منذ شهر تقريباً أعلنت مسابقة "البوبز" العالمية عن فوز مدونة الناشط الموريتاني أحمد جدو بجائزة أفضل مدونة عربية لهذا العام عن مدونته "أحمد ولد جدو".
بدأ أحمد التدوين في عام 2006 عبر منصة "مكتوب" من خلال مدوّنته التي كانت تحمل اسم "يا عرب". بعد ذلك انتقل إلى منصة "البلوجر" وذلك مع بداية "الربيع العربي" حيث أطلق مدوّنة تحمل اسمه، وذلك بعدما توثّق اعتقاد في ذهنه أنه بالتدوين والكتابة وخلق الضجيج على الإنترنت يمكنه المساهمة في عملية التوعية في بلده موريتانيا.
كان "لشبكة الصحفيين الدوليين" هذا اللقاء مع أحمد جدو بمناسبة فوز مدوّنته بلقب "البوبز" لأفضل المدونات العربية.
شبكة الصحفيين الدوليين: كيف استقبلت خبر فوزك بجائزة "البوبز"؟
جدو: كان خبر الإعلان عن فوزي بجائزة "البوبز" من أجمل الأحداث في عام 2013 بالنسبة إلي. فهو يعني أنني استطعت أن أضع اسم موريتانيا على قائمة الفائزين بإحدى أعرق وأهم جوائز التدوين في العالم، وبالتالي التعريف ببلدي الذي يقع خارج نطاق التغطية ودائرة اهتمام وسائل الإعلام العالمية. كذلك أعتقد أن ذلك يبيّن أن ما أكتبه يجد صدى بين روّاد الإنترنت، وأسعدني الفوز أيضاً لأنه سبّب حالة من السعادة بين المدوّنين والنشطاء الموريتانيين واعتبروه انتصاراً لهم ولجهودهم.
شبكة الصحفيين الدوليين: هل كنت تتوقع أن يتمّ ترشيح مدونتك لهذه الجائزة؟
جدو: في الحقيقة لم أكن أتوقع أن يتم ترشيحي للجائزة أو أن أكون من ضمن قائمة المدونات العشر التي اختارتها لجنة التحكيم ليتم التصويت عليها، فموريتانيا لم يسبق لها أن تواجدت في المسابقة. أماّ عن خبر ترشيحي فاكتشفته بالصدفة، عندما قررت التصويت لصديقي الموريتاني ناصر ودادي الذي كان ينافس في فئة أفضل شخصية عربية على "تويتر" في نفس المسابقة. حينها فقط عَرفتُ أنني أنافس في نفس الفئة، وما أسعدني أكثر هو تفاعل النشطاء الموريتانيين مع الخبر من خلال إطلاق حملة من أجل الفوز باللّقب بالإضافة إلى تفاعل المدونين العرب.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما الذي أضافه هذا اللقب لك بشكل خاص وللمدوّنة بشكل عام؟
جدو: أضاف لي اللقب حملاً ثقيلاً ومسؤولية أكبر، مما جعلني أتطلّع أكثر من ذي قبل لأصبح صوتًا لكل مظلوم ولكي أحافظ على احترامي للقارئ ومن يهتم بما أكتبه.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما الذي دفعك لإطلاق مدوّنتك "أحمد ولد جدو؟ وهل كنت تتوقع ما وصلت إليه من شهرة؟
جدو: أطلقت مدونتي مع بداية واقعة إحراق التونسي "البوعزيزي" لنفسه في محاولة مني للتفاعل مع الأحداث التي بدأت في تونس ومصر والتي تحولت إلى ثورة لتنتشر إلى باقي الاقطار العربية. كذلك من الأسباب الأساسية التي توالت لانطلاق المدوّنة، كانت الاحتجاجات التي بدأت تحدث في موريتانيا والمعروفة بانتفاضة (شباب 25 فبراير) والتي جاءت كتفاعل طبيعي مع الربيع العربي وكان من واجبي نقل أحداث هذه الاحتجاجات عبر مدونتي خاصةً أنني كنت واحداً من الناشطين المشاركين.
شبكة الصحفيين الدوليين: كتبت في مدوّنتك قائلًا "أدون من أجل نشر الديمقراطية وقيم العدالة الاجتماعية وكشف انتهاكات حقوق الإنسان .. أهتم بقضايا المهمّشين والمقهورين وأعشق الاحتجاج على الظلم" هل حققت من خلال مدوّنتك الهدف الذي تسعى إليه؟
جدو: أحاول دائما أن أكون صوتًا للمظلومين والمهمّشين في كل المناطق الموريتانية كما في الوطن العربي، أحاول أن أكشف مواطن الفساد وأرصدُ انتهاكات حقوق الإنسان، وأدعو إلى انتزاع الحقوق وثقافة "العصيان" والمقاومة المدنية.
حققت بعض الأشياء وما زال أمامي الكثير لأقوم به فالظلم منتشر وانتهاكات حقوق الإنسان تتفاقم والديمقراطية في بلدي ما زلت "طريحة الفراش".
شبكة الصحفيين الدوليين: ما الصعوبات التي واجهتك في رحلة التدوين؟
جدو: بدأت التدوين في موريتانيا حين كان هذا المجال مجهولاً، لا بل إن دائرة المطّلعين عليه ضيقة جداً. كذلك عرف البلد في ذاك الحين وضعاً متردياً لشبكة الإنترنت حيث كانت نادرة جداً وتكلفتها باهظة والعمل عليها مضنٍ بسبب ضعف الشبكة.
لكن صمّمت على استكمال التدوين حتى تُعمّم ثقافة الإنترنت، التي لطالما اقتنعت بأنه من خلالها أو بالأحرى من خلال التدوين يمكننا أن نصنع حالة مزعجة لكلّ حكمٍ ظالم ولكلّ رقابة أو حصار للإعلام التقليدي سواء كان رسميًا أو خاصًا أو مستقلًّا. واليوم وبعد سنوات أستطيع أن أقول بأن التدوين أصبح سلطة خامسة في موريتانيا. بفضل الحملات التي يطلقها المدوّنين الموريتانيين تم الكشف عن العديد من مواطن الفساد كما وصلت الكثير من المعلومات إلى المواطن كي يطّلع عليها.
شبكة الصحفيين الدوليين: بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي هل تسبّب ذلك في التأثير على مدى الاهتمام بالمدوّنات؟
جدو: بالطبع سهولة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تقهقر التدوين، مما جعل كُثر من المدوّنين يستبدلون المدوّنات بهذه المواقع لأنها أسهل في الانتشار والحشد . لكن المدونات تتيح لنا ما لا تتيحه مواقع "كالفيسبوك". فمثلاً منشورات فيسبوك لا تظهر على محركات البحث مثل "جوجل" وهو ما يجعلها مقتصرة على الأصدقاء، أما المدوّنات فتدعمها محركات البحث. وهذا ما بدأ يدركه الشباب الموريتاني لذلك عاد البعض إلى المدونات مع استخدام لمواقع التواصل الاجتماعي لكن هذه المرّة للترويج للمدونات.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما الذي يدفع أحمد جدو للتوقف عن التدوين؟
جدو: لا أظنني سأتوقف عن التدوين والسبب هو أن بلدي ما زال يحتاج كل حرف وكل صورة تكشف الظلم، وهو ما زال يعاني من التخلّف في عدد كبير من جوانب الحياة، فنحن ما زلنا نطرح أسئلة العبودية والوحدة الوطنية والفقر لذلك أظن أن قدري هو أن أظل مدونًا، أدوّن عن اَلام شعبي.
شبكة الصحفيين الدوليين: ما النصائح التي تقدّمها للمنضمين الجدد إلى عالم التدوين؟
جدو: بالنسبة للمدوّنين الجدد أتمنى أن يحاولوا أن يكونوا صوتًا للمواطن البسيط والمقهور، فالعالم العربي يمر بمرحلة جديدة، والإعلام رغم "الانفتاح النسبي" الموجود بعد الربيع العربي إلا أنه ما زال مرتهنًا للأيديولوجيات ورجال الأعمال والسياسة ولا يعبر عن هموم المقهورين.
لذلك أرى أن الحاجة إلى التدوين مستمرة وأكثر من ذي قبل، كذلك يجب على المدوّنين الحفاظ على مصداقيتهم كي يستطيعوا الوقوف بوجه الشائعات التي عادةً ما تطلقها الجهات المتضررة من أنظمة أو أشخاص.