التحديات التي يواجهها الصحفيون الفلسطينيون في تغطية الحرب

بواسطة Asma Qandil
Jan 23, 2024 في تغطية الأزمات
صورة

يبذل الصحفيون الفلسطينيون قصارى جهدهم لتغطية الأحداث وسط أجواء صعبة أفقدتهم معداتهم الصحفية جراء تدمير منازلهم ونزوحهم إلى أماكن مختلفة؛ فلم يجدوا سبيلاً سوى توثيق ما يحدث حولهم بهواتفهم المحمولة، ومشاركة التغطيات الحية، والصور، ومقاطع الفيديو على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

وسعيًا وراء دعم وتكريم الصحفيين المتميزين، نظّم منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية مسابقة للصحفيين عن أفضل تغطياتهم الصحفية حول  حرب غزة، وتمّ اختيار تقارير شملت التحقيقات المصورة والمكتوبة، والبودكاست، والكروس ميديا، من إعداد الصحفيات سمر مدحت، ومارينا ميلاد، وتالا الشريف، وندى عمران.

 تقارير صحفية تبرز معاناة المدنيين والصحفيين في الحرب

ولإبراز معاناة الصحفيين الفلسطينيين، أعدت الصحفية تالا الشريف تقريرًا مصوّرًا بعنوان "ثمن الكلمة اليوم هو الموت أو السجن" الذي يسلّط الضوء على ما يتعرض له الصحفيون في فلسطين، ويستعرض قصة الصحفية لمى غوشة التي أُعتقلت وعزلت انفرادياً وجرى التحقيق معها، كما فُرض عليها الحبس المنزلي مع منع صارم عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت تالا لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "برزَ اهتمام بطلة قصتي (لمى غوشة) بالصحافة منذ صغرها من خلال معايشتها للأحداث المختلفة في فلسطين والتي كانت تعبر عنها بقلمها، ثم درست الإعلام في جامعة بيرزيت، وتخصصت في كتابة القصص عن الفئات المهمشة في القدس، حتى تصاعدت وتيرة أحداث الحرب؛ فأصبحت (لمى) جزءًا من الحالات الإنسانية التي تكتب عنها وخصوصًا عندما تم اعتقالها وتعرضها لمضايقات كثيرة أثرت عليها".

أما الصحفية مارينا ميلاد فأبرزت معاناة قاطني الأبراج السكنية التي دمرت أثناء الحرب، فأعدت تقريرًا بتقنية الكروس ميديا عن "برج فلسطين" على موقع مصراوي، وتقول مارينا: "برج فلسطين هو أحد الأبراج القديمة ويقع في حي الرمال، وتم بناؤه عام 1994، ويتكون من 14 طابقًا، ويسكنه أشخاص من طبقات اجتماعية مختلفة، ويوجد به مقرات لوسائل إعلامية مختلفة، ومحلات تجارية، ووقع اختياري عليه لكي أعكس حياة ساكني البرج أثناء الحرب".

معاناة المرأة الفلسطينية في أجواء الحرب

وبالنسبة للصحفيتين سمر مدحت، وندى عمران، فقد سلّطتا الضوء على معاناة الفتيات والنساء الفلسطينيات أثناء الحرب في تقاريرهما. فقد أعدت ندى عمران تقريرًا بعنوان "يتناولن حبوبًا لمنعها وسط مصارعة الموت والمرض.. معاناة نساء وفتيات غزة الصامتة مع الدورة الشهرية" والذي نشر بموقع القاهرة 24، أما سمر مدحت فكان تقريرها بعنوان "مخاض تحت أصداء القصف.. نقص أكياس الدم يدفع نساء غزة لاستئصال أرحامهن" والذي نشر بموقع الدستور.

وتقول ندى عمران لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "أردتُ تسليط الضوء على الوجه الآخر للحرب بعيدًا عن القصف والقتل، وذلك من خلال نقل معاناة السيدات والفتيات اللواتي أقنعتهن بالحديث عن معاناتهن الشهرية، وقد دعمت التقرير بإحصائيات وأرقام من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومنظمة الصحة العالمية".

بينما ركزت سمر مدحت في تقريرها على حجم المعاناة التي تتعرض لها النساء الحوامل في غزة أثناء عمليات الولادة القيصرية بدون تناول أي مسكنات أو تخدير والرعب الذي تعيشه سيدة لا تلد في غرفة عمليات، ولكن على باب مستشفى أو في ممر ضيق وحولها الجرحى والصراخ من كل مكان.

وتقول سمر: "ذكرتُ في تقريري إحصائيات عن النساء الحوامل في غزة، وأعداد عمليات الولادة التي تمت بطريقة صعبة، وعدد السيدات اللواتي  فقدن أرحامهن أثناء عملية الولادة القيصرية، وخريطة بالمستشفيات التي تقدم خدمات النساء والتوليد، وعدد المستشفيات التي خرجت من الخدمة، وشهادات من الأطباء يروون حجم المأساة التي تعيشها السيدات الحوامل".

وعن التحديات التي واجهتها سمر أثناء إعداد التقرير، قالت: "واجهتُ تحديات كبيرة في الوصول إلى حالات نساء ولدن قيصريًا في ظروف صعبة وتعرضن لأضرار جسيمة، والتحدّي الآخر تمثل في أعداد الولادات القيصرية، والتي حصلت عليها من قواعد البيانات التي أتاحتها الجمعيات الصحية الرسمية".

توثيق أجواء الحرب بعدسات وأقلام الصحفيين الفلسطينيين

وفي خضمّ عملهم اليومي، تمكنّا من التواصل مع بعض الصحفيين الفلسطينيين لمعرفة أبرز التحديات التي واجهتهم، وأهم القصص التي قاموا بتغطيتها، ونصائحهم للعمل في بيئات العمل الصعبة.

صورةالصورة تضمّ من اليمين عبدالهادي نبيل فرحات، نور السويركي ومحمد فايز أبو عون.

تحدثت "شبكة الصحفيين الدوليين" مع نور السويركي وهي كاتبة صحفية لعدة مواقع عربية ودولية ومراسلة تليفزيونية، كانت تعيش في غزة قبل أن تنزح إلى رفح، وقالت: "لقد انقلبت حياتنا رأسًا على عقب، وأصبحنا نطبخ على الحطب، ونغسل ملابسنا بأيدينا، كما أن التنقل أصبح صعبًا ووسائل المواصلات غير متوفرة لعدم وجود بنزين، ومعظم الصحفيين تركوا معداتهم مثل الكاميرات وأجهزة اللاب توب ببيوتهم التي تهدّمت، وهناك انقطاع دائم بالكهرباء والاتصالات، ومعدات السلامة المهنية بها نقص شديد".

وتستكمل السويركي حديثها قائلةً: "أعتمد على هاتفي المحمول في تغطية الأحداث، وأُتابع في التغطية كل ما يتعلق بالنساء والأطفال، ومن أكثر القصص الإنسانية المؤثرة التي كتبت عنها هي الطفل البالغ من العمر 10 سنوات والذي يحتاج إلى جلسات غسيل كلوي، وفي ظل نزوح أسرته فقد تم اعتقال والده، فظلّ الطفل على الطريق حتى تعرف عليه أحد جيرانه واصطحبه في جلسات علاجه".

بدوره أشار الصحفي الفلسطيني عبد الهادي نبيل فرحات وهو كاتب صحفي ومراسل لقناة اليمن اليوم بالقاهرة، إلى معاناته المستمرة ما بين تلبية المتطلبات الأساسية لأسرته في مكان النزوح الذي ذهبوا إليه، وإكمال التغطية الصحفية التي بدأها من مستشفى الشفاء الطبي. ويقول عبد الهادي: "من أبرز التحديات التي واجهتني هي التشرد والنزوح وخصوصًا أنني من سكان شمال قطاع غزة، وتم تدمير معداتي الصحفية في مستشفى الشفاء الطبي أثناء عملية تفجير بعض المباني؛ فباشرت عملي بأقل الإمكانيات في مستشفى شهداء الأقصى".

ويستكمل حديثه قائلاً: "الدروع التي نرتديها لا تتضمّن أي مواد أو آليات مضادة للشظايا، ولكنها عبارة عن قطعة قماش لتسهيل مهمتنا الصحفية، كما أنّ فقدان المعدات أثرت سلبًا على تغطيتنا الصحفية، وبالتالي هناك الكثير من القصص الإنسانية التي لم تُروَ بعد".

أما مصطفى جعرور والذي يعمل مصورًا بعدة مواقع صحفية، فقد فقدَ الكثير من زملائه الصحفيين وتعرّض للنزوح مع أسرته من شمال غزة إلى دير البلح، ومن أبرز القصص التي نشرها هي معاناة مسنة فلسطينية مع توقف علاج السرطان الذي كانت تتناوله حتى توفيت نظرًا لوقف مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء والمياه.

وتمثلت أبرز التحديات التي واجهها الصحفي عمر علي الذي يعمل في عدة مواقع عربية ودولية، في عدم الإحساس بالأمان خلال التغطية الميدانية، والتي ركزت على مواكبة معيشة الناس اليومية ومتابعة همومهم لإظهارها للعالم، وكذلك متابعة قصص خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة.

ويتحدث المصور الصحفي محمد فايز أبو عون عن التحديات الكثيرة التي يواجهها الصحفيون مثل عدم قدرتهم على حماية أنفسهم وانقطاع الاتصالات، وفقدان معداتهم، حيث ترك محمد معدات التصوير في منزله في غزة والذي تم تدميره بشكل كامل ونزحَ إلى دير البلح، قائلاً: "أعمل بدون أي وسيلة حماية.. لا درع ولا خوذة ولا حتى كاميرا، وأقوم بالتغطية الآن عبر هاتفي المحمول باستخدام تطبيق cap cut".

ويضيف محمد: "هناك قصص كثيرة غير مروية مثل المربعات السكنية الذي تم تدميرها بشكل كامل في مناطق شمال غزة، والقبور الجماعية هناك".

نصائح التغطية الصحفية بالهواتف المحمولة

وتعمل الصحفية نضال الفطافطة في مجال إعداد التقارير الصحفية السياسية الاجتماعية، قائلةً: "من أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين الفلسطينيين، الحذف المتكرر للحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي أختار النصوص بدقة وأبتعد عن الكلمات الشائكة، ومن أهم التطبيقات التي أستخدمها في إنتاج فيديوهات هي cap cut، وkinemaster".

وتقدّم نضال نصائح مهمة للصحفيين للتغطية الصحفية باستخدام هواتفهم المحمولة، وهي:

-أن يقوم الصحفي بتجهيز كافة معدات التصوير وتجربتها قبل العمل.

-أن يتأكد الصحفي من شحن هاتفه المحمول.

-أن يحتفظ الصحفي بالمادة الإعلامية بعد خطوة المونتاج ليقوم بالتعديل عليها إن تطلب الأمر ذلك.

-أن يجيد الصحفي استخدام تطبيقات تحرير مقاطع الفيديو حتى لا يتأخر في تسليم مادته الصحفية.

-أن يتأكد الصحفي من جودة الصور، وملفات الصوت، ومقاطع الفيديو التي يستخدمها في تقريره.

نصائح مهمة للتغطية الصحفية في أجواء الصراعات والحروب

كما قدم هؤلاء الصحفيون نصائح مهمة للتغطية الصحفية من واقع تجربتهم، وهي:

- تطبيق المعايير المهنية في التغطية الصحفية.

- أن يأخذ الصحفي حذره بقدر الإمكان، فلا خبر أو صورة تستحق التضحية بحياتك.

-تطبيق قواعد السلامة المهنية والرقمية.

-التركيز على سرد القصص والحالات الإنسانية مع ضرورة استئذان الأشخاص قبل نشر صورهم.

-أن يحاول الصحفيون إكمال تغطيتهم الصحفية رغم كل الظروف والتحديات الصعبة التي تواجههم.

 

 الصورة الرئيسة مقدّمة من عبد الهادي نبيل فرحات.