عقدت الجلسة الأولى من السلسلة التدريبية حول "التغطية الصحفية في الأوضاع الخطرة والأزمات" التي يقدّمها منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية، الذي أطلقه المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) بالشراكة مع شبكة الصحفيين الدوليين (IJNet) التابعة له، في العشرين من شهر حزيران/يونيو 2022 تحت عنوان "كيف تصنع التأثير عند تغطية قضايا الهجرة واللجوء؟"، بالتزامن مع احتفاء المركز الدولي للصحفيين باليوم العالمي للاجئين، وشكلت الجلسة أهم استراتيجيات ومفاتيح التخطيط والعمل على قصص صحفية من شأنها أن تصنع التغيير الإيجابي في حياة اللاجئين والمهاجرين.
وقدّمت الجلسة المدربة ميس قات وهي صحفية استقصائية، تركز على تغطية مناطق النزاع، لا سيما في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وشاركت بتحقيقات كبرى عابرة للحدود ونشرت تحقيقات استقصائية متخصصة بالهجرة وقضايا اللاجئين في صحف ومواقع عالمية مثل الجارديان وديرشبيغل وتايمز.
ماذا نعني بالتأثير؟ وما هي القصص المؤثرة فعلًا؟
أوضحت قات أنّ التأثير هو إحداث تغيير، قد يكون بعقليات أو سلوكيات أو أشخاص أو مؤسسات أو دول، أو ينعكس على حياة الناس ويحسّن من نوعية حياة الأشخاص بطريقة أفضل، وفي بعض الأحيان يكون له علاقة بتغيير خدماتي؛ فالقصة الصحفية التي يتم إنتاجها قد تحسّن أوضاع اللاجئين في أحد المخيمات وقد توصل لهم المياه أو خدمات لوجستية معينة، والسلطة المؤثرة على المخيم تحسّن الخدمات فيه. وبالحديث عن القصص المؤثرة، تطرقت قات إلى قصة صورة الطفل إيلان التي تعد واحدة من الأيقونات الصحفية التي نشرت في العام 2015 خلال أزمة اللاجئين الكبرى وأحدثت صدى واسعًا وتأثيرًا كبيرًا، عندما التقطها أحد أفراد الشرطة وكانت لجثة الطفل على أحد الشواطئ التركية.
وأشارت قات إلى أنّ القصة المؤثرة أحيانًا تكون بسيطة جدًا أو صورة لطفل بريء أو قصة كبيرة أو تحقيقًا كبيرًا تعمل عليه غرفة أخبار تعاونية، موضحةً أنّ القضايا المؤثرة ليست بالقطع القضايا التي تكون ضمن مشروعات كبرى فقط.
وشرحت مدى أهمية الأثر الذي تحدثه القصة، وأنه من الممكن أحيانًا الانتظار لأيام أو لأشهر وقد لا يظهر التأثير فورًا، ويكون التأثير مرتبطًا بتغيير آراء أشخاص أو بلد كامل، أو تغيير يحدثه المحتوى الذي ننتجه في سياسة شركة أو دولة أو حكومة، أو إحداث تغيير إيجابي في حياة اللاجئين، وعرضت مثالًا لتحقيق صحفي عملت عليه تحت عنوان "مطرود من الدنمارك.. سوريون يبحثون عن سقف أوروبي"، الذي رصد معاناة عشرات السوريين الهاربين من الدنمارك إلى السويد وهولندا وبلجيكا وألمانيا. وعقب نشر التحقيق بأيام قليلة، حصل أبطال القصة وآخرون على حق اللجوء السياسي في الدنمارك.
هل يحدث التأثير صدفة أم يجب التخطيط له؟.
علقت قات بأنّ "الصدفة لها دور مثل صورة إيلان لم يكن مخططًا لها"، لكنّ التأثير الأفضل هو عندما لا ننتظر المصادفة ونضطلع بدورنا على أكمل وجه عبر التخطيط. ونصحت المتدربين بضرورة تفادي الوقوع ضحية المؤامرة في اختيار المواضيع، فهناك الكثير من المشروعات التي لا تحدث تأثيرًا.
كيفية التخطيط لإحداث التأثير في قضايا الهجرة واللجوء
- وضع خطة عمل
على الصحفي وضع خطة عامة دائمًا للقصة التي يريد العمل عليها، تضمن الهدف من المحتوى والقوالب الفنية والتحريرية وتحديد الرغبة من العمل على قصة واحدة أو مجموعة من القصص المتسلسلة.
- تحديد التحالفات
تعدّ التحالفات في قضايا إحداث التأثير هامة جدًا، بالإضافة إلى التركيز على العمل في قصة عابرة للحدود أو مجموعة من الزملاء الآخرين.
- تحديد الهدف بوضوح
جزء من المحتوى الذي يعمل عليه الصحفي هو تحديد الهدف، فهل يصل إلى أكبر عدد معين من الناس؟ أو تغيير حياة شخص واحد مثل شخص بحاجة إلى الغذاء أو مجموعة من الأشخاص يعيشون في مخيمات يحتاجون فيها إلى مياه نظيفة.
- تحديد النطاق الجغرافي الذي سيتم العمل من خلاله
الحيز الجغرافي يتبعه الكثير من النتائج والاعتبارات التي يمكن أن تؤثر على سير العمل وإحراز النتائج النهائية.
- تحديد الموارد التحريرية ووضع الخطة
البحث عن أبطال القصص التي سيتم العمل عليها، وما هي المعلومات التي سيحصل عليها الصحفي ومن أين.
- التعاطف
لا يعني التعاطف مع الأشخاص والضحايا أنّ الصحفي لا يلتزم بالمهنية وتأخذه عواطفه باتجاه قد يؤثر على سير منهجية العمل، حيث يبقى الهدف هو إيصال أصوات هؤلاء الأشخاص وتحسين حياتهم.
مفاتيح التأثير عند تغطية قضايا الهجرة واللجوء
- ربط القضايا الكبرى بالقصص الشخصية
من المهم عند العمل على القضايا الكبرى أو الأحداث الكبرى في قضية اللاجئين من بلد معين في بلد آخر أو حلّ مشكلة المخيمات، هذه الأمور عناوين نظرية يجب أن نربطها دائما بقصص شخصية.
- البحث عن أصحاب القصص الشخصية
عندما نتحدث عن قضايا الهجرة واللجوء يجب أن لا ننسى دائمًا البشر، الإنسان هو العنصر الأساسي بهذه القضايا وبهذا المحتوى.
- لا تحشر عددًا كبيرًا من الحكايات في تغطيتك
يجب تجنب وضع عدد كبير من الشخصيات في قصة واحدة، لأنّ ذلك يشتت القارئ.
- تجنب الدخول في التفاصيل الجانبية
من المهم أن نتحدث عن أمور صغيرة متعلقة بأبطال القصة، ولكن من دون الوقوع في فخ الإطالة.
- عناصر رواية القصص والتصاعد الدرامي والتسلسل الزمني
لا ننسى عناصر رواية القصة التي لها علاقة بالتصاعد الدرامي والتسلسل الزمني والتمسك بسلاسة السرد القصصي واختيار لغة جذابة في سرد القصة.
- تحديد معلوماتك
قبل البدء في القصة، على الصحفي تحديد المعلومات التي يملكها ومدى أهميتها وكيف يمكن أن تخدم القصة.
- تحديد كيفية جمع المعلومات والبيانات
على الصحفي تحديد كيف سيحصل على المعلومات، وهل سيجمعها أم يصنعها بنفسه من خلال البيانات أو مراجعة المكاتب الحكومية المتاحة.
- هل لدي ما يكفي من القصص؟
يجب أن أطرح سؤالًا على نفسي، هل لدي ما يكفي من الحالات والقصص المرتبطة بالموضوع الصحفي الذي أعمل عليه أم أحتاج إلى مزيد من القصص التي تخدم الموضوع.
- المحامون يلعبون دورًا هامًا في هذا النوع من التغطيات
يلعب المحامون دورًا هامًا في هذا النوع من التغطيات، هؤلاء لهم أهمية خاصة عندما تكون هناك قضايا مرتبطة باللاجئين على سبيل المثال.
- المنظمات المحلية قد تكون مصادر ممتازة للمعلومات وبوابات القصص
من الممكن أن تكون المنظمات المحلية مصادر هامة جدًا لقصص صحفية، عن طريق أشخاص يثقون فيهم أو هناك تواصل معهم، وبالتالي يصبحون من أبطال قصصنا.
- مخاطبة الجهات الحكومية والمواقع الإلكترونية الحكومية
توافر المعلومات والبيانات من الجهات الحكومية ليس فقط في أوروبا، هناك بعض البلدان العربية لديها معلومات جيدة من الممكن الحصول عليها من المواقع الإلكترونية أو عن طريقة مخاطبة هذه الجهات.
- العناصر البصرية
استخدام العناصر البصرية مثل: الصور، الفيديوهات، الرسوم البيانية والمنشورات التفاعلية وغيرها له أهمية كبيرة في صناعة القصة.
- منصات النشر المختلفة
يحدّد التنوع في منصات النشر مدى الوصول إلى شرائح مختلفة من الناس، مثلًا: من يشاهد القصة على منصة "تيك توك" يختلف عن "فيسبوك" أو الموقع الإلكتروني.
- اللغات
يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار أن يتم نشر القصة بلغات متعددة لكي تصل لجمهور أوسع.
- موعد النشر
موعد النشر له أهمية كبيرة في صناعة التأثير ويجب التخطيط له، حتى يؤدي إلى تأثير كبير على السياسات العامة بالبلدان.
- تابع أبطال القصص بعد النشر
يجب متابعة أبطال القصص وماذا حدث معهم بعد نشر القصة، هل تغيرت حياتهم، وهل أثّرت القصة بشكل إيجابي عليهم أو يمكن أحيانًا لسوء الحظ أن تؤثّر بصورة سلبية.
للمشاركة في هذا التدريب يمكنكم التسجيل من هنا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ماركو بيانكيتي.