كيف تؤثر المعلومات المضللة على وعي الجمهور وصنع السياسات البيئية؟

Jun 4, 2025 في مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة

طالت المعلومات المضللة جميع المواضيع، حتى قضايا التغير المناخي لم تنجُ من هذه المعلومات المغلوطة. أصبح من الصعب على الناس التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مغلوط، وهنا يأتي دور الصحفي الناجح والمتمكن من عمله. يحمل الصحفي على عاتقه مسؤولية إيصال الحقائق كما هي، وأصبح ملزماً بالتدقيق في أي معلومة قبل نشرها، كي لا تؤثر سلباً على وعي الجمهور.

في هذا المقال، قمت بإجراء مقابلات مع كل من رحمة ضياء، المدربة المتخصصة في الصحافة البيئية ومؤسسة مبادرة "Climate School"، للتعرف على كيفية مساهمة هذه المبادرة في تعزيز دقة التغطية الصحفية البيئية ودورها في دعم الصحفيين المهتمين بالقضايا البيئية، بالإضافة إلى ندى البدوي، صحفية تغطي قضايا البيئة وهي مديرة المشروعات في "أوزون".

مبادرة Climate School

Climate School هي مبادرة إعلامية تأسست في تموز/يوليو 2021، وتهدف إلى دعم الصحفيين العاملين في مجال التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تقدم المبادرة مجموعة من الخدمات، من بينها التدريبات التي توفرها للصحفيين حول مختلف القضايا والمواضيع المتعلقة بالتغير المناخي، مع التركيز على كيفية تقديم صحافة المناخ بأسلوب جذاب، دقيق، علمي، ومبسط.

تقول رحمة ضياء: "قدمنا أكثر من خمسين جلسة تدريبية، استفاد منها أكثر من ألفي مشارك ومشاركة من عشرين دولة. أما فيما يتعلق بتدقيق المعلومات، فنحن نوفر موارد وأدلة تدريبية، سواء من خلال محتوى أصلي أو مواد مترجمة من لغات أخرى. كما نقدم تدريبات للصحفيين حول التحقق من المعلومات المناخية، وكيفية مكافحة التضليل وكشف الممارسات الخاصة بـ 'الغسل الأخضر' ".

وتضيف: "عملنا أيضًا على إعداد دليل تدريبي للتحقق من المعلومات المناخية، والذي قامت بإعداده عضو المبادرة من تونس، ريم بن خليفة. كما أطلقنا مؤخرًا دبلوم صحافة المناخ، الذي يمتد لستة أشهر، ويتناول موضوعات متنوعة في صحافة المناخ، ويشمل جلسات مخصصة لتدقيق المعلومات".

وتتابع قائلة: "نتعاون كذلك مع جهات أخرى مهتمة بالتدقيق، حيث عملنا مع مبادرة 'تحقق' لإطلاق حملة إعلامية حول كيفية التحقق من المعلومات المتعلقة بالجندر والتغير المناخي. كما تعاونا مع الشبكة العربية لمدققي المعلومات، وقدمنا معهم ثلاث جلسات تدريبية حول كيفية تدقيق المعلومات المناخية وإعداد تقارير متخصصة في كشف التضليل المناخي".

تواصل رحمة حديثها بالإشارة إلى التعاون الأخير مع مجتمع التحقق العربي، حيث يتم تبادل التدريبات والمواد الإعلامية، بالإضافة إلى نشر دليل مصغر حول كيفية كشف التضليل المناخي.

تعتبر رحمة ضياء أن انتشار المعلومات المضللة في الصحافة البيئية اليوم يشكل تحديًا كبيرًا، وتوضح قائلة: "مع انتشار المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي حول تغير المناخ، ووجود جهات مختلفة تتناول هذا الموضوع بدون امتلاكها خبرة علمية كافية أو التدريب على أساليب التحقق من المعلومات، يؤدي ذلك إلى انتشار المعلومات المغلوطة أو المضللة".

وتضيف: "نحن نميز دائمًا بين المعلومات المغلوطة والمعلومات المضللة. فالمعلومات المغلوطة هي تلك الخاطئة التي تنتشر بدون سوء نية، وقد يكون سببها الجهل بأساليب تدقيق المعلومات أو عدم التحقق من أكثر من مصدر. أما المعلومات المضللة، فهي التي تهدف عمدًا إلى تضليل الجمهور وخداعه بمعلومات زائفة، كما هو الحال في حملات 'الغسل الأخضر'، حيث تدّعي بعض الجهات أنها صديقة للبيئة أو تمارس أنشطة لحمايتها، بينما الواقع عكس ذلك. دورنا كصحفيين هو كشف الحقائق ووضع الأمور في نصابها".

المصادر الرئيسية للتضليل في التقارير البيئية

توضح رحمة ضياء أن هناك العديد من التقنيات والاستراتيجيات المستخدمة لنشر التضليل في التقارير البيئية، مشيرة إلى أن بعض الجهات تلجأ إلى إنكار وجود تغير المناخ من الأساس أو الترويج لنظرية المؤامرة، حيث يتم الادعاء بأن تغير المناخ مجرد مؤامرة تهدف إلى تدمير اقتصادات بعض الدول.

وتضيف: "إحدى الاستراتيجيات المستخدمة هي الاستعانة بأشخاص من خلفيات علمية بهدف إثارة الشكوك حول تغير المناخ، مثل الادعاء بأن الاحترار العالمي يحدث بوتيرة أبطأ مما يُقال، أو أن الوضع ليس كارثيًا كما يتم تصويره، أو حتى الإيحاء بأن اتخاذ إجراءات للحد من التغير المناخي لن يُحدث فرقًا يُذكر. وعندما يتم تقديم هذه الأفكار من قبل أشخاص يحملون خلفيات علمية، يكون الناس أكثر ميلًا لتصديقها". كما تشير إلى أن أحد أبرز أساليب التضليل هو الإصرار على أن تغير المناخ ظاهرة طبيعية بالكامل وليس نتيجة لأنشطة الإنسان، أو تشويه صورة المدافعين عن قضية المناخ عبر نشر معلومات مغلوطة عنهم بهدف تقويض مصداقيتهم ومنع الجمهور من تصديقهم.

العواقب المترتبة على التضليل في التقارير البيئية

توضح رحمة أن انتشار التضليل على منصات التواصل الاجتماعي يؤدي إلى فقدان المصداقية، وتقول: "عندما تقع وسيلة إعلامية في فخ التضليل، يفقد الجمهور ثقته بها، ويتوقف عن متابعتها وتصديق ما تنشره لاحقًا". وتضيف: "أما إذا تم الترويج لمعلومات مغلوطة حول تغير المناخ، فسيؤدي ذلك إلى حرمان الناس من الوصول إلى المعلومات الصحيحة، مما يمنعهم من اتخاذ قرارات سليمة، لأن الأساس الذي يعتمدون عليه غير دقيق".

التوصيات لمكافحة التضليل في التقارير البيئية

توصي رحمة  الصحفيين دائمًا بالرجوع إلى المصادر الموثوقة للحصول على المعلومات، مثل الجهات الدولية المعتمدة والمنظمات الأممية، قائلة: "يجب الاعتماد على المصادر الموثوقة التي تصدر تقارير متخصصة في تغير المناخ، مثل هيئات الأمم المتحدة المختلفة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ووكالة ناسا (NASA)، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وغيرها من الجهات المعترف بها دوليًا".

كما تشدد على أهمية متابعة مواقع الرصد والتتبع التي تساعد في كشف حملات التضليل البيئي، موضحة: "هناك مواقع متخصصة في رصد المعلومات والتحقق من التزام الدول بتعهداتها البيئية، مثل: Energy Tracker،Climate Tracker،Climate Watch، وClimate Action، وغيرها من المنصات التي تتابع السياسات البيئية العالمية وتقيم مدى تنفيذها".

وتؤكد على ضرورة الاعتماد على المصدر الأولي للمعلومة بدلاً من المصادر الثانوية، مع التحقق من أن المعلومات حديثة ومحدّثة، قائلة: "يجب التأكد دائمًا من أن المعلومات مأخوذة من أحدث التقارير، حيث يتم تحديث البيانات والأرقام بشكل مستمر، لذا علينا أن نتحقق من حداثة المعلومة قبل نشرها".

كيفية التعامل مع حملات التضليل في الصحافة البيئية

تشدد رحمة ضياء على أن الصحفي يجب ألا يثق في أي معلومة قبل التحقق منها من مصادر متعددة، بغض النظر عن الشخص الذي أدلى بها، قائلة: "من الضروري أن يتحقق الصحفي من أي معلومة قبل نشرها، وذلك من خلال الرجوع إلى أكثر من مصدر وباستخدام جميع الوسائل المتاحة".

وتضيف أن الصحفيين يجب أن يتساءلوا عند انتشار معلومات أو حملات معينة: من يقف وراء انتشار هذه المعلومات؟ وما هو الدافع وراء نشرها؟ و كيف يمكن التحقق من صحتها؟

وتوصي باستخدام الأدلة العلمية والدراسات والمواقع الموثوقة للبيانات، إلى جانب الاستعانة بمنصات تدقيق المعلومات المناخية، مشيرة إلى أن هناك الآن العديد من المواقع المتخصصة في التحقق من المعلومات المتعلقة بتغير المناخ، أو تلك التي تتضمن أقسامًا خاصة بالمناخ ضمن محتواها.

كما تؤكد على أهمية الرد على الادعاءات المضللة بطريقة علمية وواضحة، موضحة:  "يجب أن يكون الرد مبنيًا على الحقائق العلمية، وأن يتم تقديمه بأسلوب واضح، مع الاستعانة بالصور والرسومات التوضيحية لتبسيط المعلومة للناس، وتفنيد أي وسائل تضليل يتم الترويج لها عبر وسائل الإعلام".

منصة أوزون 

"أوزون" منصة إعلامية مستقلة تُركّز على قضايا البيئة وتغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أُسست في القاهرة عام 2021 على يد الصحفي الراحل أحمد شوقي العطار، بهدف تقديم تغطية صحفية متخصصة وموثوقة في مجال التغير المناخي.

تهدف المنصة إلى رفع الوعي البيئي وتسليط الضوء على قضايا تغير المناخ في أوساط الجمهور العربي، من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة وتحليلات معمقة للتحديات البيئية الراهنة، مع التركيز على الحلول الممكنة لمواجهة الأزمة المناخية العالمية.

ندى البدوي: الصحافة البيئية ضرورة ملحّة في مواجهة أزمة المناخ

ترى الصحفية المتخصصة في قضايا البيئة ومديرة المشروعات في مؤسسة "أوزون"، ندى البدوي، أن الصحافة البيئية أصبحت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. وتقول: "في ظل تفاقم الأزمات البيئية والمناخية عالميًا، ومع تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية وأحداث الطقس المتطرف بشكل غير مسبوق، تزداد الحاجة إلى رفع الوعي العام بقضية المناخ ومساءلة الحكومات والشركات حول مسؤولياتهم تجاهها".

وتتابع البدوي: "رغم أن الصحافة البيئية قد خطت خطوات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وانتقلت تدريجيًا من الهامش إلى دائرة الاهتمام، إلا أن هذا التقدم يظل متفاوتًا بين منطقة وأخرى. فالتغطية الإعلامية لقضايا البيئة والمناخ تخضع لعوامل متعددة، أبرزها التوجهات السياسية، ومستوى التمويل، ومواقف الدول من القضية، إلى جانب مدى وعي الجمهور بأهميتها".

تقول ندى: "في منطقتنا العربية على سبيل المثال مازالت التغطيات البيئية المتخصصة محدودة ولا تتناسب مع حجم المخاطر التي نواجهها بسبب الاحترار العالمي، للأسف مع تصاعد الأزمات السياسية في المنطقة يظل التغير المناخي موضوعًا أقل تداولاً لدينا مقارنة بالقضايا السياسية والاقتصادية. بينما تُعطي وسائل الإعلام وغرف الأخبار الأوروبية اهتمامًا كبيرًا للتغطيات البيئية، وتُدرج العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى القضايا البيئية ضمن سياساتها الإعلامية، منها الجارديان وBBC وDW، فضلاً عن المنصات المتخصصة في التغطيات المناخية التي تحظى بانتشارٍ واسع، من بينها Carbon brief  وClimate home news. لكننا نجد صورة مختلفة في الصحافة الأميركية وتغطيتها لقضايا البيئة والمناخ، هي الأكثر تعبيرًا عن واقع الصحافة البيئية اليوم وحالة الاستقطاب السياسي التي تؤثر عليها، فرغم وجود عدد من وسائل الإعلام التي تقدم تغطيات علمية عميقة ومتخصصة لأزمة المناخ، تميل بعض المؤسسات الإعلامية إلى تبني مواقف محافظة تجاه الأزمة وخطابًا يقلل من خطورتها".

التحديات الرئيسية التي يواجهها الصحفيون البيئيون في تغطية قضايا المناخ والبيئة

تتحدث ندى البدوي عن التحديات التي يواجهها الصحفيون البيئيون قائلة: "هناك العديد من التحديات المهنية التي نواجهها أثناء عملنا، وهي مرتبطة بطبيعة قضايا البيئة والمناخ والعوامل المؤثرة عليها. ليس هناك قضية أكثر تشعبًا وتداخلًا مثل قضية التغير المناخي، فهي تمتد من مسارات العلوم بمختلف فروعها إلى المحادثات المناخية، كما تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية. كل هذه العوامل تزيد من تعقيد التغطية المتخصصة لقضية المناخ، مما يتطلب الكثير من الوقت والجهد في عملية المتابعة والبحث والإعداد".

وتضيف: "فضلاً عن ذلك، تتسم القضايا البيئية بالجدية والتعقيد، مما يجعل من الصعب على الجمهور العادي من غير المتخصصين فهمها والتفاعل معها. التحدي الأكبر هنا يكمن في كيفية تبسيط هذه المفاهيم وتقديمها بطريقة واضحة، جذابة، ومشوّقة لجذب انتباه الجمهور".

وتتابع البدوي: "من التحديات الأخرى التي يواجهها الصحفيون البيئيون، هناك الاتجاه المتزايد لحملات التضليل الإعلامي ونشر المعلومات الخاطئة حول قضايا المناخ، خاصة مع تبني الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخطاب معادٍ للمناخ وحماية البيئة. وقد عزز هذا الاتجاه أصحاب المصالح وبعض الشركات الكبرى في قطاع الوقود الأحفوري، الذين يساهمون في نشر هذه الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي. التضليل الإعلامي قد يطال أيضًا نتائج الأبحاث العلمية التي يعتمد عليها الصحفيون، خاصة في ظل التضييق الذي تعاني منه هيئات ومراكز الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة، ما يضع على عاتق الصحفيين جهدًا أكبر في البحث والتحري وتدقيق المعلومات".

وتضيف: "هذا الاتجاه يزيد من تعميق مشكلة نقص التمويل، حيث لا تحظى الصحافة البيئية والمشاريع المتخصصة في هذا المجال بنفس الدعم المالي الذي تحظى به مجالات أخرى. كما يواجه الصحفيون البيئيون الذين يعملون على كشف الفساد والانتهاكات البيئية تضييقًا كبيرًا من الحكومات، خصوصًا في الدول التي تفتقر إلى الشفافية وحرية تداول المعلومات، بالإضافة إلى التهديدات التي قد يتعرضون لها أثناء تحقيقاتهم في الجرائم البيئية".

الاهتمام المتزايد بالقضايا البيئية في الإعلام

ترى ندى البدوي أن الأزمة المناخية فرضت نفسها وأجبرت وسائل الإعلام على الالتفات لقضايا البيئة وتعزيز وتطوير المحتوى الصحفي المرتبط بها. وتضيف أنه لا يُمكن تجاهل الأزمات والكوارث التي تجعل حياة البشر وسبل عيشهم على المحك. ورغم أن كثيرًا من التغطيات تأتي في قالب إخباري لمتابعة تداعيات أحداث الطقس المتطرف من السيول والفيضانات وحرائق الغابات وغيرها، فإنها تلاحظ زيادة في المحتوى التحليلي والتوعوي الذي يوضح أبعاد قضية التغير المناخي وآثاره وكيفية مجابهة الأزمة.

وتشير إلى أن التوجهات السياسية تبقى من أهم عوامل التأثير في الرسائل والقضايا الرئيسية التي تتناولها وسائل الإعلام، حيث يمكن للتوجهات المشككة في قضية المناخ أن تحاول تقويض قدرة وسائل الإعلام على المساءلة وتناول القضية، مما يضع عبئًا ومسؤولية كبيرة على الصحفيين المعنيين بتغطية قضايا البيئة.

استراتيجية أوزون في تغطية القضايا البيئية

تقول ندى أن استراتيجية أوزون تستهدف بشكل أساسي تمكين الجمهور العربي من فهم ومواجهة التحديات البيئية وأزمة التغير المناخي، من خلال تقديم محتوى موثوق وجذاب قائم على التوعية والتفسير والتحليل والاستقصاء. وتوضح أن أوزون لا تكتفي بتغطية الأخبار والمستجدات المتعلقة بقضايا البيئة والمناخ والاستدامة، بل تسعى لعرض القضايا البيئية في سياقها الأشمل مع ربطها بالسياسات وتوضيح تأثير التحديات البيئية على الاقتصاد والتنمية وسبل العيش. كما تشير إلى أن أوزون تهدف إلى تبسيط المعرفة العلمية للقضايا المعقدة ونقل الدراسات العلمية بصورة مبسطة وسلسة للجمهور، مع التركيز على الزوايا الإنسانية في القصص المناخية، من خلال مجموعة متنوعة من القوالب وطرق السرد التي يتفاعل معها الجمهور، مثل التحقيقات والتقارير المعمقة والقصص المعتمدة على السرد الرقمي، بالإضافة إلى محتوى وسائل التواصل الاجتماعي الذي يعتمد بالأساس على التمثيل البصري للبيانات والوسائط المتعددة ومقاطع الفيديو التوضيحية.

 تحديد الأولويات في تقديم الأخبار البيئية لجمهور أوزون

توضح ندى أن أوزون تهتم بشكل كبير بالأخبار التي تتناول الأحداث البيئية ذات التأثير الواسع، مثل تداعيات التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية وأحداث الطقس المتطرف، التي تؤثر بشكل مباشر على الصحة والبيئة والأمن الغذائي وحياة البشر. كما تركز على الحلول والمبادرات والابتكارات التي تسهم في مجابهة الأزمة المناخية. وتشير إلى أن التحديات البيئية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأتي في جوهر تغطيات أوزون، حيث تركز على القضايا البيئية العالمية من زاوية محلية، من خلال إيصال أصوات المجتمعات المتضررة مثل المجتمعات الساحلية والعاملين في قطاعات الصيد والزراعة.

الدور الذي تلعبه أوزون في رفع الوعي حول القضايا البيئية

ترى ندى أن منصة "أوزون" تسعى إلى إثراء المحتوى البيئي العلمي باللغة العربية وتبسيط المعرفة للجمهور غير المتخصص. وتشير إلى أن المنطقة العربية تعاني من فجوة كبيرة في التغطيات المتخصصة لقضايا البيئة، ولذلك تعتمد أوزون في زوايا معالجتها على خلق الروابط بين القضايا التي تُغطيها والحياة اليومية للناس، لتحفيز السلوك الإيجابي للجمهور تجاه البيئة وإعادة تشكيل علاقتهم بها، من خلال سرديات أكثر جذبًا. كما تركز أوزون على تسليط الضوء على قصص النجاح والحلول والسياسات الفعّالة والمبادرات المجتمعية التي تسهم في التصدي للأزمات البيئية.

كيفية تعامل أوزون مع المعلومات المضللة أو المغلوطة في التقارير البيئية

في أوزون، يُعطى الأولوية للدقة والمصداقية في تقديم الأخبار والتقارير البيئية. يتم الاعتماد على مصادر موثوقة وتقديم المعلومات بطريقة واضحة ومفهومة للجمهور. تلتزم المنصة بمعايير صارمة في نشر القصص، حيث يخضع المحتوى لمراجعة دقيقة قبل النشر، ولا يُنشر أي تقرير على منصة أوزون قبل أن يمر بمرحلة تدقيق شاملة للمعلومات لضمان صحتها واستبعاد أي أخطاء أو تضليل.

تشكل مكافحة التضليل البيئي جزءًا أساسيًا من عمل أوزون، من خلال "مرصد المعلومات المضللة" الذي يرصد التصريحات والتقارير والفيديوهات والصور التي تحمل معلومات مغلوطة حول قضية التغير المناخي. كما تعمل أوزون حاليًا على تطوير منهجية لتدقيق المعلومات ومكافحة التضليل البيئي بعد النشر، بهدف رصد وتفنيد هذه المعلومات المضللة. تعتبر هذه المنهجية أداة حيوية لمدققي المعلومات والصحفيين، كما تسهم في رفع وعي الجمهور بكيفية تقييم مصادر المعلومات البيئية والتمييز بين الأخبار الموثوقة والمضللة.

مستقبل الصحافة البيئية وآفاق النمو

ترى ندى أن الصحافة البيئية والمناخية ستشهد نموًا ملحوظًا في السنوات القادمة، بسبب تغطيتها للقضايا الحيوية التي تؤثر مباشرة على بقاء البشرية وسبل العيش. مع تزايد الضغوط الناتجة عن الأزمة المناخية، أصبح الاهتمام بالقضايا البيئية أمرًا لا يمكن تجاهله. تتوقع أن يتوسع مجال الصحافة البيئية ليشمل المزيد من المنصات المستقلة وتخصصات أوسع في وسائل الإعلام.

كما تؤكد على أهمية تطوير أدوات جديدة تدعم الصحافة البيئية، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي للتحقق من المعلومات وكشف التضليل البيئي. أيضًا، تبرز أهمية استخدام تقنيات الواقع الافتراضي في السرد القصصي، مما يتيح للجمهور تجربة التأثيرات البيئية بشكل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر أدوات المصادر المفتوحة وتحليل البيانات الضخمة من الأدوات الأساسية التي ستساهم في تحسين التغطية البيئية والكشف عن أنماط التلوث والتغير المناخي.

وتقول: "فالقارئ الذي يُطالع خبرًا أو تقريرًا عن دراسة تتناول ارتفاع مستوى سطح البحر على سبيل المثال، يمكن أن يُعايش هذه التأثيرات وآثارها على المناطق والمدن الساحلية. تعد أدوات المصادر المفتوحة وتقنيات تحليل البيانات أيضًا من أهم المسارات التي تحتاجها الصحافة البيئية، لما تحمله من إمكانات هائلة على رصد إزالة الغابات والغطاء النباتي، وتحليل البيانات الضخمة الكاشفة عن أنماط التلوث والتغير المناخي، وغيرها من الإمكانيات".

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة Mika Baumeister.