مدخل للتغطية الصحفية بواسطة الوسائط المتعددة ومستقبل الاعلام

بواسطة omemarian
Oct 30, 2018 في الصحافة الرقمية

**هذه المقالة هي واحدة من سلسلة مقالات عن التغطية بالوسائط المتعددة بقلم الصحفي والمدون الإيراني أوميد معماريان.**

كان الصحفيون وحتى السنين القليلة الماضية يغطون الأحداث من خلال منبر واحد، ولذلك لم يتطلب منهم إلا المعرفة بوسيطة واحدة -- مثلا، وسيطة سمعية أو مرئية، مثل الفيديو والصورة والكتابة.

وخلال السنوات القليلة الماضية، ومع إنخفاض أسعار المعدات الصوتية والمرئية الحديثة والزيادة في المنابر السمعية والمرئية، اصبح العديد من الصحفيين بارعون في عدة وسائط.

وتقدم الوسائط المتعددة طرق افضل للصحفيين في التخاطب مع الجمهور وسرد الأحداث. فالإعلام المرئي والسمعي أو الإعلام المكتوب يعطي معلومات محدودة، لكن أدوات الوسائط المتعددة قامت بكسر الحواجز المحيطة بعملية سرد القصة. (وكمثال على التغطية الممتازة من خلال الوسائط المتعددة، ألق نظرة على "التكلم مع الطالبان" وهو تقرير عن سيرة مقاتلين من الطالبان نشر بواسطة صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية).

وبسبب الفوائد الكثيرة للوسائط المتعددة، فإن كليات الصحافة حول العالم تقوم الآن بتوفير برامج الوسائط المتعددة بالإضافة الى ماتقدمه من دروس الإعلام المرئي والسمعي والمكتوب. مثل هذه البرامج تثري الصحفيين بمهارات عديدة تمكنهم من تغطية الأحداث من خلال عدة منابر.

talking to Taliban


كيفية إنتاج القصص من خلال الوسائط المتعددة

إن اهم قرار يجب أن يتخذ عند التعامل مع الوسائط المتعددة هو إختيار المنبر المناسب لعرض القصة. وللقيام بذلك، يجب معرفة المكون الرئيسي للقصة. مثلا: القصة التى تعرض بشكل أفضل عن طريق الكتابة يمكن أن تدعم بالصورة والصوت. وبالنسبة للقصة التي تعتمد بشكل أكبر على الرؤية، يمكن أن يكون التركيز الأكبر فيها على الصورة.

البعض يرفض أن يتم إختيار طريقة التغطية قبل أن يتم جمع مكونات الخبر. مثلا، لو إختار الصحفي العمل على تقديم القصة من خلال الصورة وبعد ذلك واجهته صعوبات تقنية، يخسر الصحفي بذلك القصة. ولكن بوجود طرائق عديدة لجمع الخبر، لو إنتهى المنبر المفضل بالفشل، سيكون بالمستطاع تقديم القصة من خلال منبر آخر.

ولتجنب المشاكل خلال العمل على القصة، يجب التخطيط مسبقاً. يجب أولا تحديد الأدوات التي ستسخدمها في جمع المعلومات، واختبارها مسبقا. طالما كان الصحفي ملماً بمعدات العمل والمصادر المتوفرة لجمع المعلومات، فسيكون مستعداً أكثر للعمل. والأكثر من ذلك، فكما يقوم الصحفيون التقليديون بدراسة الموضوع قبل تغطيته، فعلى الصحفيين الذين يستخدمون الوسائط المتعددة أن يقوموا بدراسة المواضيع التي يقومون بتغطيتها.

وأخيرا، فإن العمل في غرفة أخبار التي تعتمد على الوسائط المتعددة يتطلب جهداً جماعياً. وكمثال على العمل الجماعي، ألق نظرة على "بيجنغ بيت"، وهو تقرير عن الصينيين في بكين وسان فرانسيسكو في الولايات المتحدة تم تقديمه بوسائط متعددة، ونشر على الموقع الاليكتروني لصحيفة "واشنطن بوست". وقام بإنتاج التقرير مجموعة من الطلاب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

Beijing Beat

الإستعاضة عن النص بالصورة والصوت

لا يزال النص ركناً مهما من أركان التقرير المقدم من خلال الوسائط المتعددة. في كثير من الحالات، تكون القصص مرتكزة على النص، ومدعمة بالصورة والصوت. ومع ذلك فإن الصحفيين يعتمدون وبصورة متزايدة على الوسائط المتعددة لتقديم الجوانب المختلفة للقصة. في كثير من تلك القصص، يستعمل النص لتقديم معلومات مختصرة، تاركاً الصورة والصوت لسرد القصة.

وخاصة مع تطور البرمجيات في السنين الأخيرة، "تستطيع الوسائط المتعددة تحسين القصة المكتوبة" حسبما يقوله باباك ديغانبيشه، وهو مراسل مجلة "نيوزويك" الذي عمل في العراق وإيران وأفغانستان. فمثلاً، المقالات الصورية التي يصاحبها السرد المسموع ومقاطع مرئية -- طولها بين دقيقتين و خمس دقائق -- تعتبر ممتازة وطريقة مثلى لدعم القصة المكتوبة والمنشورة على الإنترنت.

ويقول ديغانبيشه أيضا أن الأشكال والخرائط التفاعلية تجذب القارئ بشكل كبير، بالإضافة الى القصة المكتوبة. وهذه "اللعبة" التفاعلية والتي نشرت على الموقع الاليكتروني لصحيفة "سان فرانسيسكو كرونكل" تساعد المستخدمين على استيعاب المشكلة التي تواجه المنظومة المائية في المدينة.

دور المنابر المتعددة في تقديم القصة

طالما أن جمع المعلومات عن طريق الوسائط المتعددة يتطور، فإن أذواق المتلقي تتطور أيضاً، ومع ذلك يزداد الطلب. وبسبب ذلك فإن أكثر التقارير على الإنترنت تكون مصحوبة بالصورة والصوت والفيديو..

تعتبر صحيفة "نيويورك تايمز" مثالاً جيداً على وكالة إخبارية تتجه بعيداً عن أسلوب طرح المعلومة من خلال منبر واحد. وتقوم بذلك من خلال إدخال منابر متعددة لتقديم القصة. (وهذا مثال على تقرير مكتوب لـ "نيويورك تايمز" مدعوم بوسائط متعددة). ويقوم المحررون بالطلب من مراسليهم بتسجيل المقابلات وإالتقاط الصور ليتم إضافة الوسائط المتعددة لاحقاً بعد أن يتم إرسال القصة. عادة يقوم المراسل بإلتقاط الصور والفيديو.

وتقول غابرييلا كالر، المراسلة في "داي ولت" الألمانية، والتي عملت بالوسائط المتعددة لعدة سنوات، تقول عند إستخدام منابر متعددة لتقديم القصة، يجب أن يدعم النص والصوت والفيديو أحدهم الآخر، وليس أن يردد أحدهم معلومات الآخر. وتضيف "يجب على القارئ أن يأخذ دوراً فاعلاً في تحديد أي من المنابر سيستخدم وبأي تسلسل."

وتضيف كالر إن أحد أهم المزايا في توفر مكونات متعددة "أنه بإمكانك أن توسع مديات (القصة) بشكل كبير من خلال إدخال معلومات إضافية لايمكن إدخالها في القصة المكتوبة، بسبب المساحة أو المضمون".

ولكن يضل الإنتباه على النص مهماً. وتقول كالر، غالباً "يكون الشكل في القصص المقدمة من خلال الوسائط المتعددة أهم من المضمون. يشعر القائمون على المواقع الاليكترونية أنه يجب عليهم أن يقدموا وسائط متعددة للقراء، ولايهم إن كانت مفهومة أم لا".

--

معماريان هو كاتب ومدون إيراني حائز على جوائز وله مقالات نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" و "سان فرانسيسكو كرونكل" و "لوس أنجلوس تايمز". وهو صحفي يستخدم الوسائط المتعددة، وتخرج من جامعة كاليفورنيا في بيركلي.