كيف يحصل الصحفي على صور في مجتمعات ترفض اختراق الكاميرا؟

بواسطة سكينة اصنيب
Oct 30, 2018 في الصحافة متعددة الوسائط

بات الحصول على صور صحفية في مجتمع لا يشجّع التقاط الصور ويعتبر كل من يحمل آلة تصوير باحثًا عن المشاكل، أمرًا صعبًا، ويكاد يكون مستحيلاً خصوصًا إذا أراد المصوّر الصحفي الحصول على مقطع فيديو لتوثيق حادثة أو التقاط صور ثابتة ناطقة وجميلة تحتاج وقتًا لإيجاد زاوية رؤية لتحمل الى القارئ الرسالة المطلوبة.

وهذا ما يدفع بالكثير من الصحفيين الى البحث عن طريقة لالتقاط الصور بدون إثارة ضجة من قبل الرافضين لهذا الأمر، ورغم أنّ الأمر قد يستغرق وقتًا أطول إلا أنه أفضل من مواجهة ردود أفعال قوية، قد تصل برافضي الصور الى حد الهجوم على المصور والإستيلاء على الكاميرا أو الهاتف الذي يستخدمه في التصوير.

ومع انتشار "سلطة الصور" على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت مهمة المصورين الصحفيين أصعب مما كانت، وازداد تخوّف الناس من استغلال صورهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف خصوصًا واتسآب. ومع استمرار انتشار التقنية الحديثة واطلاع الناس بشكل ادق على خصائصها التي تسمح للكاميرات بالدخول بلا استئذان في كل مكان متحدية المنع والرفض الاجتماعي، يحاول الصحفيون اتباع تقنيات غير تقليدية للحصول على صور جيدة للمواد التي يعدونها حتى لو استغرق ذلك وقتا أطول من كتابة مادة.

ويلجأ المصورون الصحفيون الى استعمال كاميرا ذات عدسات التقريب التي تحتوي على إمكانية تغيير البعد البؤري للعدسة حيث يمكن للمصور تقريب أي شيء بعيد وبالتالي الحصول على صورة لمشهد بعيد تحتوي على تفاصيل أكثر بدون الحاجة الى التنقل الى مكان الحدث الذي ربما يكون خطرا على الصحفي المتواجد فيه.

ويختار بعض الصحفيين أسطح المنازل أو تحت الأشجار المحيطة بالمكان ليكون بعيدًا عن الأنظار والأخطار التي قد تهدد سلامته، فحين يقع حادث لا يهتم الناس في موريتانيا على سبيل المثال بالحادث بقدر اهتمامهم بمَن يصور وينقل تفاصيل الخبر، وقد يتجاوز تدخلهم منع الصحفي الى تهديده وضربه حين لا يتوقف عن التصوير.

ويلجأ بعض الصحفيين الى شخص يساعدهم في مراقبة المكان والتدخل حين يسوء الوضع وأحيانا يختارون شخصًا من المكان نفسه لمساعدتهم في اقناع الناس بأهمية أخذ الصور والسياق الذي ستنشر فيه.

ويقول الصحفي أحمدو ولد سيدي المختار إنّ "تخوف الناس من أخذ الصور سببه السيّاق الذي ستنشر فيه بسبب تجاربهم السابقة أو نظرتهم القاصرة عن الصحافة التي تهتم فقط بنشر الفضائح بحسب وجهة نظرهم، وأيضًا بسبب التقاليد الغريبة التي تحكم المجتمع ويحاول الصحفيون تسليط الضوء عليها رغم رفض المجتمع انتقاد تقاليده وممارساته لذلك فهم يمنعون ويهاجمون كل من يحاول اختراق أنسجة المجتمع".

ويضيف أن "الخبرة والتدريب والموهبة التي يكتسبها الصحفي على مر الأعوام لا تساوي شيئا في مجال اخذ الصور المناسبة للأحداث التي يغطيها والموضوعات التي يكتب عنها لأنها تحتاج المرونة والتفهم واحترام خصوصية الناس وتقبل الهجوم احيانا والبحث عن طرق غير تقليدية لأخذ صور بدون الوقوع في مشاكل مع المحيط".

وعن الأساليب التي يتبعها في مهمة أخذ الصور يقول الصحفي أنه لا يستعمل أي شيء يشير الى طبيعة مهنته كالقميص أو الجاكيت الخاص بالصحافة ويستعمل آلات تصوير بسيطة او هاتفه الشخصي لالتقاط اكبر قدر ممكن من الصور في ظرف وجيز ويختار اماكن محددة حتى لا يثير الانتباه خلال تحركاته خاصة اذا كانت هناك تجمعات كبيرة.

ويحاول بعض الصحفيين الذين يواجهون صعوبات في التقاط صور لمواضيعهم الاستعانة بالصور المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في الأحداث المهمة التي لم يستطيعوا الحصول على صور لها، حيث توفر صفحات المدونين والنشطاء والشخصيات السياسية صورا مهمة ذات دقة عالية.

ويعتبر العديد من المصورين الصحفيين أنّ مهنتهم هي مهنة المتاعب والأخطار لأنها مرتبطة بالتواجد في مناطق الأحداث ونظرا لخصوصية وحساسية الأماكن التي يعملون بها واعتراض المجتمع على عملهم، ويطالب المصورون الصحفيون خاصة الذين عوقبوا بسبب كاميراتهم بتوعية المجتمع ونشر "ثقافة الصورة" ومساعدة الصحافة المحلية على الرقي بمستوى العمل، وما ينشر من صور خاصة أنّ معظم الصحفيين أصبحوا يستخدمون صورًا متكررة للأحداث التي يغطونها والمواضيع التي يكتبون عنها.