بقلم فريبا اميني
لم تكن الحياة سهلة بالنسبة لأراش سيكارشي حين كان في عمر ال 27. فقد أدخل إلى السجن بسبب كتاباته لمقالات تنتقد زعيم الجمهورية الإسلامية بالإضافة إلى سمات الحياة في إيران. حكم في بادىء الأمر بالسجن لمدة14 عاماً بتهمة إهانة السيد خامنئي في كتاباته وتعاونه مع الحكومة العدائية وتقديم المقابلات إلى أجهزة الإعلام الأجنبية بالإضافة إلى تحرض الرأي العام. استبدل حكمه فيما بعد إلى ثلاثة سنوات حيث قضى منها 14 شهراً. أثناء وجوده في السجن وجد كتلة غريبة في فمه والتي كانت سرطاناً. خضع لعملية جراحية بغاية استئصال الورم حيث كانت نتيجتها أن فقد جزء من لسانه.
وأثناء وجوده في السجن أيضاً قتل أخوه أشكان بحادث سيارة بينما كان يحمل رسالة من سيكارشي إلى محاميته الآنسة شيرين عبادي. كان أشكان موسيقار كلاسيكي إيراني بارع. وكان لتوه قد أتم السادسة والعشرين من العمر.
رغم أن الحياة لم تكن عادلة إلا أن سيكارشي لم يسمح للمأساة أن تتغلب عليه لم يسمح للغضب أو الألم ان يسيطرا عليه. لم يتوقف للحظة عن تبني المواقف الايجابية في الحياة لوم تخمد عاطفته تجاه الصحافة أبداً.
بدأ سيكارشي مهنته في الصحافة وهو في الخامسة عشر من عمره. وهو مواطن من محافظة جيلان شمال إيران. وقد كسب شعبيته لعمله كمحرر لصحيفة المحافظة الرئيسية التي تدعى جيان إيمروز . حين لم يعد قادراً على نشر نوع الأخبار الذي يريده في الصحيفة قرر أن يبدأ مدونة تدعى بانجريه إالتهاب والتي تعني نافذة القلق.
بإمكانك إيجاد مدونته بالدخول إلى الموقع التالي : www.sigarchi.com.. و استلم أراش سيكارشي جائزة هيلمان هامت في عام 2007 لشجاعته ولدأبه في مجال الصحافة في إيران.
كان لشبكة الصحفيين الدوليين فرصة التحدث إلى هذا الصحفي البارع حول حياته وعمله في إيران:
آراش سيكارشي: ولدت لأسرة مثقفة في السادس والعشرين من تشرين الأول في الام 1978في مدينة راشت. لطالما اهتمت عائلتي بالفنون والموسيقى. كان والدي ملحناً وعازفاً للموسيقى الإيرانية التقليدية.
شبكة الصحفيين الدوليين: متى كانت بداياتك في الكتابة , ومتى بدأ اهتمامك بالصحافة كمهنة ؟
آراش سيكارتشي:بدأت الكتابة في عمر مبكر جداً. علمتني أمي القراءة والكتابة حين كان عمري 5 سنوات وبذلك بدأ حبي للكتابه في عمر أبكر بكثير من معاصريي . ولكن حين أصبح عمري 15 عاماً أدركت أن بإمكاني أن أعمل بلا مرتب لدى مجلة رياضية أسبوعية , فحاولت توجيه كتاباتي في هذا الاتجاه. في تلك المرحلة تحديداً فهمت تماماً كيف أن تكتب بصفتك كاتباً هو أمر مختلف تماما عن كتابتك كمحرر لأن على المحرر أن يبقى دوماً في موقف الحياد في كل ما يكتب.
بعد ذلك بدأت أعمل كمحرر بلا راتب لدى صحيفة جام في العام 1993. وبعد عدة شهور بدأت أعمل في صحيفة هامشاهري المؤسسة حديثاً في العاصمة طهران. حيث بدأت أتلقى رابتاً شهرياً كصحفي للمرة الأولى في حياتي. بعد ذلك عملت ككاتب بأجر في الصحف الوطنية لبعض الوقت إلى أن أصبح سيد محمد خاتمي رئيساً حيث أصبحت شروط العمل مناسبة أكثر للصحفيين. عملت مثل العديد من الصحفيين الآخرين بعد حزيران 1997 في الصحف المؤسسة حديثاً ولكن لم يدم هذا طويلاً فقد أغلقت كل الصحف المماثة بعد أيار الأسود في العام 2000.
شبكة الصحفيين الدوليين: أخبرنا عن صحيفة جيلان – أي – امروز , كم عدد الصحفيين الذين يعملون هناك وما هي طبيعة المواضيع التي تقوم بتغطيتها؟
آراش سيكارتشي: بعد إغلاق الصحافة في ربيع عام 2000 عدت إلى راشت ووصلت إلى اتفاقية مع مدير إدارة جيلان أي امروش التي كانت على وشك أن تبدأ نشر إعلان للعمل في تلك الصحيفة . بعد أن عملت هناك كمراسل لمدة شهر عينتني مشرفاً لكتاب الصحيفة . وبعد عدة شهور تم تعييني كرئيس تحرير رسمي للصحيفة.
بعيداً عن أخبار ولاية جيلان كان لدى صحيفتنا صفحات مكرسة للأخبار الرياضية , نساء وشباب وسياسة واقتصاد وثقافة وفن. كل قسم من هذه الأقسام كان لها مراسلها الخاص وصحفيوها المستقلين. لسوء الحظ بعد الصعوبات التي خلفها النظام لي , بقيت الصحيفة بأيدي أشخاص لديهم نمط أناني في التفكير. في الوقت الحالي لم يبقى سوى حفنة من الناس يعملون في هذه الصحيفة. وغالبية هؤلاء الناس لاينتجون الأخبار ولكن يواصلون نشر الصحيفة عن طريق نسخ الأخبار كما هي من مواقع الانترنت. وبما أن الناس يقرؤون الأخبار عن طريق الانترنت فقد أدى ذلك إلى انخفاض عدد قراء هذه الصحيفة.
شبكة الصحفيين الدوليين: ماهي سمات الاختلاف بين العصر الحالي وعصر خاتمي بالنسبة للمراسلين؟
آراش سيكارشي: إن الاختلاف المهم هو أن السيد خاتمي فهم ما يعنييه مفهوم الصحيفة بالضبط . على أي حال فإن السيد أحمدي نجاد لايفهم ذلك وهذا أمر طبيعي بكل بساطة. كان السيد خاتمي مسؤولاً عن صحيفة كيهان التي تصدر بإشراف الحكومة وكان يعرف تماماً ماتعنيه كلمة صحافة. يعرف ماهو ملائم وما هو ليس كذلك. حتى أن السيد خاتمي يعرف الأخطاء المرتكبة في نقل الأخبار.
أما السيد أحمدي نجادي فبرأي مستشاريه حين واجه الصحفيين اكتفى بإصدار الشعارات والحديث المعسول عن المواقف. لقد تناهى إلى سمعه إلى أن يجب عليه أن يدافع عن حرية الرأي , ولكن عند التطبيق فإن أي أحد ينتقد الحكومة سيعاقب بشدة. في الوقت الحالي هناك العديد من الصحف المحلية في ولايات المحافظات الإيرانية مستغنى عن خدماتها بسبب نقدها لأحمدي نجاد.
القضية ليست مرتبطة فقط بالسيد أحمد نجاد. فحيث لا يعرف مدير البلاد التنفيذي الأعلى كيف يحاور المراسيلن الصحفيين. فإن سلوكه هذا سيؤثر على الأشخاص الذين يعملون تحت إمرته. خلال الفترة الرئاسية للسيد خاتمي قام المدراء التنفيذيون الذين يعملون تحت إمرته بمعاملة الصحفيين بطريقة حضارية لأن السيد خاتمي كان يعتبر نفسه مسؤولاً عن الإجابة عن استفسارات المراسلين. هل تعتقد أن المؤسسات مثل مجلس الشورى أو السلطة القضائية كان لديها ناطقون رسميون يتصلون بالصحافة بانتظام ليطلعوهم على آخر الأخبار منذ البداية؟ لا .. أبداً .. لم تكن الحال كذلك ولكن إدارة خاتمي فقط حاولت ئأن تبقي المراسلين على إطلاع حول آخر التطورات في الحكومة. في ذلك الوقت لم تعتبر أي مؤسسة نفسها مسؤولة أمام أي أحد بخصوص أي مسألة ولكن بعد عهد خاتمي تعلمت هذه المؤسسات بأنه من الممكن أن يتفاعلوا مع أفراد الصحافة . لذلك يجب علينا أن لانهمل هذه الاختلافات.
شبكة الصحفيين الدوليين : ماهي حالة الصحافة في إيران؟ وإلى أي مرحلة وصلت ؟ وأين تكمن الصعوبات فيها؟
آراش سيكارشي: أفضل القول بأن الصحافة الإيرانية في غيبوبة وأن تكون في غيبوبة يعني أن تكون غير مدرك وتنتظر لأن تصبح كذلك. يوجد في إيران مؤسسات مختلفة تتراوح ما بين المؤسسات العسكرية إلى مؤسسات قانونية وأمنية وحتى مكاتب دينية , كل هذه المكاتب تعتبر أن من حقهم معالجة وسائل الاعلام بالاعتماد على أسباب مثل حماية الأمن القومي وتقوية النظام ومنع إضعاف النظام كعذر لهم .
إن كل من هيئة الحرس الإسلامي الثوري وقوى النظام والقانون والبيروقراطية الحكومية جميعهم يحاولون أن يخلقوا عقبات أو يضعوا الحدودو لمنع تدفق الأخبار. حتى أن مكاتب الزعيم الأعلى آية الله خميني الممثلون في مدن وبلدات مختلفة يحاولون الضغط على الصحفيين.
في الوقت الحالي فإن العمل مخيب للآمال للغاية حيث اختار معظم الصحفيين أن يبقوا صامتين . ووكالات الأنباء تحت المراقبة الصارمة والفحص من قبل المدعي العام للسطلة القضائية في إيران. وفي نفس الوقت يجب أن لاننسى أن الرقابة في إيران تنفذ على نحو منظم جداً. ويصدر المجلس الأعلى لألأمن القومي تحذيرات للصحف على المقالات التي يجب أن يكتبوا عنها. وتقوم بموجب مذكرات دورية بإحضار الصحفيين واستجوابهم. ويقوم أيضاً المدعي العام بتحذيرهم أيضاً. والمسؤولية الرئيسية لهذه اللجنة هو تحليلإصدار الرخص للمطبوعات وهي من البديهي أن تمضي بدون القول بأنها مسؤولة أيضاً عن إصدار التحذيرات للمطبوعات إذا نشرت شيئاً مخالفاً للإسلام أو النظام.
شبكة الصحفيين الدوليين : كم عدد المدونات والمواقع الالكترونية في إيران ؟
آراش : لايوجد رقم معين بهذا الخصوص وتبعاً للإحصائيات الحكومية يوجد أكثر من 16 مليون مستخدماً للانترنت في إيران. ويمكننا القول أيضاً بأن هناك حوالي من 1.6 إلى 1.8 مليون مدون في إيران. بالطبع فإن عدد الايرانيين المدونين الموجودين في الخارج يجب أن يضافوا إلى الأرقام السابقة. وإن رقم المواقع هو أمر هام خاصة لأنه منذ آواخر عهد إدارة خاتمي فإن كل الأجهزة والضباط الحكوميين ملتزمة لبدء أو إنشاء موقع الكتروني ولذا علينا أن نبقي في أذهاننا على أية حال بأن الانترنت واستعمالاته ماتزال حديثة العهد في إيران.
آراش : أعتقد بأن جهودي لنشر نمو الصحافى وتدريب الصحفيين بالإضافة إلى إصراري على الدفاع عن حرية الصحافة كانت الأسباب الحقيقية التي واجهتني بها الحكومة. أعتقد بأن الأخبار يجب أن تنشر بدون رقابة وعلى هذا الأساس وعندما ضغط علي لأنشر مقالات في الصحيفة استخدمت مدونتي الخاصة لنشر هذه الأخبار.
شبكة الصحفيين الدوليين : كيف ترى مستقبل الصحافة في إيران ؟
آراش : أنا متفائل فإن وجود الانترنت وانتشار وسائل الإعلام يجعلني متفائلاً حول مستقبل الصحافة في إيران. ومن جهة أخرى فإن 70% من سكان إيران هم دون سن 40 عاماً : هذا يعني أن إيران بلد شاب وأنا مفعم بالأمل بأن جيل الشباب هذا يحرر نفسه من قبضات الرقابة. أنا متأكد بأن محرري الانترنت ووسائل الإعلام سيحدثان تحولات جذرية في المجتمع.
إن الصحفيين الإيرانيين ليسوا معزولين عن الأفراد الإيرانين العاديين. ففي الحقيقة أنا متأكد بأنه في المستقبل فإن العديد من هؤلاء الشباب سيتعلم ويفهم أكثر حول الصحافة والرقابة. لذا فإنه عندما يصادف جدول الماء صخرة في طريقه لايقف ساكناً بل يحول طريقه إلى بركة الماء الراكد لكن يجد طريقه حول الصخرة.
شبكة الصحفيين الدوليين : في أي مجال يحتاج الصحفيون الإيرانيون إلى المساعده؟
آراش : أعتقد بأن المسألة الأكثر أهمية تكمن في زيادة مستوى الوعي لديهم . يمكن أن تجد أنه من الممتع أن تعرف ذلك , ففي إيران يوجد 3000 صحيفة محلية وأسبوعية وشهرية. بالطبع فإن معظم هذه المنشورات تعاني من قلة المعرفة في عدة مجالات ولايوجد لديها أشخاص مدربين لجلب تقارير متخصصة. ولقد أدركت هذا من خلال انتقالي من ولاية لأخرى في إيران وأنا الآن في المراحل الأخيرة من إنجاز كتاب بعنوان الصحافة المحلية وإذا تم إنجاز هذا الكتاب وتوفر نسخاً منه لجميع أصدقائي في المطبوعات المحلية يمكن أن يحدث تحولاً جذرياً للصحافة في إيران. سيعلم هذا الكتاب الصحفيين كيفية التدرب على الصحافة بطريقة احترافية أكثر وكيفية زيادة مبيعات صحيفتهم وجذب القراء. لقد كتبت هذا الكتاب اعتماداً على تجاربي الخاصة . ففي المنهاج الذي من خلاله درست مناهج عن الصحافة استطعت أن احول العديد من الشبان المهتمين بالصحافة لكنهم غير مطلعين عليها إلى صحفيين محترفين . ويما ما أود أن أضع هذا العمل على شبكة الانترنت حيث يستطيع جميع الصحفيين في إيران من استخدامه.