يعاني الصحفيون/ات في جميع أنحاء العالم من مستويات غير مسبوقة من التوتر والقلق ونقص الحوافز نتيجة العمل في بيئات شديدة الضغط، في ظلّ مشهد إعلامي سريع التغير. وأصبحت تحديات الإجهاد النفسي والصحة العقلية أكثر وضوحًا، لا سيما في البلدان التي ينتشر فيها الصراع وعدم الاستقرار السياسي وقمع وسائل الإعلام بشكل متزايد.
من أجل تبني ممارسات عمل أكثر صحة من شأنها تحسين رفاه الصحفيين، يطلق المركز الدولي للصحفيين برنامجًا جديدًا حول المرونة النفسية للصحفيين الناطقين باللغة العربية تحت رعاية منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية وبالتعاون مع شبكة الصحفيين الدوليين، التابعَيْن للمركز. وتهدف المبادرة إلى تسليط الضوء على أهمية الصحة النفسية وسلامة العاملين في قطاعات الإعلام وتوفير موارد مهمة باللغة العربية للصحفيين.
ومن المقرّر أن يبدأ البرنامج يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 2022 تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية ويستمرّ حتى بداية ديسمبر/كانون الأول 2022. يمكنكم التسجيل لحضور الجلسة الأولى هنا.
في هذا السياق، قالت ستيلا روك، مديرة التواصل المجتمعي في المركز الدولي للصحفيين: "ستعالج هذه المبادرة حاجة ماسة للصحفيين في منطقة لا تزال فيها الصحة العقلية موضوعًا محظورًا ثقافيًا. وغالبًا ما يعمل الصحفيون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بيئات شديدة الضغط ويجرون تغطياتهم في الخطوط الأمامية لمناطق الصراع وفي البلدان التي لا تعتبر فيها الصحافة الحرة أمرًا مسلمًا به". وبحسب ستيلا، فإنّ "البرنامج الجديد سيزوّد الصحفيين بالأدوات والمهارات اللازمة بهدف التخفيف من حدة الإجهاد وبناء المرونة النفسية".
من جهتها، أضافت فدوى كمال، مديرة النسخة العربية لمنتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات والذي يشرف على تنفيذ برنامج المرونة: "يعمل العديد من الصحفيين/ات في بيئات لا تضمن سلامتهم النفسية وفي الخطوط الأمامية لتغطية الأزمات والكوارث والحروب والنزاعات، وفي ظلّ التنافسية غير الصحية التي يشهدها المجال والوصم بالعار المرتبط بالصحة النفسية، وغالبًا ما تبقى المشاكل النفسية من المسكوت عنها في العمل".
وبالإضافة للموارد والتدريبات التي يتيحها البرنامج للصحفيين لاكتساب المهارات وتعزيز مرونتهم النفسية، وقدرتهم على التأقلم مع الصعاب والأزمات وتجاوزها، فهو يهدف أيضًا الى التوعية بأهمية الاعتناء بالصحة النفسية وتوفير سبل الرفاه النفسي لكي يتمكّنوا من مواجهة ضغوط العمل والحياة، بجانب والممارسات التي يجب تفاديها للحد والوقاية من العديد من المشاكل النفسية الناجمة عنها، وفقًا لمديرة المنتدى.
دورة تدريبية ذاتية
تمّ تصميم هذه الدورة التدريبية وإنتاجها بواسطة The Self-Investigation، وهي مؤسسة قامت بتدريب أكثر من 2000 صحفي حول العالم، وتغطي هذه الدورة إدارة الإجهاد والعبء الرقمي للصحفيين الناطقين باللغة العربية. والجدير ذكره أنّ الدورة مفتوحة لجميع أعضاء منتدى المركز الدولي للصحفيين باللغة العربية (انضم إلى المنتدى هنا) وتتكون من مقاطع فيديو سهلة المتابعة تجمع بين النظريات والأدوات والنصائح والممارسات الموجهة والتدريبات. كما أنّها مقسمة إلى أربع مجموعات. وسوف يكتسب المشاركون التوعية بمخاطر التوتر ومهارات إدارة الإجهاد، وإدارة الانتباه، ووضع حدود مع العالم الرقمي، والإدارة العاطفية. انقر هنا لمزيد من المعلومات حول الدورة والتسجيل.
من جانبها، وبعد تجربتها الشخصية مع الاحتراق النفسي قالت الصحفية الاستقصائية الحائزة على جائزة بوليتزر والتي شاركت في تأسيس The Self-Investigation، مار كابرا: "نعتقد أنّ الصحافة تتطلب تغييرًا في السرد حول ما يعنيه أن تكون صحفيًا جيدًا، ومن خلال هذه الدورة التدريبية وأكاديميتنا عبر الإنترنت، نشجّع التغيير المنهجي نحو ثقافة عمل أقل سُمّية في وسائل الإعلام"، مضيفةً "لقد أصبت بالاحتراق النفسي لأنني تعاملت مع وظيفتي بجدية أكبر من صحتي الجسدية والنفسية".
ويبينارات وجلسات تدريبية عن بُعد
سيقدّم خبراء الصحة النفسية والإعلام من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أربع جلسات من خلال منتدى باميلا هوارد، وتغطي موضوعات بالغة الأهمية مثل الصحة النفسية والصحافة، والعنف عبر الإنترنت، واستراتيجيات التعامل مع المشاعر، وخاصة القلق، وكيفية المضي قدمًا في الدروس المستفادة من البرنامج وتطبيقها. سوف تستمر الجلسات من 20 أكتوبر/تشرين الأول حتى 1 ديسمبر/كانون الأول. والتسجيل للجلسات المباشرة متاح هنا.
توازيًا، أوضحت الأخصائية النفسية والمدربة ببرنامج "المرونة" سوزان الصايغ أنّ الصحفيين لن يكونوا محميين من التسرّب العاطفي خلال التغطيات الصحفية الحساسة وأثناء الإبلاغ عن الأخبار المؤلمة، ولفتت إلى أنّه يجب أن يخضع الصحفيون لتدريبات من قبل متخصصين في الصحة العقلية ليدركوا كيفية إنشاء خطط رعاية ذاتية ومعرفة طرق حماية الضرر الخفي الذي قد يتراكم ويضرّ برفاهية الصحفيين العقلية والعاطفية.
دليل إرشادي للصحة النفسية
تعدّ شبكة الصحفيين الدوليين (IJNet) التابعة للمركز الدولي للصحفيين هذا المورد، وتصممّه ليتناسب مع احتياجات الصحفيين/ات الناطقين باللغة العربية، وخاصة أولئك الذين يعملون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. سيقدم الدليل إرشادات عملية وموارد للصحفيين لبناء مرونتهم النفسية في بيئات العمل المرهقة ووضع استراتيجيات للتعامل مع مختلف المخاطر المتعلقة بوظائفهم، مثل الهجمات الرقمية والعنف وأكثر من ذلك. سيكون الدليل متاحًا عبر شبكة الصحفيين الدوليين في نسختها العربية.
في هذا السياق، تقول المحررة المسؤولة عن شبكة الصحفيين بنسختها العربية سارة عبدالله والتي تشرف على إعداد دليل الصحة النفسية للصحفيين: "تنعكس تداعيات التحوّل الرقمي على صحة الصحفيين النفسية، الذين يستخدمون الأجهزة الرقمية ويتصفّحون البريد الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل مستمرّ، ويُصاب كثيرون منهم بالتوتر والإجهاد التقني وتتقلّص قدرتهم على إنجاز أعمالهم، ومن هنا تأتي أهمية هذه الدورة التدريبية، والتي ستتبعها مجموعة موارد مكتوبة لتعريف الصحفيين بأهمّ الممارسات للحدّ من الإجهاد، إضافةً إلى الإسعاف النفسي وكيفية تجاوز الأزمات النفسية و/أو الصدمات الناجمة عن الهجوم/العنف الرقمي وطرق وضع الحدود الرقمية".
عن المركز الدولي للصحفيين
يمكّن المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) شبكة عالمية من الصحفيين من إنتاج تقارير إخبارية تؤدي إلى حكومات أفضل واقتصاديات أقوى ومجتمعات نابضة بالحياة وحياة أكثر صحة. نخدم مجتمعنا من خلال توفير التدريب والتوجيه والزمالات والدعم المالي في الصحافة الاستقصائية وإعداد التقارير حول القضايا الحساسة والابتكار الإعلامي والاستدامة المالية، بالإضافة إلى البحوث والموارد المتطورة. اعرف المزيد على icfj.org.
عن The Self-Investigation
The Self-Investigation هي مؤسسة تقدّم مجموعة متنوعة من الخدمات التي تهدف إلى تحسين سلامة العاملين بمجال الإعلام. يقودها مدربون معتمدون يتحدثون لغات عدّة، يتمتعون بخبرة ممتدة على مدار خمسة عقود في مجال الإعلام. يستخدم المدرّبون الممارسات القائمة على الأدلة حتى يتمكن العاملون بالإعلام من التعامل مع الإجهاد والعبء الرقمي بطريقة أكثر صحة. وقد دربوا أكثر من 2000 صحفي في أربع قارات استجابة للتأثير السلبي لجائحة "كوفيد 19". إلى جانب أكاديمية The Self-Investigation، تشمل العروض دورات مصمّمة خصيصًا لغرف الأخبار والمؤسسات والتدريب الفردي لدعم الاحتياجات الخاصة للعملاء. تسعى المؤسسة جاهدةً لمساعدة الفئات المحرومة مثل العاملين المستقلين والنساء. اعرف المزيد على theselfinvestigation.com.
الصورة الرئيسية لبرنامج "المرونة" للصحة النفسية