من إيراداتنا الإعلانية خلال أربعة أشهر. كنت آمل العمل على إيقاف الإفلات من العقاب في بلدي، يجب أن تكون القوانين في العالم الحقيقي هي القوانين في العالم الافتراضي". كما تطرقت ريسا للحديث عن "بروتوكول الماتريكس" وهو مشفر ويربط الناس ببعضهم البعض عبر الانترنت، وأوضحت أنّ الصحفيين يغذون الآلة بالمواضيع، لذلك فإنّهم يتحكمون بها.

توازيًا، تحدثت ناتاليا أنتيلافا، المؤسسة المشاركة ورئيسة تحرير Coda Story عن تجربة مؤسستها، وقالت إنّ فريقها يحاول "التنقيب في جذور المشكلات العالمية وتحديد الأنماط". وأضافت: "أعتقد أنّ الكثير من العمل الذي نقوم به يجب أن يكون جزءًا من كل شيء، صحيح؟ ولكن بمجرد أن تقوم بتقصي الحقائق ونشرها بشكل رد فعل، أنت في وضع دفاعي. لذلك ما نحاول القيام به هو نوع من الصحافة الاستباقية، حيث نحاول تحديد القصص ورؤية تأثير الفراشة لشيء يظهر في مكان ما ثم يظهر في مكان آخر".

وتطرّقت أيضًا إلى مفهوم الأوهام الجماعية، والذي يعني أنّ "عقولنا مبرمجة بشكل فطري لتصديق الصوت الأعلى الذي يكرر نفسه أكثر. وتتمحور المنصات الكبرى حول تكرار وتضخيم الأصوات، لذا لا عجب بأن نجد أنفسنا في هذه الفوضى".

من جهتها، تحدثت الكاتبة في فولها دي ساو باولو، باتريشيا كامبوس ميلو عن النظام البيئي للمعلومات والذكاء الاصطناعي، وقالت: "أعتقد أنّ "تقديم الحنين" في المحتوى هو مثال جيد على رؤية الواقع الذي يقدم للناس، وهذا بالضبط ما تفعله الحكومات الاستبدادية على المنصات والأمر الخطير هو أننا نخسر واقعنا المشترك وبدونه لا يمكن للصحافة أن تبقى على قيد الحياة، نعم، مثل الحقائق البديلة المقبلة".

أمّا برانكو بركيتش، رئيس تحرير ديلي مافريك فتطرّق خلال حديثه إلى حملة التضليل المعلوماتي عبر الإنترنت، وقال: "أعتقد أنه من المهم جدًا أن نفهم أنه يجب علينا دائمًا أن ندرك ماذا سنغطي، وفي هذا الإطار قمنا مؤخرًا بتخصيص 24 ساعة لتسليط الضوء لقرائنا في جنوب أفريقيا على ما يمكن أن يكون مثيرًا للاهتمام، وحدثت ردة فعل مثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي". وتابع: "في جنوب أفريقيا، كانت أكبر مشكلة شعر بها الفقراء في البلدات، حيث يشكلون 70% من السكان، كان هناك نقص حاد في الغذاء ونقص في كل شيء آخر تقريبًا، وكان هناك سماسرة أجانب ولاجئون من زيمبابوي. في أقل من شهرين، شُنّت حملة تضليل معلوماتي عبر الإنترنت تشير إلى أن المشكلة بأكملها بسبب الزيمبابويين، وكانت من أسوأ وأكثر الحملات فعالية".

وأضاف: "قمنا بعمل وثائقي حول الهجمات على الصحفيات وبعضهن فعلًا تعرضن من عالم الإنترنت إلى العالم الحقيقي".

من جهتها، أشارت ناتاليا أنتيلافا، المؤسسة المشاركة ورئيسة تحرير Coda Story إلى أنّ البرازيل شهدت محاولة انقلاب في 8 كانون الثاني/يناير 2023، كانت مشابهة لما حدث في الولايات المتحدة في 6 يناير 2021، وكانت نوعًا من إعادة اجتماع لمن ينكرون نتائج الانتخابات ويحاولون تغيير النتائج أو الإطاحة بالحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، وقالت: "ما أدركناه بشكل ما هو أنّ هذه حملة دائمة من الآن فصاعدًا في عدة دول، يعني القول بأن الانتخابات مزورة هو مثل انقلاب وقائي وسيتم استخدامه دائمًا، وهذا يعني أن علينا أن نقوم بمراقبة وتغطية هذه العمليات المعلوماتية بشكل دائم. وهناك ثلاث جبهات مختلفة نعمل عليها، من جهة نحن نراقب هذه العمليات التأثيرية ونحاول تتبع من يمولها باستخدام عدة أدوات، ومن ناحية أخرى نتتبع التشريعات، هناك حركة منفصلة تقوم بضغوط عنيفة ضد أي نوع من التنظيم التكنولوجي في البرازيل وتمكنت من منع التشريع لعدة سنوات، وهذا يعني أن لدينا هذا العام انتخابات بلدية بأكثر من 500 مدينة ستختار رؤساء بلديات وأعضاء مجالس، وليس لدينا أي نوع من التنظيم بشأن الحملة الانتخابية عبر الإنترنت. والجبهة الثالثة هي هل تقوم المنصات فعلًا بتنفيذ قواعدها. لذلك أعتقد أن توحيد هذه الجبهات يساعدنا في تنظيم التغطية في غرفة الأخبار".

هنا شدّدت بوسيتي على الصحافة المسؤولة المتعلقة بالتكنولوجيا الاستبدادية أيضًا وتطرّقت إلى وظيفة الصحفيين في سياق التهديدات المتزايدة والمستمرة للديمقراطية.

وختمت ريسا بالإشارة إلى وجود غرف أخبار في دول عدة ومن المهم جدًا التعاون بين الصحفيين لا سيما لتمكين الحقائق.