يمكننا تعريف الصحافة الخدمية ببساطة بأنها "محتوى يمكن للناس استخدامه في حياتهم العملية"، أو كما يقال باللغة الإنجليزية “News you Can Use”بمعنى آخر فإننا حين نكتب للناس موضوعاً خدمياً عن كيفية إصلاح سياراتهم بأنفسهم إذا تعطلت فنحن هنا لا نقدم لهم فقط المعرفة، مثلما تفعل باقي أنواع الصحافة ومنها الصحافة الإخبارية، بل نعطيهم معلومات يمكنهم تنفيذها بأيديهم فتصبح حياتهم أسهل وأفضل.
وفي السنوات الأخيرة بدأت بعض وسائل الإعلام العربية تدرك أهمية هذا النوع من الصحافة، وتسعى لتقديمه للناس الذين يبحثون عنه بدورهم، لكن تظل الأزمة هي قلة المصادر العربية التي يمكن للصحفيين التعرف من خلالها على عالم الصحافة الخدمية.
تقول الصحفية المصرية نجلا أشرف، مسؤولة التحرير بموقع كايرو 360 المتخصص بشكل كامل في الصحافة الخدمية، ومؤسسة مبادرة اكتشف مصر الخدمية، إن أبسط تعريف لهذه الصحافة هو "تقديم محتوى يمكن الناس من إجادة مهارة جديدة، أو معرفة مميزات أو عيوب شيء ما".
وسواء كان المحتوى الذي يقدمه صناع الصحافة الخدمية للناس يبدو للبعض مهم جداً، أو حتى بسيطاً، فهو في النهاية أمر خدمي بعض الناس يحتاجه، بغض النظر عن رأينا فيه، على سبيل المثال لو كتبنا مقالاً يشرح للناس كيفية ربط ربطة العنق بأنفسهم فقد يرى البعض أن هذا المقال غير مهم أو تافه، لكن في الحقيقة يمكن للكثير من الناس أن يكونوا في حاجة لمعرفة هذه المهارة، لذلك فإنّ أول مبدأ فيما يخص الصحافة الخدمية هو أن كل ما يعرض للناس مهم وبالتأكيد هناك منهم من يبحث عنه ويحتاجه.
تصنف نجلا الصحافة الخدمية إلى عدة أنواع منها صحافة الأرقام التي تقدم خدمة، وفي هذه القائمة تذكر أمثلة منها "خمس خطوات تمكنكم من تعلم مهاراة القراءة السريعة"، أو "خمس متاحف في القاهرة يمكنكم زيارتها في عطلة نهاية الأسبوع" وغيرها من الأفكار الأخرى.
هناك نوع آخر مهم يعلم الناس مهارة تسهل حياتهم بشكل عملي، مثل كيفية عمل وجبة غذائية معينة بأنفسهم، أو كيفية إصلاح أعطال هاتفهم الجوال البسيطة بأنفسهم، أو كيفية تصليح الحاسوب الشخصي في المنزل، وغيرها من الأفكار.
كذلك يوجد نوع تعتبره أشرف مهم جداً، وهو هو الصحافة الخدمية التي تجعل القارئ قادرًأ على اختيار الأفضل له، ومن ضمن الأمثلة على هذا النوع المقالات التي تعرف الناس مثلاً على أفضل الجامعات في مدينتهم، أو أفضل المدارس التي يمكن لهم إلحاق أبنائهم بها، أو معرفة أفضل الهواتف في الأسواق، أو كيف يشترون كاميرا مناسبة لاحتياجاتهم، وأفكار أخرى في نفس هذا السياق.
وطبعاً لا يمكننا أن ننسى الصحافة التي تقدم نصائح تتعلق بالموضة والغذاء والعلاج والسفر.
ولكتابة صحافة خدمية محترفة ننصحكم بتعلم مهارة اختيار المصادر التي سيعتمد عليها موضوعكم، على سبيل المثال إذا كنتم ستنفذون فكرة عن أفضل الجامعات في مدينة ما فيجب عليكم التواصل مع مصادر موثقة مثل مراكز بحثية مثلاً تصنف أفضل الجامعات بناء على معايير معينة، أو الاطلاع على تقارير محلية ودولية تقيم الأفضل والأسوأ فيما يخص المنشآت الأكاديمية وهكذا. ولو كنتم ستكتبون موضوعًا يعلم جمهوركم كيفية إصلاح الهاتف الجوال بأنفسهم فيجب وقتها التواصل مع مهندس محترف في هذا المجال قادر على شرح المعلومات بطريقة سلسلة ومدرك أنه لا يتحدث مع محترفين في التصليح بل مبتدئين.
وبعض أنواع الصحافة الخدمية يحتاج تقديمها للجمهور أن يكون بالفيديو أو بالصور على سبيل المثال لو كنتم ستصنعون مادة صحافية خدمية عن كيفية تصليح شيء ما في المنزل فسيكون أجمل لو تم عمل فيديو يشرح للناس الأمر بطريقة عملية، أما لو كانت وسيلة الإعلام التي تعملون بها مطبوعة وليست إلكترونية أو تليفزيوينة فيمكن لعدة صور وشرح مفصل بالكلمات أن يجعلا الأمر مفيد أكثر للقارئ.
وهناك فرق كبير بين الصحافة الخدمية وبين الإعلان كما تقول نجلا، فالإعلان يعرض الإيجابيات فقط لسلعة أو منتج ما، ويكون مدفوع الأجر، لكن الصحافة الخدمية حين تتناول الخدمة أو السلعة باسمها فهي تقدم إيجابياتها وسلبياتها للقارئ، وتفعل ذلك فقط كخدمة للقارئ وليس لأي أهداف تجارية، على سبيل المثال يمكن كتابة موضوع نقدي عن تجربة تناول طعام في أحد المطاعم، ونخبر القارئ برأينا كاملاً في التجربة من حيث الإيجابيات والسلبيات وهو الأمر الذي يقوم به موقع كايرو 360 الذي تعمل به نجلا.
هناك كتاب مترجم للعربية موجود في المكتبات العربية سيعرفكم في جزء كبير منه على طرق لتقديم صحافة خدمية شيقة لجمهوركم، وهو كتاب "يرجى الانتباه" من تأليف كل من بول بي براون وأليسون دافيز.
ولو كنتم تجيدون الإنجليزية فهذه روابط مفيدة لكم:
يمكنكم دراسة الصحافة الخدمية عن بعد في مدرسة الصحافة المفتوحة من خلال هذا الرابط.
كما يمكنكم قراءة تقرير عن الصحافة الخدمية من خلال هذا الرابط.
ستجدون أيضاً مقال عن الصحافة الخدمية في الغارديان عبر هذا الرابط.
ومقال آخر عن خمس أسباب لعشق الصحافة الخدمية ستجدونه هنا.