بدعم من مؤسسة سكريبس هوارد، قدّم المركز الدولي للصحفيين المؤتمر العالمي لتمكين الحقيقة خلال شهر مارس/آذار. وركّزت الجلسة الخامسة والأخيرة من المؤتمر تحت عنوان "استراتيجيات وتكتيكات صناعة المحتوى الفيروسي"، على تعلّم تكتيكات المحتوى الفيروسي والطرق المختلفة التي يمكن لغرف الأخبار والصحفيين الأفراد استخدامها لضمان وصول أخبارهم إلى جمهورهم المستهدف.
وأطرت الجلسة المدربة ميس قات وهي صحفية استقصائية، تركز على تغطية مناطق النزاع وخاصة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. شاركت بتحقيقات كبرى عابرة للحدود ونشرت تحقيقاتها في صحف ومواقع عالمية مثل "الجارديان" و"ديرشبيجل" وغيرهما، وهي أيضًا كبيرة المحررين في معهد السلم والنزاعات بأمستردام.
واستهلّت المدربة ميس قات الجلسة بشرح سلوكيات واحتياجات الجمهور، ثمّ أوضحت المفاتيح الأساسية لصناعة المحتوى الفيروسي عالي الانتشار، واختتمت الجلسة بالحديث عن أهم الأخلاقيات التي ينبغي على الصحفيين التمسّك بها خلال عمليات إنتاج ونشر المحتوى الفيروسي.
وأشارت قات إلى أنّ "المحتوى الفيروسي" هو كل محتوى واسع الانتشار عبر الانترنت، في فترة زمنية قصيرة مثل الفيروس، عن طريق النشر، المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، الأخبار، النشرات، وعبر نشرات البريد الإلكتروني ومحركات البحث، كما يعتبر المحتوى "فيروسيًا" حتى لو كان محصورًا ضمن نطاق جمهور معين كالنساء، الشباب أو فئة معينة من المجتمع.
كما تطرقت المدربة إلى أسرار انتشار المحتوى الفيروسي، وطرحت سؤالًا حول "إمكانية وجود وصفة جاهزة لإنشاء محتوى خارق حارق متفجر". الإجابة كانت لا، ولكن التخطيط الجيد والصحيح هو الذي يرفع من نسبة نجاح العمل الصحفي بشكل كبير ويزيد من قيمة الأثر الذي نهدف لتحقيقه، والانتشار الواسع والسريع للمحتوى الإعلامي هو أحد معايير تقييم الأثر الذي تحدثه أعمالنا الصحفية.
لا توجد وصفة سحرية لانتشار المحتوى الفيروسي ولكن تتوفّر مفاتيح انتشاره
ذكرت المدربة أهم المبادئ والخطوات التي يجب العمل بها لضمان انتشار واسع وفيروسي للمحتوى الإعلامي، أولها مبدأ باريتو أو قاعدة 20/80، وهو مبدأ يتم العمل به في مختلف ميادين الحياة، يرتكز على تقسيم طاقتنا على نوعين من العمل، في الصحافة نركز 20 بالمئة من جهودنا في إعداد المحتوى والجانب التحريري، أما الـ80 بالمئة فنركز فيها على الجوانب الأخرى كشكل المحتوى وترويجه.
وأضافت قات أنّ المواضيع التي تتمّ معالجتها في المحتوى الإعلامي تلعب دورًا مهمًا في انتشاره، لهذا علينا التركيز على المواضيع التي تحقق انتشارًا كالتابوهات التي تثير المشاعر العاطفية، والمواضيع الغريبة والطريفة والتي تحمل عنصر المفاجأة والمحتوى الساخر والكوميدي والأسرار والتسريبات والألغاز والمسابقات. وأوضحت أنّ صياغة العنوان بطريقة صحيحة تعدّ من أهم مفاتيح تحقيق انتشار كبير، لهذا يجب أن يكون سهل الفهم، قصيرًا ومعبرًا عن المحتوى، مكثفًا ولا يزيد عن 5 كلمات.
كما أكدت أنّ اختيار القالب المناسب لمحتوانا الإعلامي على المنصة المناسبة واختيار التوقيت المناسب للنشر وتحديد الجمهور المستهدف، من أهم العناصر المؤثرة في النشر السريع للمحتوى.
تخللت الجلسة أسئلة من المشاركين/ات، ركزت على الفرق بين المحتوى الفيروسي والإشاعة والمحتويات المضللة، فأجابت المدربة أن المحتوى الفيروسي يمكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا، فالإشاعة هي محتوى فيروسي ولكن غير أخلاقي، لهذا علينا العمل باستراتيجيات المحتوى الفيروسي لنشر المحتوى المهني والصادق لمحاربة الشائعات والأخبار المضللة.
وعززت المدربة التدريب بأمثلة من أعمال صحفية انتشرت بشكل كبير، من خلال العمل بالاستراتيجيات والمفاتيح التي تطرقت إليها خلال الجلسة، ومنها:
- تحقيق "محتال تندر" الذي تم تحويله إلى فيلم على منصة نتفليكس، وهو استقصائي عابر للحدود قامت به مجموعة من الصحفيين حول عملية احتيال في تطبيق تيندر، وتميز هذا العمل بالقالب الرقمي الذي نشر به.
- حلقة "فاطمتي" ضمن بودكاست عيب الذي تقدّمه منصة صوت.
- تحقيق التسول على تيك توك للبي بي سي.
وركزت المدربة على أهم العناصر التي ساهمت في انتشار هذه المحتويات الإعلامية كالشكل وعناصر جذب الانتباه وطريقة النشر على منصات الإنترنت. وشددت على أهمية مرحلة ما بعد النشر، فلا يجب أن ينتهي عمل الصحفي عند النشر، لكن عليه العمل على الترويج للمحتوى، وذلك بوضع خطة نشر وترويج محكمة ويطلب من الجمهور المساعدة بالنشر وإعداد محتويات داعمة للمحتوى الأصلي أو استخدام المحتوى بطريقة 360 درجة.
ولفتت قات إلى أنّ التعامل مع المحتوى بطريقة الصحافة تقليدية، كنشر المحتوى بدون مرافقته بعد ذلك وعدم الاهتمام بالصحافة الرقمية في غرف الأخبار واعتبار السوشيال ميديا نهرًا نرمي فيه المحتوى من دون ملاءمته للمنصات الرقمية، من أبرز معيقات انتشار المحتوى الصحفي ونجاحه.
وفي نهاية عرضها، ركزت المدربة على الأخلاقيات المهنية عند العمل على النشر الواسع للمحتوى، فعلينا أن نركز على المحتوى ذي القيمة، ونتأكد من المعلومات والمصادر قبل النشر ونحارب خطابات الكراهية وإعطاء الصوت للناس من خلال القصص والتحقيقات وعلينا أن ننحاز دومًا للحقيقة.
في الختام، فتح المجال لأسئلة الصحفيين المشاركين في الجلسة والتي كانت حول الشكل والقوالب التي تتلاءم مع المنصات الرقمية وأهمية الترويج للأعمال الصحفية.
يمكنكم مشاهدة الجلسة الأولى بعنوان "رواية القصص الصوتية المتقدمة للصحفيين" التي قدمها المدرب سليم سلامه، من خلال النقر هنا.
يمكنكم مشاهدة الجلسة الثانية بعنوان "إعداد القصص والفيديوهات باستخدام الموبايل" التي قدمها المدرب عبدالله الكفاوين من خلال النقر هنا.
يمكنكم مشاهدة الجلسة الثالثة بعنوان "إنشاء محتوى لوسائل التواصل الاجتماعي" التي قدمتها المدربة سارة حطيط من خلال النقر هنا.
يمكنكم مشاهدة الجلسة الرابعة بعنوان "التواصل الإستراتيجي للصحفيين" التي قدمتها المدربة كريمة غانم من خلال النقر هنا.
يمكنكم مشاهدة الجلسة الخامسة بعنوان "استراتيجيات وتكتيكات صناعة المحتوى الفيروسي" التي قدمتها المدربة ميس قات من خلال النقر هنا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة أوستن ديستل.