أدت الصراعات الأخيرة في المجتمعات العربية إلى نشوء نعرات طائفية متطرفة والتي بحد ذاتها دعت الكثيرين للقتال والتعامل بشكل متطرف. لذا وإسهاماً منه في محاولة التصدي لهذا الواقع قرر فراس شمسان أن يعمل على إنشاء موقع "فن تايم"، موقع ثقافي عربي يهدف لنشر ثقافة المحبة والسلام. تم تطوير فكرة الموقع لتصبح مؤسسة ثقافية تعمل على إنشاء الفعاليات الثقافية والفنية بدلاً من نشرها فقط. فراس شمسان هو صحفي يمني عمل في عدد من الوسائل الإعلامية اليمنية وهو من المهتمين بقضايا الإنسان والتنمية. ويستعرض فراس بعض التحديات المهنية التي عاناها أثناء عمله الصحفي ومنها رفض بعض الوسائل الإعلامية نشر مقابلات مع فنانين مغمورين وهو ما زاده إصراراً لإطلاق موقع "فن تايم".
التقت شبكة الصحفيين الدوليين فراس شمسان ودار بيننا الحوار التالي:
شبكة الصحفيين الدوليين: لماذا قمت بتأسيس موقع فن تايم؟ ولماذا وقع اختيارك على هذه التسمية؟
"فن تايم" هو اسم مدمج بين العربية والإنجليزية يعني في وقت الفن وقد اخترت أن يكون مزيج بين ثقافتين عربية وأجنبية فكلمة "فن" بالعربية هي وصف لكل ما هو مبدع وفني وكلمة "تايم" تعني الوقت وجاء اختيار الاسم من وحي رسالتنا "حان وقت الفن".
تأسس فن تايم كمرصد ثقافي بهدف مساعدة الفنانين الشباب على إيصال أصواتهم حيث لا تهتم وسائل الإعلام بهم بقدر تركيزها على أخبار التطرف والإرهاب والصراعات السياسية، وهنا دعت الحاجة لوجود فن تايم كمرصد للثقافة والفنون ولنشر المحبة والفن كبديل عن الصراعات والتطرف. ويهدف الموقع لمواجهة الأفكار المتطرفة عبر دعم الثقافات والفنون وبناء جيل جديد عاشق للموسيقى والسلام.
تم تأسيس موقع فن تايم بشكل تعاوني بيني وبين الصحفية المغربية فدوى المرابطي، وهي صحفية تعنى بالشأن الثقافي والفني في المغرب والوطن العربي وجاءت الفكرة في إطار تفعيل دور التكامل الثقافي الفني العربي. ونسعى من خلال الموقع إلى أن يكون الموقع الأول لاحتضان المواهب الفنية الصاعدة وأن يساهم في إحياء الثقافات والتواصل بين الشعوب بلغة المحبة والموسيقى.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هو تقييمكم للمحتوى العربي على الإنترنت؟ وكيف قمتم بإثراء المحتوى العربي الرقمي؟
للأسف فإن المحتوى العربي على الإنترنت لم يرقَ ليصبح محتوى ذو إنتاج، فغالبية ما يتم نشره على شبكة الويب إما هو نوع من تعريب لمواد ومقالات أجنبية أو مجرد تبادل لوصفات الطبخ ومواضيع لا يتم التحري عن مدى مصداقيتها قبل النشر مما ساعد على انتشار الأمية الرقمية على شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. نحن بحاجة إلى الإسهام الفعلي في نقل تراثنا وثقافاتنا للمجتمع العالمي على الإنترنت عبر مواد تبيّن إلى أي مدى وصل المستخدم العربي من نضوج فكري وثقافي وفني.
ونسعى في فن تايم الى الإسهام في إثراء المحتوى العربي على الانترنت من خلال إضافة نوع من القصص التراثية ومعلومات وأخبار عن الثقافة والنشاطات العربية وكذلك الإسهام في التعريف بالفنانين والمثقفين الشباب عبر إنتاج مواد مرئية تتحدث عنهم وعن فلسفتهم في الفن والثقافة، للأسف هي إسهامات محدودة نتيجة ضعف الإمكانيات والموارد، على أمل ان نتمكن من تزويد المحتوى العربي بكل ما هو متنوع ومختلف على الصعيد الرقمي العربي.
شبكة الصحفيين الدوليين: بعد تأسيسكم للموقع، قمتم بالانتقال إلى العمل المؤسسي عبر تأسيس مؤسسة فن تايم. ما هي الأسباب التي دفعتكم لتأسيس المؤسسة؟
كان الهدف من تأسيس المؤسسة هو تطوير عمل الموقع لتصبح مؤسسة ثقافية تعمل على إنشاء الفعاليات الثقافية والفنية بدلاً من نشرها فقط. وهي حالياً مؤسسة وليدة بدأت في ممارسة نشاطها عبر العمل مع وزارة الثقافة في اليمن على صياغات جديدة للقوانين واللوائح التي يتم من خلالها دعم ومساعدة الفنانين.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي طبيعة الدعم الي تقدمونه لهم؟ وما طبيعة الأفكار التي يتم دعمها؟
تتلخص خدمات فن تايم حالياً بالاهتمام بالفنانين الشباب "إعلامياً" ومساعدتهم على التواصل وخلق آليات التفاعل مع وسائل الإعلام ونسعى لدعم المحتوى عبر النشر والمشاركة على موقعنا ولكن طموحنا هو الإسهام في الإنتاج الفني والثقافي وخلق حراك ثقافي فني بديل عن العنف والصراع والكراهية.
حالياً، نقدم الدعم الإعلامي للفنانين والمواهب الشابة الصاعدة عبر التشبيك مع وسائل الإعلام المحلية ولا يتم وضع شروط أو معايير وهنا يكمن الهدف في خلق حراك ثقافي فني ومن ثم يأتي دور المثقفين والنقّاد لتقييم مسيرة هذا الحراك الثقافي والعمل على توجيهه وتنميته.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي أبرز مشاريعكم؟ وهل واجهتكم صعوبات عند التنفيذ؟
قمنا بالاشتراك مع وزارة الثقافة ومؤسسة صناع التغيير العالمي في تنفيذ المؤتمر الفني الثقافي الأول والذي سعينا من خلاله بالتعاون مع وزارة الثقافة لإعادة هيكلة القوانين الخاصة بالتعامل مع الفنانين وإعادة تقييم صندوق التراث وما زلنا في إطار تشكيل لجنة متابعة بالتعاون مع الوزارة لتنفيذ ما خزج به المؤتمر. ولدينا العديد من الخطط المستقبلية والتي نسعى لتنفيذها عبر برامج محددة حيث نريد العمل علـى إزالة الوسم تجاه الفنانات الشابات في المجتمع كذلك تمكين المثقفين والفنانين الشباب في إنتاج هويتهم الخاصة بعيداً عن ثقافة التقليد.
واجهتنا ومازالت تواجهنا الكثير من المشاكل أبرزها غياب الدعم المعنوي والمادي وكذلك وقوف بعض القوانين كعائق في وجه الثقافة وهذا ما عملنا على مناقشته من خلال المؤتمر الثقافي الفني الأول، ولكن المناقشة ليست كل الحل نحن بحاجة لداعم يتبنى أفكارنا وأنشطتنا لكي ننجح في تحقيق أهدافنا. وحالياً لا نتلقى أي نوع من أنواع التمويل والدعم ولكننا نسعى للوصول لجهات تتبنى أفكارنا حيث لا يوجد داعم رسمي لنا وهذا ما يحدّ من انطلاقتنا وتحقيق أهدافنا.
شبكة الصحفيين الدوليين: اختتمت مؤسسة فن تايم في الشهر الماضي تدريب لطلاب كلية الاعلام بجامعة صنعاء، ما هو محتوى التدريب؟ ولماذا ترونه مهمًا لهم؟
التدريب جزء من برنامج يسمى "برنامج دعم الصحافة الثقافية والفنية" ويهدف للإسهام في تطوير قدرات الصحفيين الشباب للكتابة عن الفن والثقافة بهدف دعم الفن والتركيز على كيانات وهوية المجتمع اليمني وثقافاته كبديل عن ثقافة التطرف خاصةً أن الأخبار كلها تتحدث عن العنف والصراع ولا يتم التركيز على الثقافة والفن مما يعزز ثقافة الكراهية في المجتمع.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما هي المهارات التي يجب أن يتمتع بها الصحفي الثقافي لكي تزدهر أعماله؟ وما هي أبرز الأساليب لخلق مادة ثقافية جذابة؟
يجب على الصحفي الثقافي أن يكون جاذبًا للمثقفين والفنانين وأن يبحث عن المواهب الفنية والثقافية ليكون هو حلقة الوصل بين الفنانين والمجتمع وأن يسعى بنفسه للبحث عن المواهب الثقافية وليس العكس.
وبالنسبة لأبرز الأساليب لخلق مادة ثقافية جذابة، فيتوجب على الصحفي التركيز على المواضيع التي تثري الفكر والمعرفة وليس فقط كل ما هو غريب فالتميز لا يأتي من إنتاج مادة مثيرة ولكن التميز يكون في إنتاج ثقافة ووعي بهدف صنع تنوع معرفي ثقافي لدى المتلقي.
الصور من موقع فن تايم بعد أخذ الإذن.