كثيرًا ما نقرأ أو نشاهد قصصًا صحفية تجذبنا، لكن ماذا لو كنت داخل القصة نفسها بل وتتفاعل معها أيضًا؟
أصبح ذلك متاحًا من خلال تقنية الواقع الإفتراضي (virtual reality)، التي تسمح لك بأن تكون في عالم آخر بمجرد أن ترتدي نظّارة الواقع الإفتراضي، تشاهد وتسمع، تتحرك داخله في كل الاتجاهات، وتكتشفه كأنك موجودًا داخله فعليًا.
تقنية الواقع الإفتراضي ليس جديدة على عالم الألعاب، لكن زاد عليها تطور الأدوات المستخدمة، إلا أن الجديد هذه المرة هو استخدامها في الصحافة بعد ظهور تقنية "360 درجة" في الفيديوهات.
كان استخدام تجربة الواقع الإفتراضي في القصص الصحفية أحد الموضوعات الأساسية التي تم مناقشتها بمنتدى الإسكندرية للإعلام في نيسان/إبريل الماضي، جرب المشاركون نظارة الواقع الإفتراضي ليشاهدوا قصة صحفية، مصممة جرافيكس؛ تأخذك إلى أحد الأحياء الشعبية في سوريا، ويمر من جانبك الرجال وهم ذاهبون إلى عملهم، والنساء وهن حاملات الطعام إلى بيوتهن، والأطفال وهم يلعبون غير مكترثين بأي شيء آخر إلى أن يتوقف ذلك كله عندما يحدث تفجير مفاجئ.
تحدثت شبكة الصحفيين الدوليين إلى أيمن صلاح، الخبير في مجال تكنولوجيا الاتصال، حول تلك التجربة التي قدمها للمشاركين في منتدى الإسكندرية. يقول صلاح: "ينبغي علينا مواكبة التطور، وجذب الجمهور، فهذه التقنية تجعل المحتوى أكثر تفاعلية، والمستخدم جزء من القصة، وكلما زادت قدرتك على جذب المستخدم كلما نجحت قصتك أكثر".
ويوضح طريقة خلق مشهد ثلاثي الأبعاد: "يتم استخدام كاميرتين أحدهما ثابتة على الجسم المراد تصويره، والأخرى منحرفة بزاوية من 15 لـ22 درجة، وهنا يحدث خداع بصري وعمق في الرؤية بعد تركيب المادتين المصورتين على بعضهما في خطوة المونتاج، حينها ترى العين بعد ثالث في الصورة لا تراه في الطبيعي عندما ترتدي نظارة الواقع الإفتراضي، وبدونها يظهر المنظر مشوش تمامًا.. وتستخدم كاميرا Gopro لتصوير المشهد 360 درجة أي لتراه من كل الجوانب".
ويضيف: "يمكن بعد ذلك إضافة نص أو صوت أو عمل موشن جرافيك أو السماح بتفاعل المشاهد داخل القصة من خلال لمس أي جزء لإظهار شيء أو معلومات أمامه، وهو ما يحتاج إلى مساعدة المبرمج".
وضرب صلاح مثالًا بمشروع المليون ونصف فدان الذي كان مطروحًا في وسائل الإعلام قبل فترة، موضحًا أنه يمكن استخدام هذه التقنية فيه لجعل المتلقي يسير داخل هذه الأفدنة، ويعرف مساحتها بنفسه، وتظهر له معلومات عن المشروع خلال هذه الرحلة، وبذلك تحول المحتوى من شكله الجامد إلى شكل آخر جذاب وتفاعلي.
وتعتبر صحيفتا الغارديان البريطانية، ونيويورك تايمز الأميركية، من أكثر المهتمين باستخدام تقنية الواقع الإفتراضي في قصصهم الصحفية.
ومن أمثلة القصص التي انتجتها الغارديان بهذه التقنية؛ قصة مستوحاة من ما حدث لآلان كردي، اللاجئ السوري البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي غرق في البحر الأبيض المتوسط، حيث كتب خالد حسيني، الروائي وسفير النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قصة عن الليلة السابقة لرحلة قاتلة، فيها أب وابنه يتحدثان عن حياتهما في سوريا قبل الحرب وعن مستقبلهما الذي أصبح غير معروف.
كما أنتجت قصة أخرى عن جولة في القطب الشمالي، لمشاهدة عواقب السلوك البشري، وتأثير سنوات من درجات الحرارة القياسية، حولت القطب الشمالي إلى ذوبان.
وقصة عن الحبس الإنفرادي بعنوان "6x9"؛ تظهر خلال مشاهدتها نصوص توفر معلومات عن هذا الموضوع.
تحتاج لمشاهدة قصص الغارديان عبر الهواتف الذكية بواسطة نظارة الواقع الإفتراضي إلى تحميل تطبيق"daydream" الخاص بجوجل (له نظارة معينة لا تعمل إلا على هواتف معينة)، وتوفر الغارديان في بعض القصص إمكانية تحميل تطبيقات أخرى لمشاهدتها على أجهزة الأندرويد عبر نظارة "Samsung Gear vr" أو نظارة "Google cardboard"، التي يعمل عليها أيضًا أجهزة Ios (آيفون).
أما نيويورك تايمز فتوفر في كل قصصها أسفل كل قصة ثلاث تطبيقات يمكن تحميل أيا منهما – حسب طبيعة جهازك – لمشاهدة القصص.
يمكنك شراء نظارة Vr من منافذ شركات عديدة، أشهرها: Samsung""؛ وتسمى بـ"Samsung Gear Vr" تعمل على هواتف سامسونج جلاكسي، ويتم استخدمها من خلال تحميل تطبيق للاتصال بينها وبين الهاتف، ""Google؛ تسمى ""Daydream Viewلا تعمل إلا على هواتف معينة، حيث سيتم وضع الهاتف داخلها، والتحكم في الحركة من خلال ريموت كنترول، وتوفر جوجل أيضًا "Google cardboard" لنفس الغرض لكنها تعمل على كل الأجهزة وبأسعار أقل، و"Htc"؛ تسمى بـ"Htc vive"، ويكون معها ذراعان للتحكم، لذلك تستخدم في مجال الألعاب، ويمكن توصيلها على أجهزة الحاسوب وشاشات العرض، و"Oculus"؛ معروفة باسم "Oculus Rift"، ويتم توصليها بالحاسوب أو شاشة العرض، ولها عدة استخدامات في مجالات علمية.
يبدأ سعر نظارة الواقع الإفتراضي من US$50 تقريبًا ويزيد حسب إمكانيتها.
ولكن من لا يمتلك نظارة الواقع الأفتراضي من الأساس، فيستطيع مشاهدة بعض القصص على جهازه أو هاتفه بطريقة 360 درجة فقط.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الأبداعي على فليكر بواسطة مركزنايت في الأميركيتين.