أشار حازم شريف رئيس تحرير جريدة المال الاقتصادية إلى أن الإعلانات المطبوعة كانت تستحوذ على أكثر من ثلثي الإيرادات في الصحف المطبوعة، في ما تمثل الاشتراكات المدفوعة والتوزيع 15%. لكن بعد أزمة "كورونا" اختلفت المعادلة وبدأت الصحف في التركيز على شرائح جديدة من الجمهور، لتعزيز حصة إيرادات المحتوى الإلكتروني لتستحوذ بذلك على 40%.
استعرض حازم تجربة جريدة المال كجريدة مصرية متخصصة في الشأن الاقتصادي في التحول الرقمي وتطوير نموذج الأعمال، وذلك خلال جلسة نقاشية بثت عبر الإنترنت ضمن برنامج "حلول منصات التواصل الاجتماعي" الذي ينظمه المركز الدولي للصحفيين بالتعاون مع مشروع فيسبوك للصحافة.
أوضح حازم التحول الرقمي الذي خاضته الجريدة بدأ منذ سنوات قريبة، مما جعل الجريدة مؤهلة لمواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد19 على صناعة الصحف المطبوعة. أوضح أيضاً أن تدريب الفريق الصحفي بالجريدة كان نقطة الانطلاق نحو العالم الرقمي، حيث خضع كافة المحررين في طاقم التحرير بدءً من رئيس التحرير لعدة تدريبات وورش عمل حتى يتم إنتاج محتوى رقمي جيد يتناسب مع الأزمة و ما بعدها. تضمنت هذه التدريبات كيفية التعامل مع السوشيال ميديا وكتابة المحتوى الرقمي والتعامل مع محركات البحث وكيفية إنتاج محتوى تفاعلي.
"إنّ ما يُصقل الصحفي هو التجربة الحياتية وأن يكون لديه منهج تفكير وتحليل علمي، ولديه قدرة على الكتابة الصحيحة وأن يكون دائم التطلع والقراءة، بالإضافة إلى التقارب الفكري بين المصدر والصحفي حتى لا تتحول الفجوة بينهما إلى عائق أمام الصحفي". هكذا وصف حازم الصحفي المؤهل لأن يتحول إلى رائد أعمال ويبادر في إطلاق مشاريع إعلامية مستقلة مستغلًا الطلب المتصاعد على الإعلام الرقمي. موضحاً أن كوفيد19 وجهت الصحافة والجمهور إلى الصحافة الإلكترونية أكثر من الورقية، وسرعت بوتيرة هذا التحول بما يوازي 5 سنوات في الوضع العادي.
تحديات أزمة كوفيد19
عرض ضيفنا في الويبينار بعض التحديات التي تواجه الصحافة الاقتصادية قبل أزمة كوفيد 19، وهي ارتفاع في إجمالي تكلفة عناصر الصناعة بنسبة لا تقل في المتوسط عن ٣٠ ٪ عقب تعويم الجنيه المصري، وزيادة القيود التي تكبل انتاج محتوى خبري مكتمل ومتميّز، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية التكنولوجية بشكل عام، ونقص الكوادر المؤهلة والمدرّبة، فضلاً عن تراجع وتشوّه سوق الإعلانات الموجهة للمؤسسات الصحفية مكتفين بالتوجه باستياء للصحافة الرقمية وتفضيل صحافة العلاقات العامة.
كما وصف حازم أزمة كوفيد19 بأنها أسوأ أزمة مرّت على صناعة الصحافة منذ إنشاء جريدة المال موضحاً بعض التحديات التي تسببت فيها. وتجلّت بانخفاض الإيرادات الإعلانية بنسبة ٢٥٪ في المتوسط وتراجع نسبة التحصيل لأن المؤسسات تحافظ على السيولة وتتأخر في سداد التزاماتها للصحف. وتجدر الإشارة أنه حدد ميزة لأزمة كوفيد 19، وقال لا بدّ أن نستغلها وهي بدء أعداد كبيرة من القراء في التحول للاعتياد على مطالعة الجريدة والأخبار إلكترونياً، بالتالي إن أنماط وسلوكيات الإستهلاك الإعلامي الرقمي تتغير!
استهداف شرائح جديدة من الجمهور
حدد رئيس تحرير جريدة المال الشرائح المستهدفة قبل أزمة كوفيد19 وما بعدها بالنسبة للصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي. وهم مجتمع الأعمال بقطاعاته، ودوائر صنع القرار، ومراكز الدراسات والأبحاث المتخصصة وطلاب الجامعات والباحثين في مجال الاقتصاد والمحاسبة والتجار والشريحة العليا من الطبقة الوسطى.
أما خلال أزمة كوفيد19، أضاف شريف بعض الشرائح المستهدفة وتحديداً التي تتجه إلى الصحافة الرقمية وهم الطبقة الوسطى المهتمة بالإدخار والاستثمار في القنوات المختلفة كالذهب والدولار والعقارات، بالإضافة إلى الشريحة المهتمة بأسعار السلع ومتابعة الأسواق، فضلاً عن استهداف المناطق البعيدة والمحافظات ودول الخليج.
ويرى حازم أن تطبيق نموذج الأعمال السابق على الصحف العامة والمتنوعة يتوقف على إمكانية إنتاج المؤسسة الصحفية للمحتوى القابل للبيع، وهو الأمر الذي يميز الصحف الإقتصادية، والتي يلجأ إليها الجمهور لكونها جزءًا من طبيعة عمله.
نموذج الأعمال ما بعد كوفيد19
أكد رئيس التحرير جريدة المال على أن نموذج الأعمال للصحف الاقتصادية «Business Model» يعتمد بالأساس على تحديد الإيرادات الخاصة بالمشروع، وتكلفة المنتج الذي ستقوم باصداره سواء كان مطبوعة ورقية أو محتوى رقمي، وكيف ومتى ستغطي هذه التكلفة؟ والعائد الربحي الذي سيعود على المساهمين نتيجةً لذلك.
وأشار إلى أنه لابد من الاستفادة من الأزمة، من خلال تعديل هيكل التدفقات المالية للصحف قبل الوقوع في مخاطر الإفلاس التي تتعرض لها العديد من صحف العالم، مضيفاً إلى أن دراسات الجدوى التي تعد عادة للمشروعات الصحافية يتم تخطيطها لتغطي ثلاث إلى خمس سنوات و"لكن كوفيد19 أجبرنا على أن ننظر إلى غداً فقط" بحسب قوله.
ختم حازم الويبينار بالتحدّث عن حلّ للبقاء والاستمرار دون تكبد خسائر فادحة؛ ألا هو الدفع في اتجاه تقليل حصة الإعلانات المطبوعة إلى 40% من إجمالي الإيرادات (ما يعني أنها تسد أقل من نصف نفقات الجريدة على الأكثر)، في حين يتمّ الدفع نحو زيادة إيرادات المحتوى الإلكتروني إلى 40% مع العمل على زيادة هذه النسبة باستمرار لتفادي أي مخاطر مستقبلية مماثلة لأزمة كوفيد19.
لمشاهدة الجلسة كاملة يمكنكم زيارة الصفحة الرسمية لشبكة الصحفيين الدوليين، أو عبر ملتقى الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الصورة لآلي من موقع انسبلاش.