بمناسبة إطلاق الدورة العاشرة من برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قدّمت شبكة الصحفيين الدوليين الجلسة التدريبية الثانية عبر زووم وعبر صفحة شبكة الصحفيين الدوليين على فيسبوك وعلى صفحة منتدى باميلا هوارد.
حملت الجلسة الثانية التي قدّمها الأستاذ أحمد عصمت وهو استشاري بمجال تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي ومدير منتدى الإسكندرية للإعلام، عنوان "مدخل الى صنع العلامة التجارية"، وذلك في 6 حزيران/يونيو 2023.
استهلّ عصمت عرضه بتوضيح ماهية التسويق الالكتروني في الإعلام أو ما علاقة التسويق بالإعلام، وعرض على المشاركين/ات في الجلسة مجموعة من شعارات وسائل إعلامية، موضحًا كيف تحوّلت من شعارات إلى منتجات أو خدمات، من خلال تلخيصها للفكر الذي تعكسه، فاللوجو أو الشعار هو انعكاس للمشاريع الإعلامية مهما كان نوعها أو مجالها.
وأضاف عصمت أنّ الشركات الكبرى تدفع مبالغ طائلة لترسيخ شعارها في عقل الجمهور وقدّم أمثلة من الحياة اليومية لشركات تجارية ضخمة، ثمّ تطرق المدرب إلى تعريف العلامة التجارية بأنها نوع من الأنشطة التسويقية وخليط من الفن والعلم، نستعمل الفن في رسم الشعار والشكل الذي يتوافق مع المنتج أو الخدمة التي يقدمها المشروع، أما انعكاس العلم فيكون في اختيار الألوان المناسبة التي تعبر عن المشاعر التي نريد إيصالها للجمهور، فاللون الأزرق مثلًا هو لون يساهم بالراحة النفسية وأثبت العلم أنّ لكل لون دلالته.
وللتفريق بين العلامة التجارية والتسويق، قدّم عصمت تعريفًا لكل منها، حيث عرّف التسويق أو الماركتينغ بأنه عملية تقوم بها الشركات لترويج وبيع خدماتها بنشر مجموعة من الرسائل عبر مختلف الأنشطة، والعلامة التجارية هي أداة أو نشاط يعتبر جزءًا من التسويق تستعمله المشاريع والشركات للتموضع في السوق.
كما أكد المدرب أحمد عصمت أنّ العلامة التجارية والتسويق يساعد المؤسسات الإعلامية الناشئة في التمركز سريعًا في الوسط الإعلامي، فالعلامة التجارية التي يرسمها أصحاب هذه المشاريع هي التي تجعل الجمهور يختارها دون غيرها عندما يبحث عن الخبر اليقين أو عن المعلومة الصحيحة.
كما عرض المدرب مجموعة من العمليات التي يقوم عليها التسويق، كالإعلان، الإعلام، الترويج، التخفيضات وغيرها. أما العلامة التجارية والتي هي أساس هذه العمليات تقوم على السمعة، نوع المنتج أو الخدمة، الشكل، الألوان، الوعد الذي نقدمه للمستخدمين عن طريق الشعار، الخط الذي نستعمله واسم العلامة، وتساهم كل هذه العناصر في بناء الصورة الذهنية عن المنتج أو الخدمة في ذهن الجمهور.
ولنجاح بناء هذه الصورة يجب التقيد بمجموعة من القواعد الحيوية، قدمها عصمت خلال العرض وهي أنّ العلامة التجارية أعمق بكثير من اللوجو أو الألوان، وهي كيف يشعر المستهلك أو المستخدم تجاه منتجك وما هو انطباعه عما تقدمه وماذا يقول عنه، وكذلك وجوب اتساق العلامة التجارية عبر مختلف نقاط الاتصال مع المستهلك ويجب أن ينعكس في كل ما تفعله كالإيميل الشخصي، الإيميل الترويجي، الإعلانات في الشارع، وغير ذلك. وينبغي أن تعكس العلامة التجارية التموضع أو التمركز المرسوم مسبقًا ضمن خطة التسويق وأن تخدم رؤية المؤسسة وأهدافها، فيجب أن يكون لدى أصحاب المشاريع استراتيجية وهدف ورؤية محددة وبعدها تعمل على صنع الشعار وليس العكس.
فالعلامة التجارية هي الوعد الذي تقدمه للجمهور والوعد هو الخدمة التي ترقى لاهتمامه وترتقي به، وهي تعكس قصة المنتج الخاص بك، كما أنها القيمة المضافة للمنتج أو الخدمة التي نقدمها وكل ما يرتبط بعلامتك التجارية من ألوان وصور وإحساس، وفقًا للمدرب الذي أضاف أنّه "لبناء العلامات التجارية يجب أن تتوفر ثلاثة عناصر أساسية في استراتيجيتها، وهي الوضوح الذي يكون باختيار مكونات العلامة التجارية ببساطة الشعار والاسم والابتعاد عن الأشكال المعقدة والأسماء الغريبة وغير المفهومة، أمّا الاتساق وهو التناسق والانسجام بين الهوية التي نصنعها والمنتج الذي نقدمه وأخيرًا الإبداع في اختيار الشعار واسم المشروع".
فُتح المجال لأسئلة المشاركين خلال الجلسة وكانت حول الهوية البصرية وعلاقتها بالعلامة التجارية وأهمية اختيار الألوان، وأجاب المدرب أحمد عصمت أنّ الهوية البصرية هي جزء من العلامة التجارية وركز على أهمية اختيار الألوان المناسبة التي تعبر عن الإحساس والرسالة التي نريد إيصالها لجمهورنا.
كما طرح أحد المشاركين سؤالًا حول إمكانية تغيير اسم المشروع بعد انطلاقه، وأجاب عصمت أنّ هذا الأمر متعلق بالاستراتيجية وليس بالعلامة التجارية، فنغير الاسم أو الشعار عندما نغير استراتيجية المشروع.
ولفت عصمت إلى أنّ العلامة التجارية تعتبر من أهم العوامل التي تشكل تفضيلات القراء، واستخدم وكالة "رويترز" كمثال عن أهمية الصورة الذهنية والانطباع الذي نتركه عند الجمهور، فرويترز ركزت عند بناء علامتها التجارية على الثقة مع جمهورها في استراتيجيتها التسويقية، وهي اليوم من أضخم الوسائل الإعلامية وأكثرها متابعة.
ريادة الأعمال الإعلامية والتجارة الالكترونية
العلاقة بين مشروعات ريادة الأعمال الإعلامية والتجارة الالكترونية كانت من أهم محاور الجلسة، فالمشاريع الإعلامية قليلة الدخل والإيرادات، لذا على العاملين عليها البحث عن مصادر دخل أخرى جديدة ومبتكرة، تساعدهم على توفير مصاريف هذه المشاريع.
ولإبراز أهمية التجارة الالكترونية، عرض المدرب المبالغ المالية الضخمة التي أنفقها الناس عبر العالم في العام 2022 في مشترياتهم المختلفة عبر الإنترنت، وبالرغم من أنها عملية تجارية بحتة إلا أنّ هناك طرقًا مبتكرة تمكن المشاريع الإعلامية من استخدام التجارة الالكترونية كمصدر لتمويل المؤسسات، وهذا يجعل المحتوى الإعلامي منتجًا يمكن بيعه الكترونيًا، وقدم عصمت أمثلة ناجحة كالبث المباشر، قنوات التسوق، الإعلام الرياضي والإعلام الذي يعتمد على بيع المواد التجميلية.
وحثّ المدرب أحمد عصمت المشاركين على توسيع نظرتهم الإعلامية واستراتيجيتهم التجارية بربطها بالتجارة الالكترونية التي جاءت في المرتبة السادسة كأكثر مصدر دخل للناشرين عبر العالم سنة 2023 وهي في تطور مستمر، لهذا يجب التفكير في حلول تسمح باستعمال العلامة التجارية للمؤسسات الإعلامية الناشئة لزيادة الدخل المادي وتمويل مشاريعهم، كتنظيم لقاءات تطرح فيها منتجات بعلامتها التجارية أو إنشاء منصات لبيع هذه المنتجات، وقدم أمثلة عن ذلك كـ"نيويورك تايمز" التي توفر نشرة بريدية خاصة لقسم مراجعات التكنولوجيا.
وفي نهاية الجلسة، أكد عصمت أنّ الجمع بين الإنفاق الاستهلاكي المتزايد وجاذبية التجارة الإلكترونية كأولوية للإيرادات لوسائل الاعلام يقود استراتيجيات الاندماج والاستحواذ الجديدة، وإنشاء قطاعات جديدة، وتشجيع شركات الإعلام الإخباري على النظر في كيفية استخدام مزيج المحتوى والتجارة كجزء من إيراداتها.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة باتريك ميشاليكا.