دليل للصحفيين اللبنانيين لتتبع الوعود الانتخابية

Oct 14, 2022 في موضوعات متخصصة
صورة تعبيرية

في فترة الانتخابات، تكثر الوعود التي يطلقها المرشحون إما عبر البرامج الانتخابية أو الوعود الكلامية في جولاتهم على الناخبين. وبعيد الانتخاب، تبدأ عملية مراقبة تنفيذ هذه الوعود - في الدول الديمقراطية - حيث تنجح عملية المحاسبة إلى حد ما في دورات انتخابية لاحقة أو عبر القنوات القانونية في حال وجود فساد ونكث الوعود بشكل عام.

وهنا يأتي دور الصحافة الحرة في مراقبة المال والإنفاق الانتخابيين، ومراقبة الأداء السياسي ومقارنته مع الوعود التي أطلقت عبر البرامج الانتخابية لتقديم صورة واضحة للرأي العام للمحاسبة على أساسها، إضافة إلى مراقبة الإنفاق العام.   

ويعاني لبنان من ضعف شديد على مستوى المحاسبة الشعبية والرسمية، فقد أشار تقرير مؤشر مدركات الفساد للعام ٢٠٢١ الصادر عن منظمة الشفافية الدولية إلى تسجيل لبنان المرتبة ٢٤ على مستوى الدول العربية بسبب غياب مكافحة الفساد الفعّالة.

وفي هذا الإطار، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين للصحفيين في لبنان دليلاً عملياً لتتبع الوعود الانتخابية وإعداد تقارير تسلّط الضوء على الحقائق التي يحتاجها المواطنون في الفترة اللاحقة للانتخابات، ممّا يعزّز المساءلة.  

في مقابلة أجريناها معه، يخبرنا المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، جوليان كورسون، ​​​​عن بعض التقنيات التي يمكن من خلالها تتبع المال الانتخابي والوعود. ويجب على الصحفيين أولاً التنبّه إلى سهولة التسويف والتهرّب الذي يمارسه بعض السياسيين للتنصّل من تحمّل المسؤولية، وبالتالي يجب إنشاء لائحة أولويات واستراتيجية للتعقّب والمتابعة. إضافة إلى ذلك، تواصلت شبكة الصحفيين الدوليين مع منسقة الإعلام والتواصل في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات "لادي"، ساندريلا عازار، للحديث حول الممارسة الفضلى للصحفيين من أجل مراقبة الانتخابات والمال الانتخابي.

ماذا أراقب وكيف؟ 

يحدد كورسون أسس التتبع والمراقبة، بدءًا من مصادر المعلومات الداخلية التي تشمل:  

  • الجريدة الرسمية: تحتوي الجريدة الرسمية على العديد من الأمور المهمة، منها قرارات مجلس الوزراء أو الحكومة، إضافة إلى الهبات والمشاريع الإنمائية وإنفاق الصناديق الحكومية وحتى البلديات. وبالتالي تشكل الجريدة الرسمية مصدراً لا بأس به من المعلومات.  
  • وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمسؤولين الذين تحوم حولهم الشبهات، لأنّ هؤلاء أيضاً قد يكون لديهم قنوات يمكن اعتبارها خدماتية ولها علاقة بوعود انتخابية. إذ ينشر المسؤولون عبر هذه القنوات الرسمية والحزبية المحلية المشاريع التي يتم تنفيذها، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض البلديات الكبرى، ويمكن أيضاً متابعة رؤساء البلديات.  

ويشرح كورسون أنّ "الوضع الاجتماعي والاقتصادي صعب جداً وهناك صعوبة في التمييز بين المال الانتخابي والسياسي"، والسؤال الذي يُطرح هنا هو كيف نستطيع التمييز بين عمل جمعية تسعى لمساعدة الناس وبين أخرى لها مآرب سياسية وتسعى إلى السيطرة على الناس من خلال الخدمات؟ 

في هذا المضمار، يمكن للصحفيين التركيز على سوء استغلال السلطة والمنافع. وعلى هامش الحديث، يذكر كورسون قاعدة أساسية لكي يتشجع الصحفيون على التعقّب والمتابعة، وهي أنّ "التعقّب ليس بالأمر المعقّد بشكل عام، إنما بحاجة لتنظيم وعملية تحقق دقيق من المعلومات المغلوطة التي تُرمى في الإعلام من أجل تشتيت الرأي العام وضياع الحقيقة".  

وبالنسبة لتتبع الوعود الانتخابية المرافقة للحملات الانتخابية، لنضرب مثلاً البلاد الديمقراطية، هناك العديد من الوعود التي يطلقها سياسيو هذه الدول وتكون بعيدة عن الواقع. وبعض السياسيين مثلاً يغيرون آراءهم بالنسبة لقضايا مختلفة بعد تربعهم على عرش السلطة. وهذه الإشكالية التي يمكن وصفها بأنها رقص بين السلطة والوعود، هي ذات طابع دولي في العالم السياسي، لكنها صارخة جداً في لبنان بسبب السقف العالي جداً للوعود مقارنةً بما يتحقق على الأرض، وما يفاقم المسألة اللبنانية هو غياب أي شكل من أشكال المساءلة، إضافة إلى التنصّل من المسؤولية، ولهذا فمن الضروري أن يتتبع الصحفيون هذا الأمر.

وعلى جبهة الأبحاث الدولية، يمكن للزملاء متابعة ومراجعة هذا البحث من جامعة "موناش"، والذي يحمل عنوان "تتبع وعود شعارات الحملات الإعلانية الانتخابية الخاصة بالسياسيين في وسائل الإعلام التقليدي وشبكات التواصل الاجتماعي". ومن خلال برمجة اللغة العصبية، يحاول البحث تقديم أدوات معينة تسمح بخدمة هدف التتبع. والبرمجة اللغوية العصبية "Neuro-Linguistic Programming" والمعروفة اختصارًا بـ NLP هي مجموعة طرق وأساليب تعتمد على مبادئ حسية ولغوية وإدراكية، تهدف لتطوير السلوك الإنساني نحو التميز والإبداع والتطور ومساعدة الأشخاص على تحقيق نجاحات وإنجازات أفضل في حياتهم. ومن خلال هذا الأمر، يحاول الباحثون خلق أدوات يمكن استخدامها لمراقبة الأداء السياسي. 

كما يوجد العديد من الأمثلة على أدوات تتبع أداء بعض السياسيين ووعودهم الانتخابية، والتي يمكن الاطلاع عليها والاستفادة منها، مثل: 

كما يمكنكم الاطلاع على مبادرة منصة بوليتيفاكت، التي تقدّم نموذجاً رائداً في التحقق من المعلومات السياسية، أدوات التتبع، وغيرها من المعلومات القيّمة. 

وبدورها، تطرح منظمة "فولفاكت" كتيّباً جوهرياً تحت عنوان "مستقبل تتبع الوعود الانتخابية"، تضع فيه مجموعة من الأفكار حول كيفية تتبع الوعود من أمثلة من كافة أنحاء العالم، وسط محاولة للإجابة على سؤال أساسي هو: ما هي أهمية وجود متابعين غير منحازين للوعود الانتخابية الخاصة بالسياسيين، وكيف نبدأ حواراً دولياً حيال هذا الموضوع؟  الكتيّب متوفر باللغة الانجليزية، وهو مخصص للمملكة المتحدة. تتحدّث المنظمة عن تجربة "GovTracker" المخصصة لمراقبة العمل الحكومي. ويخلص المؤلف إلى مجموعة من النصائح التي يمكن أن يستفيد منها الصحفيون عند إدارة أو إنشاء مرصد لتتبع الوعود الانتخابية وإعداد تقارير عنها: 

  • تحديث الوعود بشكل مباشر: إنها عملية تحديث الوعود بشكل يتناسب مع التعديلات التي تطرأ عليها من الجهات التي تتبناها في برنامج عملها، والإعلان عن ذلك أمام الجمهور المنتخب. 
  • التحديث الدوري لكن بوتيرة بطيئة: قد لا يستفيد الناخب بشكل مباشر لأن التحديثات ليست جديدة، لكن هذه الطريقة متبناة من قبل مرصد البي بي سي، وهي جيدة كأداة مرجعية. 
  • التقديم والنشر: يجب على المرصد التأكد من عدم تضليل الناخبين، كما يجب عليه الإيضاح للمواطنين أنّ  كسر الوعود الشخصية في بعض الأحيان ليس بالأمر الجلل، مع الاحتفاظ بموقف واضح حول مسؤولية الحكومة الالتزام بوعودها.  
  • قياس أهمية الوعد من أجل مراقبة عمل الحكومة: أهمية الوعد أو قيمته هي سمة أساسية عند تحديد سلة الوعود لدى حكومة أو سياسي ما، لذلك على المرصد قياس أهمية الوعود من منظور محايد. 
  • تصنيف الوعود: يجب تصنيف الوعود من أجل سهولة عرضها. ويجب أن يكون التصنيف  منطقياً بالنسبة إلى مطلقيه وللناس. 
  • رصد الوعود بشفافية: يجب إدراج الأدلة التي يستند إليها المرصد في الحكم على الوعود ونشرها على الموقع الإلكتروني الخاص به. إن هذه العملية تساعد القارئ على معاينة الأدلة، ما يسمح له بتحديد الأخطاء ورفع الاعتراضات. وفي هذا الإطار على المرصد إبراز حالة الوعود، التوصيفات، الشروحات ومصادر الوعود، إضافة إلى المصادر التي جرى استخدامها في الحكم على الوعد. 
  • شرح آلية العمل للجمهور: يجب على المرصد تحديد وظيفته بشكل دقيق، وبيان أهمية عمله. كما يجب أن يحتوي الموقع الالكتروني الخاص به على قسم خاص للأسئلة الشائعة، وقسم آخر يشرح بعض المفاهيم المستخدمة في المشروع. يساهم هذا الأمر إلى حد كبير في تعميم صورة المرصد كأداة تعليمية من خلال شرح مفاهيم مثل قياس أهمية الوعود، إضافة إلى أنّ هذا الأمر يزيد من شفافية المرصد.

ويمكن للصحفيين في هذا الإطار إلقاء الضوء على المسؤولية السياسية وربطها بمن كان أو لا يزال في السلطة، وهناك أربعة أمور يمكن مراقبتها في تتبع الإنفاق الانتخابي وهي:  

  • الدعاية الانتخابية: مهما كان شكلها ونوعها.  
  • الحفلات والمهرجانات العامة. 
  • توزيع الخدمات على الناخبين. 
  • النفقات العادية للحملة الإنتخابية. 

ومن جهتها، حددت عازار دور الإعلام بأنه "يقوم بدور الرقيب على سير العملية الانتخابية، وحاميًا لنزاهتها وشفافيتها"، موضحة أنّ "هناك مسائل على الإعلاميين والإعلاميات معرفتها قبل وخلال يوم الاقتراع لتفادي الضغوط والعوائق الممكن ممارستها خلال المشاركة بتغطية أو مواكبة العملية الانتخابية". وأشارت عازار إلى أنه "لا يجب أن تعلن أي وسيلة إعلامية خاصة تأييد أي مرشح أو لائحة انتخابية، ويجب أن تفرّق بشكل واضح بين الوقائع من جهة والآراء والتعليقات من جهة أخرى".

ونصحت عازار الصحفيين بالتالي:  

مراقبة حسابات المرشحين/ات  

الرشوة الانتخابية هي الفائدة أو الهبة أو الوعد الذي يكون الغرض منه الإخلال بحرية التصويت، من حيث التأثير على إرادة الناخب/ة لحمله على انتخاب مرشح/ة معين أو الامتناع عن التصويت، بما يشكل إخلالًا بالعملية الانتخابية. 

وهذه لائحة نصائح إضافية للمراقبة الفعّالة: 

  • الحصول على نسخ من البرامج الانتخابية الخاصة بكل مرشّح أو كتلة ما تريدون مراقبة أدائها.  
  • التحقق من سير المشاريع العامة واكتمالها. 
  • مراقبة الشركاء في تنفيذ المشاريع والتحقق من الأشخاص المعرّضين سياسياً، وإيجاد الصلة بينهم والسياسيين إذا ما وُجدت - إشارة هنا إلى أن وجود صلة لا تعني بالضرورة وجود فساد.   

ويمكن مراجعة قانون استعادة الاموال المتأتية عن جرائم الفساد للفائدة العامة في إطار استعادة الاموال. 

تمّ تصميم الصورة الرئيسية عبر كانفا.