تقرير رويترز للأخبار الرقمية 2024: مستقبل الصحافة بمواجهة يوتيوب وتيك توك والمؤثرين

Jun 20, 2024 في موضوعات متخصصة
صورة

معركة وجود حامية الوطيس، متعددة الجبهات، تخوضها صناعة الصحافة والإعلام لتقوم فقط بمهمتها الأساسية: إعلام الناس بما يجري>

ناشرو الأخبار باتوا عالقين وسط مجموعة من التغييرات التكنولوجية والسلوكية المتسارعة. ما بين الانخفاض في ثقة الجمهور بسبب تزايد المعلومات الخاطئة والمضللة، والتقدم المتسارع للذكاء الاصطناعي والهجمات من قبل السياسيين، وما بين توقف عمالقة التكنولوجيا مثل Meta وGoogle عن دعم وصول الأخبار، بعدما استبدلوا الصحفيين بالمبدعين والمؤثرين للحفاظ على مكانتهم أمام المنافسين المدعمين بالذكاء الاصطناعي مثل (Microsoft)، وما بين مقاومة الضغوط التي يمارسها رجال الأعمال أو الحكومات في بعض أنحاء العالم، للتأثير على التغطية والسيطرة على الروايات الصحفية. 

خفض وتسريح للعمالة، ومزيد من الإغلاقات هذا العام، بسبب ارتفاع التكاليف، وانخفاض عائدات الإعلانات، والانخفاضات الحادة في حركة المرور من وسائل التواصل الاجتماعي.  

وسط كل هذه المخاطر التي تحيط بالمهنة صدرت النسخة الثالثة عشر من تقرير معهد رويترز السنوي للأخبار الرقمية Digital News Report 2024 الذي يستند إلى بيانات استطلاع أجرته شركة (YouGov) وشارك فيه أكثر من 95000 شخص من 6 قارات و47 دولة يمثلون نصف سكان العالم.

يأتي تقرير هذا العام في وقت يتوجه فيه حوالي نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع، في ظل استمرار الحروب في أوكرانيا وغزة، وهو ما يجعل توفير الصحافة الدقيقة والمستقلة أكثر أهمية في هذه الأوقات المضطربة من أي وقت مضى. 

مصادر الأخبار.. الصحفيون VS المؤثرون! 

  • شهد فيسبوك انخفاضًا كبيرًا في استخدامه كمصدر للأخبار في العديد من البلدان، وخصوصًا خارج أوروبا والولايات المتحدة، وفي المقابل ازداد الاعتماد على تطبيقات المراسلة الخاصة وشبكات الفيديو كبدائل للحصول على الأخبار. 
  • لم يعد استخدام الأخبار عبر منصات الإنترنت مقصورًا على شبكتين اجتماعيتين كما كان في السابق، حيث تصل الآن ست شبكات إلى ما لا يقل عن (10%) من المشاركين. 
  • يتم استخدام موقع (YouTube) للحصول على الأخبار من قبل ما يقرب من الثلث (31%)، ويُستخدم (WhatsApp) بحوالي الخمس (21%)، في حين أن (TikTok) يستخدمه (13%) متفوقًا على (X أو Twitter) المُستخدم بنسبة (10%). 
  • أصبح الفيديو المصدر الأكثر أهمية للأخبار عبر الإنترنت، خصوصًا بالنسبة للمجموعات الأصغر سنًا. يتم الوصول إلى مقاطع الفيديو الإخبارية القصيرة من قبل ثلثي العينة (66%) كل أسبوع، بينما تجتذب المقاطع الأطول حوالي النصف (51%).  
  • المركز الرئيسي لاستهلاك مقاطع الفيديو الإخبارية هو منصات الإنترنت (72%) بدلاً من مواقع الناشرين (22%)، مما يزيد من التحديات المتعلقة بتحقيق الدخل والاتصال. 
  • انخفضت نسبة اعتماد الجمهور على مواقع الويب أو التطبيقات الإخبارية كمصدر رئيسي للأخبار عبر الإنترنت حيث حدد حوالي خمس المشاركين فقط (22%) – بما يمثل انخفاضًا بنسبة 10 نقاط مئوية عن عام 2018.  
  • يفضل الجمهور استقاء الأخبار من الخبراء السياسيين المنتمين للأحزاب والمؤثرين ومبدعي الأخبار الشباب، خصوصًا على يوتيوب وتيك توك، ولكن في الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك و(X)، لا تزال العلامات التجارية الإخبارية التقليدية والصحفيون يلعبون دورًا بارزًا. 

ثقة الجمهور في الأخبار.. هل وصلنا للقاع؟! 

  • "يمكن أن تكون الثقة مفتاحًا لتحقيق إيرادات المستخدمين" كما تقول (Agnes Stenbom)، رئيسة قسم IN/LAB في مجموعة (Schibsted) الإعلامية. 

تطلب جميع التقارير الإخبارية تقريبًا ضمنيًا من الجمهور أن يثقوا بها. على المستوى الأساسي، ولكن في جميع أنحاء العالم، لا يثق الكثير من الجمهور بمعظم الأخبار في معظم الأوقات.  

على الرغم من وجود تباين كبير من بلد إلى آخر ومن علامة تجارية إلى أخرى، في تقرير هذا العام، قال 40% فقط من المشاركين في جميع الأسواق الـ 47 إنهم يثقون في معظم الأخبار.  

  • ارتفع القلق بشأن مصداقية الأخبار على الإنترنت بنسبة 3 نقاط مئوية في العام الماضي، حيث أعرب حوالي ستة من كل عشرة (59٪) عن قلقهم من عدم التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة. إقليميًا سجلت إفريقيا أعلى مستويات القلق بنسبة (75%)، وعلى مستوى الدول تبرز نسبة القلق بشدة في جنوب أفريقيا (81%) والولايات المتحدة (72%)، وكلاهما الدولتان اللتان ستجريان انتخابات هذا العام. 
  • المخاوف بشأن إمكانية التمييز بين المحتوى الجدير بالثقة وغير الجدير بالثقة جاءت نسبتها الأعلى في منصتي (TikTok وX) مقارنة بالشبكات الأخرى عبر الإنترنت، بعدما استضافت كلتا المنصتين معلومات مضللة حول قصص مثل الحرب في غزة، وصحة أميرة ويلز، بالإضافة إلى ما يسمى بالتزييف العميق للصور ومقاطع الفيديو. 
  • ارتفعت نسبة تجنب الأخبار الانتقائية. حيث يقول حوالي أربعة من كل عشرة (39%) إنهم يتجنبون الأخبار في بعض الأحيان أو في كثير من الأحيان ــ بزيادة 3 نقاط مئوية عن متوسط ​​العام الماضي. الأسباب الأساسية لذلك لم تتغير. حيث يقول متجنبو الأخبار الانتقائيون إنّ وسائل الإعلام غالبًا ما تكون متكررة ومملة. فيما يقول البعض إنّ الطبيعة السلبية للأخبار في حد ذاتها تجعلهم يشعرون بالقلق والإحباط والعجز، ووصف البعض الآخر الأخبار بأنها قاسية وتشعرهم بالإرهاق بسبب كم الأخبار التي تبث هذه الأيام. 

 

الذكاء الاصطناعي الصحفي.. الكواليس أم المسرح؟! 

  • في 28 دولة تمّ فيها قياس الوعي بالذكاء الاصطناعي، كان الوعي المبلغ عنه ذاتيًا منخفضًا نسبيًا، حيث قال أقل من النصف (45٪) من المشاركين إنهم سمعوا أو قرأوا قدرًا كبيرًا أو متوسطًا عنها. وفي الوقت نفسه، يقول 40% من المشاركين إنهم سمعوا أو قرأوا قدرًا صغيرًا، و9% لم يقولوا شيئًا على الإطلاق. تشير الدراسات الحديثة إلى أن الناس لا يدركون دائمًا ماهية الذكاء الاصطناعي، وأن معظمهم لا يستخدمونه بشكل منتظم.
  • تظهر بيانات الاستطلاع أنه في جميع البلدان، هناك أقلية فقط تشعر حاليًا بالارتياح عند استخدام الأخبار التي يصنعها البشر بمساعدة الذكاء الاصطناعي (36%)، وهناك نسبة أصغر تشعر بالارتياح عند استخدام الأخبار التي يصنعها الذكاء الاصطناعي في الغالب تحت إشراف بشري (19%). 
  • مع تبني الناشرين لاستخدام الذكاء الاصطناعي، نجد شكوكًا واسعة النطاق حول كيفية استخدامه، خاصة بالنسبة للقصص الإخبارية "الصعبة" مثل السياسة أو الحرب. الجمهور يرتاح أكثر لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المهام التي تتم خلف الكواليس لدعم عمل الصحفيين مثل النسخ والترجمة. 
  • ترتبط الراحة مع الذكاء الاصطناعي بشكل وثيق بأهمية وخطورة الموضوع الذي تتم مناقشته. يقول الجمهور إنهم يشعرون براحة أكثر تجاه استخدام AI في أخبار الرياضة أو الفنون أو الترفيه، وهي مواضيع تكون عواقب الأخطاء فيها أقل خطورة، بعكس الأخبار التي ينتجها الذكاء الاصطناعي حول موضوعات مثل السياسة والجريمة والتي لا يشعر الجمهور بالراحة اتجاهها لما تحمله من خطورة محتملة.  
  • مستويات الراحة حول الاستخدامات المختلفة للذكاء الاصطناعي تميل إلى أن تكون أعلى لدى الأشخاص الذين قرأوا أو سمعوا المزيد عنها، -حتى لو بقي الكثير منهم حذرين- يشير هذا إلى أنه عندما يستخدم الأشخاص التكنولوجيا ويجدونها مفيدة لهم، فقد يتخذون نظرة أكثر توازنًا للمخاطر والفوائد في المستقبل. 

ثلاثية التفاعل.. ماذا يحتاج الجمهور؟ 

  • أربع احتياجات أساسية للجمهور هي المعرفة والفهم والشعور والعمل. تظهر النتائج التي توصلنا إليها أنّ احتياجات المستخدم الثلاثة الأكثر أهمية على مستوى العالم هي البقاء على اطلاع دائم (تحديثي) بنسبة (72%)، ومعرفة المزيد (علمني) بنسبة (67%)، واكتساب وجهات نظر متنوعة (أعطني وجهة نظر) بنسبة (63%).  
  • الجمهور في الأغلب يشعر بالخدمة مع الأخبار السياسية والرياضية، لكن هذا لا ينفي وجود فجوات في قطاع الأخبار المحلية في بعض البلدان، وكذلك أخبار الصحة والتعليم. 
  • تعتبر الأخبار المحلية والعالمية من أهم المواضيع لجميع الفئات العمرية. الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا تظل السياسة لديهم ثابتة في المراكز الثلاثة الأولى. بينما تهتم المجموعات الأصغر سنًا أكثر بالبيئة وتغير المناخ، بالإضافة إلى موضوعات أخرى مثل الصحة، والتي لا تحظى بأولوية كبيرة بالنسبة للمجموعات الأكبر سنًا. 

مستقبل الدفع مقابل الأخبار  

  • إن الأعمال الإخبارية في موقف صعب ويتطلع المزيد من الناشرين إلى توجيه الدفع للقارئ كإستراتيجية أساسية لتكملة إيرادات الإعلانات. ولكن في جميع البلدان نجد أن أقلية فقط (17%) مستعدة للدفع، وكما أظهرنا، فإن البقية ليسوا على استعداد لدفع الكثير على الإطلاق. الأغلبية (57%) لن تفكر في دفع أي شيء. 
  • تُظهر البيانات نموًا طفيفًا في الاشتراكات الإخبارية، حيث قال 17% فقط إنهم دفعوا مقابل الأخبار عبر الإنترنت في العام الماضي، عبر سلة مكونة من 20 دولة أكثر ثراءً. دول شمال أوروبا مثل النرويج (40٪) والسويد (31٪) لديها أعلى نسبة من الذين يدفعون، واليابان (9٪) والمملكة المتحدة (8٪) من بين أدنى المعدلات.  
  • نسبة كبيرة من الاشتراكات الرقمية تذهب إلى عدد قليل فقط من العلامات التجارية الوطنية. 
  • لا تزال احتمالات جذب مشتركين جدد محدودة بسبب التردد المستمر في دفع ثمن الأخبار، المرتبط بانخفاض الاهتمام ووفرة المصادر المجانية. حيث يقول أكثر من النصف (55%) من غير المشتركين حاليًا إنهم لن يدفعوا شيئًا مقابل الأخبار عبر الإنترنت، مع استعداد معظم الباقين لتقديم ما يعادل بضع دولارات فقط شهريًا، عند الضغط عليهم، فيما يقول (2%) فقط من غير المشتركين إنهم سيدفعون ما يعادل متوسط ​​سعر الاشتراك الكامل. 
  • يظل بث الأخبار نقطة مضيئة للناشرين، حيث يجذب الجماهير الأصغر سنًا والمتعلمين جيدًا ولكنه نشاط أقلية بشكل عام.  
  • يستكشف الناشرون أيضًا تنسيقات مختلفة كوسيلة لمواجهة تحدي المشاركة، خاصة تلك التي تعتمد بشكل أقل على خوارزميات النظام الأساسي، مثل البودكاست. 
  • يعمل ناشرو المطبوعات القديمة على تكثيف إنتاج البودكاست الخاص بهم، حيث وجدوا أن الجمع بين النص والصوت مناسب تمامًا للإيقاعات الصحفية المتخصصة، وتكلفته منخفضة نسبيًا مقارنة بالفيديو، فضلاً عن قدرته على جذب جماهير أصغر سنًا وأكثر ثراءً وأفضل تعليمًا. من 20 دولة، يصل ما يزيد قليلاً عن الثلث (35%) إلى البث الصوتي شهريًا، مع وصول (13%) إلى عرض يتعلق بالأخبار والشؤون الجارية.  

هل مازال Facebook وThreads وX مكانًا ملائمًا للصحفيين؟ 

  • تحاول (Meta) تقليل دور الأخبار عبر (Facebook وInstagram وThreads)، كما قامت بتقييد الترويج الخوارزمي للمحتوى السياسي. كما قامت الشركة أيضًا بتخفيض الدعم لصناعة الأخبار، وعدم تجديد الصفقات بملايين الدولارات، وإزالة علامة تبويب الأخبار الخاصة بها في عدد من البلدان. 
  • أصبح فيسبوك أقل أهمية، وأصبحت العديد من المنصات الأخرى أكثر أهمية نسبيًا (منها ما هو مملوك لشركة ميتا). 

البيانات المجمعة من 12 بلدًا -معظمها متقدمة- يتم متابعتها منذ عام 2014. تظهر انخفاضًا كبيرًا، في الوصول إلى فيسبوك مع مرور الوقت، حيث انخفض الوصول بمقدار 16 نقطة منذ عام 2016. 

  • في مواجهة المنافسة الجديدة، والتحول القوي الذي تظهره البيانات نحو الشبكات القائمة على الفيديو مثل (YouTube وTikTok وInstagram). قام كل من (Facebook وX) بإعادة تركيز استراتيجياتهما، متطلعين إلى إبقاء المستخدمين داخل النظام الأساسي بدلاً من الارتباط بالناشرين، وقد تضمن ذلك إعطاء الأولوية للفيديو وتنسيقات الملكية الأخرى، وهو ما تسبب في تقليل إحالات حركة المرور من (Facebook) إلى الناشرين والمواقع الصحفية بنسبة (48%) في العام الماضي ومن (X) بنسبة (27%).
  • (TikTok) لا يزال هو الأكثر شعبية بين الفئات الأصغر سنًا، وارتفعت نسبة استخدامه للحصول على الأخبار إلى (13%)، و(23%) للفئة العمرية 18-24 عامًا.  
  • يحظى تيك توك بنمو سريع في أفريقيا، وأميركا اللاتينية، وأجزاء من آسيا. حيث يستخدمه الآن أكثر من الثلث للحصول على الأخبار كل أسبوع في تايلاند (39%) وكينيا (36%)، مع وصول ربعهم أو أكثر إليها في إندونيسيا (29%) وبيرو (27%). في مقابل (4%) فقط في المملكة المتحدة، و(3%) في الدنمارك، و(9%) في الولايات المتحدة. 
  • يظل (YouTube) أهم منصات الفيديو الإخبارية عبر الإنترنت بشكل عام.  

 

صعود المؤثرين.. غزة كلمة السر! 

  • مع تقييد الوصول إلى الأخبار الرئيسية، صعد المؤثرون الشباب بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما عملوا في غزة واليمن وأماكن أخرى على ملء الفجوات - من خلال توثيق حقائق الحياة الوحشية في كثير من الأحيان على الأرض. 

يظهر حساب "عين على فلسطين" على إنستجرام في البيانات في عدد من البلدان. ويقول الحساب إنه يجلب "الأصوات والصور التي لا تعرضها وسائل الإعلام الرسمية"، أيضًا (WarMonitor) أحد الحسابات المؤثرة التي أوصت بها شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، أضاف مئات الآلاف من المتابعين خلال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. 

لماذا يفضل الجمهور الفيديو الاجتماعي؟ 

أثناء تحليل التعليقات المفتوحة، وُجِدَت ثلاثة أسباب أساسية وراء انجذاب الجمهور إلى الفيديو والمحتويات الأخرى في منصات التواصل الاجتماعي والفيديو. 

  1. الطبيعة غير المفلترة نسبيًا لكثير من التغطية تجعلها تبدو أكثر جدارة بالثقة والأصالة من وسائل الإعلام التقليدية. - هناك اعتقاد راسخ بأن مقاطع الفيديو يصعب تزويرها- 
  1. الأريحية في تقديم الأخبار للمستخدم على منصة يقضي فيها وقتًا بالفعل، وتعرف اهتماماته، وتغذي فيها الخوارزميات الاقتراحات بناءً على المشاهدة السابقة. 
  1. تقديم منصات الفيديو الاجتماعية لوجهات النظر المختلفة.  

الصورة الرئيسة صُممت بواسطة الذكاء الاصطناعي.