بعد مضي ثلاث سنوات على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وفي إحدى الليالي من شهر آذار/مارس في عام 2003، فوجئ صحفيون عاملون في قناة تلفزيونية في مدينة نابلس بما لم يم يكن في الحسبان.
قامت مجموعة مؤلفة من ستة ملثمين مسلحين حاملين بنادق كلاشينكوف بالهجوم على مقر قناة نابلس المحلية، أثناء عرض القناة لبرنامج حول المقاومة أثناء أيام الانتفاضة.
وفي وقت لاحق، تبين بأن قنوات تلفزيونية في بيت لحم ورام الله وغرفة أخبار صحيفة محلية في غزة تم الهجوم عليها كذلك.
وبعد مضي خمسة سنوات من ذلك الحادث، لا يزال الصحفيون يواجهون تحديات جمة في الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها حكومتين، الأولى في الضفة الغربية من قبل منظمة حركة التحرير الفلسطينية (فتح) والأخرى في قطاع غزة من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بحسب سليم سويدان، المدير العام لتلفزيون نابلس.
وفسّر سويدان والذي شارك مؤخراً بحلقة نقاش حول بيئة الإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العاصمة الأمريكية واشنطن بأنه "لا يوجد تفهم حول إعلام حر وصادق" من قبل الفصائل المتقاتلة. وأضاف بأن هنالك فكرة "إذا لست معي، فأنت ضدي."
وتعد قناة نابلس واحدة من أبرز المحطات المحلية المستقلة العشرة في المدن الفلسطينية الكبرى في الضفة الغربية بالإضافة إلى 10 محطات إذاعية أخرى والتي تشكل جميعها "شبكة معاً" الإعلامية. وتهدف "معاً" إلى تحقيق "موصفات إعلامية قياسية عالمية وتوفير المعلومات المحلية والإقليمية الموثوقة،" بحسب ما ذكره موقع الشبكة.
تتضمن شبكة "معاً" إنتاج تلفزيوني وإذاعي وفيديو بالإضافة إلى موقع اليكتروني (www.maannews.net) حيث يتم من خلالهم تغطية الأخبار في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك تدريب الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام.
بالرغم من أن حركتي فتح وحماس حاولتا جلب الشبكة إلى جانبهم وجعلها تنطق بلسانهم كدعاية إعلامية، قال سويدان بأن الشبكة استمرت بخطها الحيادي والمستقل منذ انطلاقها في عام 2002 حيث قال سويدان بأنه "ليس مع [جهة معينة] وليس مع [الجهة الأخرى]." ونتيجة لهذه الحيادية والاستقلالية في عملهم، قال سويدان بأن مراسليه والعاملين معه في شبكة معاً قد تعرضوا للهجمات والمضايقات من قبل جهات عديدة، من ضمنها "قرصنة القوات الإسرائيلية على موجات البث التلفزيوني وبث برامج دعاية إعلامية" لصالح إسرائيل.
واتفق المناقشون الذين حضروا حلقة النقاش التي أقيمت برعاية المركز الدولي لمساعدة الإعلام (CIMA) والتي عقدت في مقر منظمة الوقف الوطني (NED) بأن الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهون تحديات هائلة.
يقول مدير مكتب قناة العربية في واشنطن هشام ملحم بأنه "لا يوجد بلد عربي يحتوي على إعلام حر." مضيفاً بأن "الحكومات ومجاميع المعارضة المجنونة تظلم وتقتل الصحفيين" في تلك المناطق. ولكن يعتقد ملحم بأن الإعلام "تحرر نوعاً ما في الوقت الحاضر" مما كان عليه في السابق.
ويقول ليث كبة، المتحدث الرسمي السابق باسم الحكومة العراقية ومدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في (NED) بأن الحريات المتزايدة التي يشهدها الإعلام في تلك المناطق يعود سببه إلى التطور الحاصل في مجال التكنولوجيا. ويقول أنه من غير الممكن أن تقوم الحكومات في الشرق الأوسط بالسيطرة التامة" على الشعوب كما كانت تفعل بالسابق. وذلك يعود لتعدد المدونات والمواقع والمنابر الاليكترونية على شبكة الانترنت والقنوات الفضائية التي تبلغ حوالي 250 قناة.
وكرد فعل على هذا التغير، قامت الحكومات العربية باستخدام وسائل أخرى للسيطرة على الصحافة، كما ما أفاد المتحدثون في حلقة النقاش. وبحسب ما نشرته لجنة حماية الصحفيين الواقعة في نيويورك في تقريرها السنوي "الاعتداءات على الصحافة" فأن "الحكومات العربية قد قامت بتحويل عملية الإصلاح الإعلامي" بالإضافة إلى "بناء استراتيجيات جديدة لاحتواء الصحفيين الجريئين الذين برزوا خلال العقود الأخيرة في بلدان مثل الجزائر والأردن والمغرب والسعودية واليمن."
وبرغم كل الصعوبات التي يواجهها الإعلام الفلسطيني فأن سويدان فرح للدعم والتشجيع الكبيرين الحاصلين في مجال الإعلام المستقل. ويقول "بعد أن تمت مهاجمة محطتنا، قام المئات من الناس بزيارتنا لإظهار دعمهم لنا."
وأضاف "هذا يظهر بأننا مؤثرون في المجتمع."