توظيف البيانات المفتوحة في موضوعات الخدمة العامة 

بواسطة Asma Qandil
Jul 17, 2023 في الصحافة الاستقصائية
صورة تعبيرية

في إطار صقل مهارات الصحفيين بأحدث الأدوات الرقمية التي تساعدهم في عملهم الصحفي، نظم منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين ويبينارًا حول موضوع "توظيف البيانات المفتوحة في موضوعات الخدمة العامة"، قدمته الدكتورة أسماء قنديل، مدرسة الإعلام بجامعة الأهرام الكندية. 

في هذا المقال، تُقدّم  لكم أهم النقاط التي ركز عليها الويبينار، أوجه التشابه والاختلاف بين الصحافة التقليدية والصحافة الاستقصائية، كيفية العثور على أفكار وزوايا لقصص صحفية مدفوعة بالبيانات، وكيفية بناء فرضية التحقيق الاستقصائي، وأمثلة متنوعة لفرضية تحقيقات استقصائية من المواقع العربية والأجنبية، وأدوات متنوعة لتجريف البيانات من صفحات الويب لبناء قواعد بيانات تساعد الصحفيين في تحقيقاتهم وموضوعاتهم الصحفية، وكيفية إنشاء قصة كروس ميديا تفاعلية.

 

استهلت د.أسماء قنديل حديثها بمفهوم "صحافة الخدمة العامة" وهي الصحافة التي تُلبي احتياجات ومصالح الجمهور، وأحد أشكالها التقارير الاستقصائية وذلك وفقًا لما أشار إليه مشروع "Charitable Journalism Project"، وينتشر هذا النوع في الولايات المتحدة الأميركية. 

وذكرت قنديل أنّ "الصحافة الاستقصائية هى طوق النجاة التي ستساعد الصحافة للنهوض لأننا لم نعد بحاجة لمعرفة الأخبار الجديدة والأخبار الرائجة على محركات البحث فحسب، ولكننا بحاجة لمعرفة ما وراء الخبر، والقصص التي تكشف الفساد، والجرائم، ومعرفة القضايا المسكوت عنها، ومن هنا جاء اهتمامنا بالقصص الصحفية المدفوعة بالبيانات بدءًا من مرحلة العثور على الفكرة حتى تنفيذها في قالب تفاعلي جذاب لجمهور المستخدمين". 

أوجه التشابه والاختلاف بين المواد الخبرية والاستقصائية 

وتحدثت قنديل عن المنصات الصحفية العربية والأجنبية التي تُقدّم "القصص المدفوعة بالبيانات" مثل "الجارديان"، و"ProPublica"، وموقع "أريج"، و"إنكفاضة"، وموقع "مصراوي". ثم أشارت إلى الفروق بين الصحافة التقليدية، والصحافة الاستقصائية وذلك من حيث عمليات البحث التي يجريها الصحفي، ومصادر المعلومات، ومخرجات كلٍ منهما. 

وفيما يتعلق بـ"آلية نشر المعلومات" فيقوم الصحفي بعملية جمع المعلومات من مصادر متعددة مثل الوزارات، الهيئات، ثم يصيغها في أي قالب للكتابة الصحفية، ثم يقدمها لرؤسائه ليتم نشرها على الفور وفق روتين العمل وتوجهات السياسة التحريرية في المؤسسة الصحفية التي يعمل بها، أما التحقيقات الاستقصائية فلا يمكنه نشر المعلومات التي قام بجمعها حتى تكتمل كافة جوانب ومراحل إعداد التحقيق الاستقصائي، وهناك بعض التحقيقات التي يستغرق إعدادها من 3 أشهر إلى عام أو أكثر وفقًا لطبيعة الموضوع. كما تكمن أوجه الفروق بين المواد الخبرية والاستقصائية، في احتياج التحقيق الاستقصائي إلى مصادر متعددة للمعلومات حتى تتماسك كافة جوانبه، بينما لا تتطلب المواد الخبرية كمًا كبيرًا من المصادر. 

وبالنسبة للهيكل البنائي للقصة؛ فيتم كتابة الخبر على هيئة قالب الهرم المقلوب، حيث نقوم بترتيب الأحداث وفقًا لدرجة أهميتها في الخبر، أما التحقيقات الاستقصائية فيتم بناؤها وفقًا للتسلسل الزمني أو الدرامي للأحداث، أو من خلال حكي القصة على لسان أبطالها وذلك من أجل جذب انتباه الجمهور ودفعه إلى التفاعل مع ملابسات القصة. 

وأشارت قنديل إلى أهمية إجراء عملية التحقق من كافة المعلومات التي تم جمعها قبل عملية النشر سواء إذا كنت تكتب خبرًا أو تحقيقًا وذلك حتى لا تفقد مؤسستك مصداقيتها عند الجمهور. 

كيفية العثور على أفكار لقصص مدفوعة بالبيانات 

- القراءة المتعمقة للأخبار والأحداث اليومية في مختلف المواقع العربية والأجنبية؛ لأنها تساعدك في العثور على أفكار لتحقيقات استقصائية أو تحديد زوايا مختلفة للموضوعات الصحفية المنشورة. 

-متابعة كل تفاصيل ملفك الصحفي لكي تستلهم أفكارًا تصلح لتحقيقات استقصائية. 

- أن تُتابع التقارير الدولية التي تصدرها الهيئات والمنظمات. 

- متابعة الأبحاث الصادرة عن الجهات والمراكز البحثية. 

-أن تبحث عن البيانات الموجودة في "قواعد البيانات المفتوحة". 

وأشارت قنديل إلى أهمية التفكير بالطريقة التي حددها الصحفي الاستقصائي البريطاني الرائد "Paul Pradshaw"، حيث وضع  7 محاور مهمة يمكنك الاستناد إليها للعثور على أفكار لقصص مدفوعة بالبيانات، ويمكنكم الاطلاع على المقال المترجم على "الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية" الذي يشرح كل جانب بالأمثلة. 

-زاوية الحجم: تعتمد "القصص المدفوعة بالبيانات" في بنائها على أرقام ضخمة تبرز حجم المشكلة، وعلى سبيل المثال: أرقام المصابين، والمتعافين، والوفيات أثناء جائحة كوفيد19. 

-زاوية التغيير: يمكنك إجراء قصص حول أسباب "ارتفاع"، أو "هبوط" أرقام متعلقة بموضوع أو مؤشر معين. 

- زاوية الترتيب والقيَم الاستثنائيّة: تدور قصص الترتيب حول الأسوأ أو الأفضل في قاعدة البيانات. 

-زاوية التباين: يمكنك تطبيق هذه الزاوية من خلال البحث عن القصص التي تبرز عدم المساواة بين الجنسين في الحقوق، وعلى سبيل المثال التحقيق المنشور في شبكة "أريج" و"إنفوتايمز" بعنوان: "مراكز الشباب تسقط الإناث من حساباتها: بُنى تحتية هشة وغياب تام للخصوصية". 

-زاوية الاستكشاف: يمكنك بناء قصتك المدفوعة بالبيانات من خلال الألعاب وحل الألغاز، وغيرها من وسائل مشاركة جمهور المستخدمين والتي تجريها بعض المؤسسات الدولية مثل "بي بي سي"، ويمكنك الاطلاع على القصة التفاعلية المنشورة عن "الطبقات الاجتماعية" من خلال النقر هنا.  

- العلاقات ودحضها: عندما تكون الأمور مرتبطة ببعضها، وعندما لا تكون كذلك. 

-عدم توفّر البيانات، وقصص الحصول على البيانات: هناك الكثير من القصص المدفوعة بالبيانات، والتي تم إجراؤها من خلال قيام الصحفي بإنشاء قاعدة بيانات بنفسه اعتمادًا على إجراء استطلاعات الرأي على عينات كبيرة من الجمهور أو تنزيل البيانات من أرشيف المواقع الإلكترونية، وذلك مثل تحقيق: "مشرط القيصرية يلقي بالمواليد إلى حاضنات مفقودة"، وتحقيق أخر بعنوان "الوجع الغامض: معاناة مرضى متلازمة ما بعد كورونا في الدول العربية". 

فرضية التحقيق الاستقصائي 

ثم تطرقت قنديل إلى كيفية صياغة "فرضية التحقيق الاستقصائي"؛ فبعد قيام الصحفي بتحديد زاوية الموضوع الذي ينوي العمل عليه، يقوم بكتابة "الفرضية" وهي تفسير معقول لسؤال التحقيق بناءً على أفضل دليل متاح تحت تصرفك. 

ويتم اختبار الفرضية من خلال مجموعة من التساؤلات التي تقيس حجم المشكلة والمجتمعات المتأثرة بها، وسبب المشكلة، وتأثيرها، والحلول المحتملة للمشكلة، وبعدها سيتم إثبات صحة الفرضية أم عدمها. 

والخطوة التالية، هي قيام المحرر بمواجهة المصادر بالنتائج التي توصل إليها، وذلك من أجل شرح أسباب المشكلة أو اقتراح الحلول، ثم يكتب القصة ويختار قالبًا سرديًا مناسبًا لأحداثها وملابساتها. 

وبالطبع، لا تخلو القصص المدفوعة بالبيانات من الرسوم البيانية التي تجذب الجمهور لقراءة القصة والتفاعل معها، ولكن يجب الالتزام بمعايير تصميم المخططات البيانية وذلك من حيث ملاءمة نوع وحجم البيانات ومتغيراتها مع الرسم البياني، ومراعاة أسس التصميم واختيار الألوان المناسبة لطبيعة الموضوع.  

ثم انتقلت قنديل إلى شرح أداة "Table Capture" لتجريف البيانات من صفحة الويب، وبعدها أعطت "قنديل" مثالاً عن كيفية التعامل مع قواعد البيانات المفتوحة، وذلك بالتطبيق على موقع "البوابة العربية للتنمية". 

واختتمت قنديل الويبنار بتطبيق عملي على كيفية إنشاء قصة كروس ميديا من خلال موقع "Adobe Express". 

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على موقع "Freepik" ويمكن تنزيلها من خلال الضغط هنا