قامت شبكة الصحفيين الدوليين في الأسبوع الماضي بالتحاور مع أحمد العمران، المدون الشاب السعودي ذو الأربع والعشرين عاماً وصاحب مدونة "سعودي جينز" التي يعكس فيها وجهات نظره حول قضايا تهم بلده.
بدأ أحمد التدوين في عام 2004 عندما كان طالباً جامعياً في المرحلة الثانية، وذلك أثناء تصفحه لمختلف المدونات الأمريكية والعربية. وكان يعتقد في البداية أن التدوين سوف يساعده في تطوير لغته الانكليزية. ولكن بمرور الزمن أصبح يركز على السياسة وتحولت مدونته إلى شيء جدّي "لم يكن يتوقعه أبداً."
وتطرقت العديد من وسائل الإعلام مثل CNN وBBC والأسوشيتد برس ورويترز وصحيفة كريستيان ساينس مونيتر لأحمد ومدونته "سعودي جينز."
وعلى منصة "سعودي جينز" يقوم أحمد بتناول قضايا نادراً ما يتم التحدث بها بصورة علنية. ومن ضمن هذه القضايا: حرية التعبير ومعاملة المرأة السعودية والدين والمجتمع. ويكتب أحمد على مدونته باللغة الإنكليزية كونها "اللغة الدولية الغالبة،" بحسب ما يقول. ويؤمن بأن التدوين بالانكليزية يساعد في "تغيير العديد من الصور النمطية سوء الفهم الذي يحيط بالسعودية."
لماذا "سعودي جينز"؟
باختصار، أنا سعودي وأحبذ أن أرتدي الجينز. بالتفصيل، أنظر على الجينز بكونه رمز للأفكار - كحرية التعبير والديمقراطية- والتي يدعي البعض منا أنها لا تناسب مجتمعنا، لأنها ليست جزءاً من عاداتنا وتاريخنا. ومع ذلك، فأننا نرى أناساً في بلدنا يرتدون الجينز كل يوم في الوقت الحاضر. أتمنى في أحد الأيام أن تصبح تلك الأفكار جزءاً من حياتنا اليومية.
ماهي أهمية المدونات في العالم العربي وخصوصاً بالمملكة العربية السعودية؟
يلعب التدوين في البلدان التي تعد حرية التعبير فيها محدودة أو منعدمة دوراً كبيراً في مناحي عديدة مثل محاسبة الحكومات وجعل وسائل الإعلام أكثر شفافية وتوعية الناس بشكل أكبر حول حقوقهم من خلال الوصول إلى المعلومات المتوفرة على شبكة الإنترنت.
هل تتنافس المدونات مع الصحافة المطبوعة أم أنها مكملة لها؟
يمكن أن تكون كلا الحالتين. أنا لا أعتقد أن المدونين يرون أنفسهم كمنافسين لوسائل الإعلام التقليدية، ولكنهم أحياناً يركزون على توفير معلومات تهم الناس.
هل يعد المدونون صحفيون؟
لا يمكن أن يكون المدنون صحفيون، وأعتقد أن أكثر المدنين لا يرغبون بأن يحملوا هذا اللقب، خصوصاً في هذا الجزء من العالم حيث الإعلام مرتبط بالدعاية لجهة أو لأخرى بدلاً من نشر الحقائق.
من خلال مدونتك، لقد كنت منتقداً لاذعاً لبعض النواحي في المجتمع السعودي وأفعال الحكومة السعودية. هل يمكنك أن تحدثنا عن القضايا التي تنتقدها بشدة؟
أن السعودية هي أمة شابة تتغير ببطء. وخلال عملية التغيير، فأن هناك العديد من الأشياء التي يجب أن نتطرق إليها ونحن في طريقنا إلى الأمام. أحاول التطرق إلى العديد من الأشياء المختلفة ولكنني أركز على قضايا متعلقة بحرية التعبير وحقوق الإنسان و حقوق المرأة.
في مقالك المعنوّن "النفاق السعودي والنساء المتمكنة،" كتبت: "من المحتمل أنكم تعرفون أن الرقابة لم تعد فعالة." هل هذا يعني أن المراقبون في بلدك قد استسلموا لجهودكم في إحداث التغير في بلدك المحافظ؟
بالرغم من أني أعتقد أن الرقابة أصبحت غير فعالة، فأنني مازلت أعتقد أن المراقبون هنا لا يفهمون معنى ذلك إلى الآن. لذلك يستمرون بسياسة الحجب الغير فعالة والتي يقومون بها بصورة عشوائية بينما يستطيع مستخدمي الإنترنت الالتفاف عن الرقابة بكل سهولة بطرق عديدة. ولكنهم (أي الرقابة) سوف يفهمون بأن هذه السياسة غير فعالة وأنهم يجب أن يكفوا عن ذلك.
في لقاء مع صحيفة "كريستيان ساينس مونيتر" في عام 2006، قلت: "أنا قلق من أن قليلاَ من الحرية قد يجعل مجتمعنا ينفجر." ماذا قصدت بذلك؟
يبدو المحافظين في بلدنا متخوفين من أي تغيير بسيط يحدث في البلد. لذلك يقومون بتخويف الناس بأن هذه التغييرات سوف تقوم بإفساد مجتمعنا. وإن إحدى تكتيكاتهم هي ربط الحرية باللاّ أخلاقية بحيث يجعلون الناس يصدقون بأن أقل الحريات سوف تتسبب بضرر للنسيج الاجتماعي لأمتنا.
هل تعتقد أن الإعلام في السعودية حيادي أم منحاز؟ لماذا؟
بما أن حرية التعبير مقيدة جداً فأنه من الصعب على وسائل الإعلام أن تكون حيادية. بالإضافة إلى ذلك فأنه من الصعب تحقيق الحيادية بكل الأحوال وإنه من السهل الانحياز لطرف ما.
عندما أعتقل صديقك المدون فؤاد الفرحان قلت أنك قد صدمت لأنك "عرفت أنه قد تم التحقيق معه وملاحقته بالسابق." بسبب ما حدث لفرحان، هل تشعر بأنك متخوف من التحقيق في أحد المواضيع؟ لماذا؟
إن الخوف متواجد هنا دائماً، حتى قبل أن يعتقل فؤاد. عندما تكون في السعودية وتظهر باسمك الحقيقي وصورتك وتنتقد بصورة علنية العديد من الأشياء التي يحبذ العديد من الناس عدم التطرق إليها، فأنك تعلم أنك في خطر. أنا دائما أعلم بأن هناك مجازفة في فعل ذلك. لكنني أعتقد أن هذه المجازفة تستحق العناء لأنني أحب بلدي وأنا مستعد للمجازفة إذا كانت تعني مستقبلاً مشرقاً لبلادي.
كيف ترى مستقبل التدوين في السعودية؟
يبدو التدوين في حالة إيجابية لحد الآن. إن عدد المدونين يزداد وبمرور الزمن يقوم الناس بالتحدث عن قضايا تهمهم. إذا استمرت وسائل الإعلام التقليدية بالانحدار، فإننا سنشهد نهضة المدونات ووسائل إعلام الصحافة الشعبية الأخرى.
ما هي نصيحتك لزملائك المدونين السعوديين والمدونين في البلدان العربية الأخرى حيث تعتبر حرية التعبير مقيدة؟
لا تخافوا أن تتطرقوا لما يهمكم. ولكن كونوا عقلانيين ومتفهمين لما يحاط بكم. تأكدوا أن تتطلعوا على القوانين المتعلقة بحرية التعبير: ما هي الحدود التي يمكنكم التركيز عليها حين الضرورة وما هي الخطوط الحمراء التي يمكن تجاوزها أو الالتفاف حولها. بالإضافة إلى ذلك، لا تعملوا لوحدكم. ارتبطوا مع زملائكم المدونين حتى يستطيعوا الدفاع عنكم في حالة حدوث شيء سيء. ولا تنسوا بأن بالرغم من اختلافاتكم مع الآخرين فأنه هناك أشياء نتفق عليها جميعاً، ألا وهي الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
للإطلاع على مدونة "سعودي جينز" يرجى زيارة: www.saudijeans.org