ترتبط الصحافة الاستقصائية في غزة وفلسطين بشكل عام، بمدى وجود الحريات وآلية تطبيقها، والقوانين الخاصة ذات الصلة التي تحمي هكذا مغامرة في عالم الصحافة.
لقد تأخرت الصحافة الاستقصائية في الوصول لفلسطين بسبب عدم سماح الوضع المحلي من صراع داخلي وخارجي فيها، فقد تمّ تسجيل أول بداية فعلية للصحافة الاستقصائية في عام 2009، وعام 2013، بدأت المؤسسات الإعلامية والصحفية بالتنافس في هذا القطاع الصحفي المهم والذي تقع على عاتقه العديد من المسؤوليات والتحديات.
وفي هذا المضمار، تحدثت الأستاذة الصحفية هاجر حرب عن واقع الصحافة الاستقصائية في غزة اليوم، وقالت: "على الرغم من العراقيل والتحديات التي تواجه عمل الصحافة الاستقصائية على اعتبار أنها فن جديد وقد بدأت تفرض نفسها بقوة على الساحة خلال السنوات الأخيرة، إلا أننا شاهدنا عددًا كبيرًا من التحقيقات الاستقصائية التي أعدها زملاء صحفيون يعملون في مكاتب ووسائل إعلامية سواء محلية أو عربية، وحاولوا من خلالها إظهار الوجه الحقيقي لطبيعة عمل الصحافة باعتبارها سُلطة رابعة".
ويُذكر أنّ هاجر تعرضت للملاحقة الأمنية على خلفية تقرير نشرته يكشف فساداً في مستشفيات حكومية في غزة.
وعن تجربتها في هذا المجال والتحديات التي واجهتها أثناء عملها، تقول هاجر: "كي أكون أكثر إنصافاً في الحديث عن تجربتي فهي لم تبلغ بضع سنوات وعددًا محدودًا من التحقيقات الاستقصائية ولكن الحال كما هو مع كل الزملاء العاملين في هذا المجال، أي أنّ:
1-التحديات كبيرة سواء من خلال السُلطات في قطاع غزة أو حتى في الضفة الغربية من خلال الملاحقات الأمنية من خلال عدم وجود قانون يحمي المُبلِّغين عن الفساد
2-أيضاً غياب القوانين الخاصة بقانون حق الحصول على المعلومات وكثير من القوانين ذات العلاقة بقانون العقوبات وقانون النشر والمطبوعات، فهناك العديد من القوانين المحلية التي تُعد في مضمونها أحد أهم العراقيل.
ولأنه لا يمكن الحديث عن الصحافة الاستقصائية بدون التطرّق إلى قانون حق الحصول على المعلومات، تم إعلان السبت 21/7/2018 تأسيس شبكة الصحفيين الاستقصائيين الفلسطينيين، ويأتي هذا دعما لدور الصحافة الاستقصائية في الكشف والتطوير من الأوضاع الحياتية في فلسطين، ولحماية الصحفيين القائمين على هذا المشروع.
كذلك يبدو مستقبل الصحافة الاستقصائية في غزة وفلسطين بشكل عام، مُبهماً في ظل الصراع الذي تتعرض له المنطقة، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي فيها، وتُواصل هاجر حول هذه النقطة قولها: "لا يمكن استثناء الأراضي الفلسطينية عن جموع الدول العربية، فقد بدأت الصحافة الاستقصائية تفرض نفسها في الدول العربية، فتونس على سبيل المثال والأردن استطاعا أن يحققا تفوقاً واضحاً في هذا المجال".
وعن كيفية تطوير والعمل على مستقبل الصحافة الاستقصائية، تُضيف حرب:
1-هناك العديد من الخطوات التي يجب أن تتخذ باتجاه تطوير بيئة النزاهة والشفافية وعمل التحقيقات الاستقصائية، من قبل الحكومة وذوي القرار.
2-تعديل القوانين ذات العلاقة بعمل الصحافة الاستقصائية.
3-توفير بيئة آمنة للصحفيين العاملين بهذا المجال، وتوفير كل ما يلزمهم من إمكانيات وحماية لهم ولمصادرهم الخاصة.
أخيراً تترك لنا هاجر مجموعة من النصائح للصحفيين والصحفيات بغزة للعمل على الصحافة الاستقصائية سواء تقارير أو تحقيقات بشكل ناجح ويؤدي الرسالة:
أولاً، علينا التفريق بين التقارير الاستقصائية والتقارير المُعمَّقة، فالتقارير المُعمَّقة هي الجزء الأولي للصحافة الاستقصائية المُوسعة.
أما النصائح التي يمكن إعطاؤها هنا لإنجاح التقارير والتحقيقات الاستقصائية:
- أن يكون هناك توجه لدى الجامعات الفلسطينية لتدريس مادة التحقيقات الاستقصائية تدريساً عملياً وليس مجرد مادة نظرية، تُدرَّس لطلاب كلية الإعلام والصحافة في قطاع غزة.
- أن يكون هناك توجه حقيقي لدى العاملين في مجال الصحافة الاستقصائية للكشف عن الفساد وليس لمجرد البحث عن الشهرة أو الأضواء.
- الصحافة الاستقصائية هي النموذج الحقيقي الذي يعبر عن طبيعة عمل السلطة الرابعة، لذا على الصحفي فهم هذا الأمر جيداً قبل البدء بعمله في مجال الاستقصاء وراء الحقيقة.
- الاطلاع على التجارب الدولية والعربية في هذا المجال، وفهمها ودراستها جيداً لمعرفة كيفية تقديم نموذج متقدِّم في الصحافة الاستقصائية.
تحقيقات استقصائية أوروبية في خمسة كتب
5. العمل على التشبيك مع مصادر مهمة للمعلومات.
6. الصبر والتأني، فالعمل الاستقصائي يتطلب مجهوداً قوياً وصبراً للوصول للحقائق.
7. الحياد: فالصحفي مهمته الكشف عن الحقائق والفساد وليس الوقوف بجانب جهة ضد أخرى.
وأخيرًا، يمكن للصحفيين الإستفادة من هذه المصادر في الروابط التالية:
آن الأوان لتبدأ تحقيقك الاستقصائي الأول
قواعد التخفي في التحقيقات الاستقصائية
التحقيقات الاستقصائية .. نصائح لسرعة الإنجاز
الصورة الرئيسية للصحفية هاجر حرب في الميدان أثناء العمل