عقدَ منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية، الذي أطلقه المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) بالشراكة مع شبكة الصحفيين الدوليين (IJNET) التابعة له، جلسة تحت عنوان "جدري القردة: المعلومات المضللة مقابل الحقائق" في الحادي عشر من أغسطس/آب 2022.
استضافت فدوى كمال، مديرة المنتدى في نسخته العربية، الدكتور إسلام حسين وهو عالم فيروسات، حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، وعملَ سابقًا كعالم أبحاث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، ويقود العديد من المشاريع البحثية التي تركز على اكتشاف العقاقير المضادة للفيروسات وتطويرها السريري، للحديث عن مخاطر المرض وكيفية انتقال العدوى والأعراض الناتجة وطرق مكافحة العدوى.
ما هو مرض جدري القردة وكيف ينتقل للإنسان؟
في الرابع والعشرين من يوليو/تموز 2022، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ "جدري القردة" باتَ يمثّل حالة طوارئ عالمية ومع تزايد عدد حالات الإصابات في جميع أنحاء العالم، يعمل مدققو الحقائق، الصحفيون العلميون، ومسؤولو الصحافة على تفنيد الشائعات والأخبار المضللة حول الفيروس والتي أثارت خوفًا من تفشيه على غرار فيروس كوفيد-19.
استهلّ الدكتور حسين الجلسة، موضحًا أنّ فيروس جدري القردة هو أحد الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، وبالتالي يطلق عليه مرض zoonotic أي أنّه حيواني المنشأ، لافتًا إلى أنّ هذه الأمراض تنتقل بشكل أساسي عن طريق الاحتكاك المباشر بأنواع مختلفة من الحيوانات البرية والأليفة أو بعض الحشرات مثل الناموس والبعوض. وأشار إلى أنّ 75% أو أكثر من الأمراض المستحدثة نشأت أو ظهرت وانتقلت للإنسان من مصدر حيواني، قائلًا: "أؤكد هذه المعلومة لأنّ بعض الشكوك تدور في عقول الكثير من الناس عند ظهور مرض جديد، ويفكرون في النظريات التي تدور حول حدوث مؤامرات".
نحن جميعًا متصلون!
وتابع الدكتور أنّ جميع البشر متصلون، أي أنهم لا يعيشون بمعزل عن البيئة المحيطة بهم ولا الكائنات الأخرى التي تعيش على وجه الأرض، مشيرًا إلى أنّ الواقع الذي نعيشه والعلم الذي ندرسه يقول: "يحدث طوال الوقت أن تنتقل الأمراض من الحيوانات إلى الإنسان". وأشار إلى أنّ الاتصال وثيق ومباشر بين الإنسان وما حوله، ومن ضمن الأشياء التي تحدث نتيجة لهذا الاتصال هو تبادل بعض الفيروسات وظهور أمراض جديدة لدى الإنسان أو عودة ظهور أحد الأمراض مثل "فيروس جدري القردة".
مستودعات الفيروسات
وخلال الجلسة، تحدث عالم الفيروسات عن مصطلح آخر وهو virus reservoirs أي "مستودعات الفيروسات"، ويستقي هذا المصطلح أهميته من أنّ هناك العديد من أنواع الحيوانات والطيور التي تحوي عددًا لا يحصى من الفيروسات التي لا تسبّب أضرارًا للحيوانات، لكن عندما ينتقل الفيروس من المستودع إلى كائن جديد، أي الإنسان، قد تكون الصورة مختلفة وبالتالي تحدث مرضًا.
وفي هذا السياق، تحدث الدكتور حسين عن "الخفافيش"، حيث أنها مستودع لعدد كبير جدًا من الفيروسات، وأعطى مثالًا حول ما حدث في حالة "كوفيد-19"، وبعض الأمراض الأخرى.
دور الإنسان والتغيرات المناخية
في إشارة إلى دور الإنسان، أوضح الدكتور حسين أنّ الإنسان له دور كبير فيما يحدث وأنّ الأمر ليس من قبيل الصدفة، فالأنشطة البشرية تتداخل وتعرقل مسارات البيئة الطبيعية. وأوضح أنّ توسّع البشر في العمران وإنشاء مدن جديدة والتدخل في أنظمة طبيعية مستقرة على مدى عشرات ومئات السنين مثل إزالة الغابات، فتح العديد من الأبواب التي كانت مغلقة في الماضي، والتي قد تأتي من ورائها أمراض فيروسية جديدة تصيب الإنسان.
وذكر أيضًا التغيرات المناخية، التي لها دور كبير في تفاقم أمراض فيروسية كثيرة لأنها تؤدي إلى اختلال في المناطق الجغرافية التي تعيش فيها الحيوانات وتحدث تغييرًا في سلوك بعض النواقل الفيروسية، على وجه الخصوص الحشرات، فقد تنتقل إلى مكان أكثر حرارة وقد تهرب من مكان حار جدًا إلى مكان أكثر برودة وهكذا، فيحدث خلل في النظام الطبيعي، يمكن أن يؤدي إلى انتقال أمراض للإنسان.
لماذا حدث تفشي "جدري القردة" الآن؟
"لا يوجد سبب واضح لتفشي الفيروس"، هكذا أكد عالم الفيروسات، موضحًا أنّ التفسيرات العلمية ترجح أن تضاؤل المناعة وظهور عدد كبير من الأجيال ليس لديها أي مناعة ضد الجدري قد يكون ساهم بشكل كبير في انتشار الفيروس.
هناك أسباب أخرى مثل اقتراب البشر من الحيوانات البرية والتعامل معها في العديد من الدول، إضافةً إلى تغيّر سلوك البشر بعد انحسار موجات كورونا، ورفع القيود على حركة البشر والسفر والحجر الصحي، موضحًا أن كل هذه الأمور، يمكن من خلالها تفسير "لماذا الآن".
طرق انتقال العدوى
أشار الدكتور حسين إلى أنّ انتقال العدوى يتم عن طريق الاحتكاك المباشر والاحتكاك الجلدي، وهذا يحدث بشكل كبير أثناء الاتصال الجنسي، كما أنه يحدث عن طريق ملامسة الملابس الخاصة بالمصاب، سريره والأدوات التي يستخدمها.
هل تلعب الطفرات دورًا في التفشي الحالي؟
قال الدكتور إنّ فيروسات الجدري تميل إلى التحور مرة واحدة سنويًا، وتظهر ورقة بحثية حديثة نشرت في مجلة Nature Medicine أنّ الفيروس الحالي قد تحور حوالي 50 مرة في 4 سنوات، ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الطفرات جعلت هذا الفيروس أكثر قابلية للانتقال أم سمحت له بالانتقال عبر مسار جديد، وقد تستغرق الإجابة وقتًا طويلًا أو ربط الطفرات التي تم رصدها مؤخرًا بأي خاصية بيولوجية لهذا الفيروس.
طرق مكافحة العدوى
- عزل الشخص المصاب حتى يتماثل للشفاء.
- منع الاتصال الجنسي.
- تطهير الأسطح.
كما أنّ هناك إرشادات تفصيلية لمنظمة الصحة العالمية عن كيفية التعامل مع الأسطح الملوثة وطرق تطهيرها بشكل جيد وما هي المطهرات المفضل استخدامها.
الصورة الرئيسية بعدسة فدوى كمال