عندما قرر الصحفي ستيف باتري، الذي عمل في صحيفة مطبوعة لفترة طويلة، الإنخراط في تجربة إخبارية إلكترونية في واشنطن، فإنه لم يرسل سيرته الذاتيه، أو يرسل بريداً إلكترونياً أو حتى يجري مكالمة هاتفية.
أرسل باتري رسالة بخصوص الوظيفة، من 140 حرفاً –عبر تويتر- لجيم براندي، رئيس التحرير التنفيذي السابق لواشنطن بوست، والعقل المدبر لموقع TBD.
واليوم، يدير باتري المجتمع المحلي في TBD ومحطة التلفزيون وموقع الانترنت الذي يقدم الأخبار المحلية والمعلومات حول منطقة واشنطن.
وتظهر حكاية باتري كيف انقلبت معادلة العثور على عمل في بيئة وسائل الإعلام الجديدة اليوم رأساً على عقب. ولكي يكونوا قابلين للتسويق في هذا المجال الذي يمر بمرحلة انتقالية، على الصحفيين اليوم القيام بأكثر من مجرد إعداد التقارير الصحفية؛ بل يجب أن يعرفوا هذه الصناعة والجمهور، ويكونوا على دراية جيدة بمجال التكنولوجيا الإلكترونية.
وقال برادي الأسبوع الماضي في محاضرة ألقاها في جامعة جورج تاون حول "إطلاق خدمة أخبار"، أنه عندما ملأ مديروTBD المناصب الخمسين الشاغرة في المؤسسة الربيع الماضي، كانوا يبحثون عن صحفيين يمكن أن يعملوا ليس فقط كصحفيين، ولكن أيضاً كـ "قيمين" و "مدراء مجتمع"، TBD هو مزيج من التقارير التقليدية، وتجميع وإشراك المجتمع المحلي حول المواضيع المحلية بما في ذلك أخبار الطقس والسفر والرياضة والترفيه. يتضمن الموقع مواداً مختارة من 163 مدونة، فضلاً عن الأخبار المحلية والتغطية التلفزيونية.
وقال برادي، أن المرشحين الأكثر قدرة على المنافسة كانوا الأكثر خبرة ودهاءً في وسائل الاعلام الاجتماعية، وفهموا كيف سيتواصل الموقع مع بيئة وسائل الإعلام المترابطة في هذه الأيام.
وقال برادي في الحدث الذي نظمته جامعة جورج تاون "هناك فرق بين معرفة الإنترنت، وبين فهمه حقاً". وأضاف "وهذا يأتي عبر استخدام [الويب] بشكل جنوني. "إن كنت في حفلة وقال شخص ما أنه عليك الظهور على موقع "Foursquare" (موقع إلكتروني لتحديد مكان التواجد الجغرافي) فإن "عليك العودة إلى البيت واستخدامه".
يوافق المحاضر مات تومبسون، مدير إنتاج الافتتاحية في الاذاعة الوطنية العامة (إن بي آر)، أن التجريب وعدم الخوف على شبكة الإنترنت كان من العوامل الرئيسية عندما بدأت "إن بي آر" التوظيف في مشروعها الإعلامي الجديد "مشروع آرغو". لكن العامل الرئيسي للتعيينات الجديدة في "مشروع آرغو" كان "الشغف".
ويتألف "مشروع آرغو" من 12 موقعاً إلكترونياً ذات مواضيع تركز على الأخبار المحلية جنباً إلى جنب مع محطات إذاعة "إن بي آر" في جميع أنحاء الولايات المتحدة - الموسيقى المحلية في فيلادلفيا، العرق والطبقات في واشنطن، والتغير المناخي في كيب كود بولاية ماساشوستس. لأن كلاً من المواقع الـ 12 يخدم جمهوراً معيناً، يجب على كل من المدونين ومديري المجتمعات تقديم أصوات موثوقة حول أي موضوع.
المدونة في مشروع آرغو DCentric آنا جون مقيمة لفترة طويلة في واشنطن، وأحد مؤسسي موقع Sepia Mutiny، والأخير عبارة عن مدونة ومنتدى ثقافي للجيل الثاني من المهاجرين من جنوب آسيا. في موقع Multi-American في جنوب كاليفورنيا، تمتعت القيمة ليزلي بيرستين روجاس بعدة سنوات من الخبرة في إعداد التقارير عن قضايا الهجرة.
معظم المؤسسات الإعلامية- الحديثة أو القديمة- أصبحت ذات عمليات متخصصة، وفقاً لتقرير حالة وسائل الإعلام الإخبارية الصادر عام 2010 عن مشروع بيو للتميز في الصحافة، كما أصبحت "أكثر تحديداً في التركيز، والعلامة التجارية، والاستقطاب".
ووافق المحاضرون على أنه أن تكون قادراً على إدعاء التخصص أو الخبرة في مجال، أمر لا يتجزأ.
وقال طومسون "يمكنك القيام بالكثير مع شغفك بالموضوع ومعرفة كيفية إيصال هذا الموضوع إلى جمهور واسع"، "لن يقودك هذا باتجاه خاطئ أبداً".
ويرى توم ماتسكي، الرئيس السابق لمكتب واشنطن في "سي بي اس نيوز"، وأستاذ الصحافة في جامعة جورج تاون، أن "معرفة جمهورك" ربما هو الشيء الأهم لطلابه ليتعلموه. وقال ماتسكي في نهاية الحدث أن أيام "صوت الله" قد ولت، مشيراً الى دور وسلطة الصحفيين المطلقة في الماضي. وأضاف "الآن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ليس فقط ما يرغب الناس بمعرفته، وإنما أيضاً لماذا يرغب الناس بمعرفة ذلك".
وشجع طومسون الصحفيين الطامحين على تعلم كيفية بناء وإشراك المجتمع على الانترنت أيضاً. "أنشأ موقعاً أو مدونة، واستقطب جمهورك".
للبدء في بناء حضور أو تواجد على شبكة الإنترنت، حث كارلوس رويغ، مدير الجلسة، وأستاذ الصحافة في جامعة جورج تاون، حث الطلاب على مشاركة المحتوى على الشبكات الاجتماعية وإنشاء موقع على شبكة الانترنت بملف شخصي مرتبط بهم. رويغ هو نائب الرئيس في قسم الإعلام الإلكتروني واستراتيجيات البث في شركة "Home Front Communications"، وهي شركة متخصصة باستراتيجيات وسائل الإعلام وإنشاء المحتوى، مقرها واشنطن.
وقال رويغ: "أبرز منتجاتك للعلن بكل فخر"، وأضاف "هذه هي بطاقة دعوتك". لكنه حذر: "سيطر على الطريقة التي تكون فيها ظاهراً أو ممثلاً" على شبكة الإنترنت. "إن لم تسيطر عليها فستسيطر عليك".
وتعتبر كريستينا لوكيدو، طالبة الصحافة في جامعة جورج تاون، 23 عاماً، والتي غطت مسابقة الرياضة في بالتيمور للعامين السابقين لصالح موقع PressBox، تعتبر نفسها صحفية متنوعة الاهتمامات- وهي تعمل لموقع PressBox وتكتب للصحافة المطبوعة وتنتج برنامجاً تلفزيونياً. وقالت أنها تعمل باستمرار على تطوير مهاراتها في الشبكات الاجتماعية لتابعة لموقع PressBox.
وقالت: "لقد شعرت دائماً أني استطيع اختيار المشاركة أو الانسحاب [في الشبكات الاجتماعية]، وقد اخترت الانسحاب". وأضافت "لكن ما أتعلمه أن نصف هذا العمل هو الصحافة، ونصفه الآخر هو التسويق، وعليكم أن تعوا ذلك".
وأشار برادي، أنه حتى ذلك الحين فإن أدوات جديدة آخذة في الظهور باستمرار. "عليكم أن تبقوا منفتحي الذهن". "الصحافة في مرحلة انتقالية هائلة ولم نقطع حتى ربع الطريق بعد".