أبرز العقبات التي تواجه عمل الصحفيات في فلسطين

بواسطة أماني شنينو
May 11, 2022 في موضوعات متخصصة
صورة

تتفاقم صعوبة العمل الميداني في ظلّ الحروب والنزاعات، لا سيما في بعض الدول العربيّة كفلسطين التي خسرَ الجسم الصحفي فيها المُراسلة شيرين أبو عاقلة متأثرة بإصابات خطيرة تعرّضت لها في منطقة الرأس خلال تغطيتها اقتحام قوات إسرائيلية لمخيم جنين، وذلك بعد أيّام قليلة من اليوم العالمي لحرية الصحافة.

ارتُكِب بحق الصحفيين الفلسطينيين 59 انتهاكاً في الحرب التي وقعت على قطاع غزة في أيار/مايو الماضي، وقد طالت هذه الانتهاكات 31 صحفي/ة، و28 مؤسسة إعلامية، رغم أنّ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1738، يُدين الاعتداءات على الصحفيين ووسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم ويدعو إلى وضع حد لهذه الممارسات ولاعتبارهم مدنيين ويجب حمايتهم واحترامهم، بالإضافة إلى ذلك اعتُبرت المعدات والمنشآت التي تستخدمها وسائل الإعلام أيضاً؛ أنها أهداف مدنية وبالتالي يجب عدم استهدافها.

في حديثٍ سابق مع شبكة الصحفيين الدوليين، رأت الصحفية الفلسطينيّة تهاني قاسم أنّ العنف الذي تعرضت له الصحفيات بسبب الحرب، وقع على ثلاثة أوجه:

  1. عنف نفسي، وتمثل في:
  • الخوف الشديد جرّاء المشاهد التي رأتها الصحفيات خلال تغطيتهن للحرب.
  • أعراض جسدية: فقدان الشهية، ألم بالمفاصل، ألم بالمعدة، دقات القلب المتسارعة.
  • أعراض سلوكية: صعوبة النوم، أو محاولة تجنبه خوفًا من الكوابيس المتكررة والمتعلقة بالحرب، فقدان السيطرة على المشاعر والغضب الشديد.
  1. عنف اقتصادي:

وتمثل في فقدان الصحفيات وخاصة صحفيات المستقلات مصادر دخلهن بسبب استهداف منازلهن، وأماكن عملهن.

  1. عنف اجتماعي:

ويكمن في المعيقات التي تفرضها الأسرة على الصحفيات خلال التغطية الإخبارية وقت الحرب، كونها أنثى، وخاصةً الصحفيات المستقلات، نتيجة عدم تمتعهن بأي حقوق عمالية من تعويضات في حال الإصابة أو الوفاة لعدم وجود عقود، كذلك تركيز بعض وسائل الإعلام على الذكور واستبعاد الإناث.

في هذا السياق، تزيد التحديات التي تواجهها الصحفيات الفلسطينيات خلال العمل في بيئة غير آمنة. وقد خصّصت مؤسسة بيت الصحافة الفلسطيني، جلسة حوارية للحديث حول تجارب الصحفيات الفلسطينيات، وكرَّمت الصحفية نفوذ البكري، التي عملت ولا تزال خلال في مؤسسات محلية ودوليّة، ولها دور بارز في تغطية العديد من القضايا المهمة، بالصورة والكلمة. 

خلال حديثها، أكدّت البكري على أهمية الميدان ومواجهته، في صنع شخصية صحفية متمردة تؤمن بالعدالة وتطبيقها، في ظل واقع من التحديات التي تواجهها الصحفيات. 

قابلنا الصحفية الفلسطينية إسراء البحيصي، والتي شددت على حديث البكري، وتقول: "إنّ واقع الصحفيات الفلسطينيات ربما هو أفضل وأسوأ في الوقت نفسه، فهو أفضل من حيث أنها استطاعت الولوج لكافة مجالات العمل الصحفي، وأسوأ لأن الفرص قلّت كثيراً مع بداية الحصار الذي نعيشه في قطاع غزة، وقلّ كذلك الأجر". وتضيف أنّ "أبرز ما ينقص الصحفية الفلسطينية هو حفظ حقوقها في المؤسسات التي تعمل بها، فهناك قنوات ومؤسسات دولية أم محلية لا توفّر الحماية للصحفيات أو لا تقدّم مكافأة نهاية الخدمة". 

وقد خلصت الجلسة التي شاركت فيها صحفيات فلسطينيات إلى ما يلي: 

  1. أهمية ثبات الصحفيات على مبادئهن، فتجارب الصحفيات في النضال من أجل ما يعتنقنه من أفكار ومبادئ شخصية أدت بالفعل لنجاح ثوراتهن.
  1. تأثير وسائل التواصل الإجتماعي والنشطاء والمؤثرين كبير وواسع، لذا من المهم وضع ضوابط وربما قوانين وتشريعات دولية ومحلية، لتحديد أخلاقيات النشر من خلالها، وتقنين الأخبار المُضللة والجرائم الالكترونية بأشكالها. 
  1. أهمية إثارة الوعي حول "الرقابة الذاتية"، لا سيما عند المواطنين المؤثرين على المنصات الرقمية الذين يُمثلون صحافة المواطن، وينشرون الأحداث الجارية واليومية. 
  1. لا توفر التخصصات الجامعية الإعلامية الخبرات والمهارات التي يُضيفها الميدان، لذا يجب على الجامعات والمؤسسات التدريبية الإعلامية الاهتمام ووضع أولوية للجانب العملي، لا سيما الفيديو والمونتاج وكتابة المحتوى. 
  1. معرفة قوية بالجانب القانوني والحقوقي يُجنِّب الصحفية الاستغلال وعدم تحصيل حقوقها. 

      6. على الرغم من وجود الكثير من الصحفيات العاملات في حقل الإعلام، إلا أنّ هناك أسماء تبقى وتتردد في كل الميادين، فالكفاءة والخبرة الصحفية تُحددان التميز والتفرُّد. 

      7. التأكيد على أهمية الحديث عن الإساءة التي تتعرض لها الصحفية، كالتنمُّر والتحرش وغيرها، عبر المنصات الرقمية والإعلامية المتنوعة، فالصمت دوماً ما كان الدافع وراء التمادي وتكرار التجاوزات والإساءات بحق الصحفية. 

    8. الإيمان بقوة الصحافة اليوم، لاسيما الإعلام الجديد، وبقوة الحملات التي تُقام عبرها على التأثير على الرأي العام، ومناصرة القضايا العالقة ونيل الحقوق ومواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات في كل مكان. 

   9. تفعيل دور النقابات الصحفية من قبل الحكومات، لتكريس المساواة بين الصحفيين والصحفيات في المؤسسات الإعلامية وتشكيل لجان رقابة، متابعة، ومساءلة فاعلة مستقلة، لا تتبع جهة تنظيمية أو سياسية. 

توازيًا، تشير نتائج دراسة قامت بها نقابة الصحفيين الفلسطينيين إلى أنّه تمّ تقييم التمييز الوظيفي على أساس الجنس كأبرز التحديات من قبل الصحفيات، يليه التحرش الجنسي، فيما كانت معارضة العائلة أو قلة الدعم من أقل التحديات وفقاً لإجابات الصحفيات، إضافةً إلى العادات والتقاليد الاجتماعية. فيما مالت معظم الصحفيات إلى اعتبار القوانين الفلسطينية هي من التحديات التي تواجه الصحفيات. 

الصحفيات في الوطن العربي والعالم 

يوضح دليل صادر عن مجلة الصحافة، أنّ التحديات التي تواجهها الصحفيات تتباين بحسب الوضع السياسي القائم. ففي سوريا، الواقع الأصعب؛ حيث الوضع السياسي مرتبك ومنقسم لأكثر من جهة، تضطر الصحفيات لإخفاء أسمائهن خوفاً من ملاحقة الأمن لهن، ويعشن تحت مظلة الخوف من السجن والتعذيب من أجل الحقيقة. 

بينما في الخليج، نجد أن بعض الحكومات قد تنبهت لضآلة حضور المرأة إعلامياً، فسنّت التشريعات والقوانين التي من شأنها مساواتها مع الرجل في الحقوق والامتيازات، إلا أن مدراء المؤسسات الصحفية يفكرون مرات عديدة قبل اختيار نساء للعمل لديهم، لأنهم يرون التشريعات التي تضمن حق الصحفيات كأنها تتجاوز حقوق الرجل في حالات الحمل والولادة، إضافة إلى عدم قدرة الكثير من الصحفيات من العمل في أوقات متأخرة. لذا برغم أن القانون هنا أنصف الصحفية فإن العمل نفسه لا يفعل؛ مما أدى لتراجع وجود المرأة إعلامياً.

في الأردن، سجلت نقابة الصحفيين الأردنيين نسبة الصحفيات ما يقارب 260 صحفية، من أصل 1229صحفي وصحفية، أي الربع تقريبًا، كذلك الحال في تولي مواقع صحفية بارزة؛ ويرجع ذلك للتمييز على أساس النوع الاجتماعي وتباين الأجور، والإستخفاف بقدرات المرأة في العمل الصحفي. 

في المغرب، على الرغم من أن المشهد الإعلامي أكثر إنصافاً للمرأة العاملة فيه من الدول العربية الأخرى، إلا أنهن يُعانين من التغيب عن البرامج السياسية والاقتصادية سواء كصحفيات أو كضيفات أو كمتدخلات. 

في مصر، تواجه الصحفيات المصريات اقصاء عن البرامج السياسية والاقتصادية، بينما يتواجدن بنسبة جيدة في البرامج الحوارية واليومية للتعليق على الأحداث الجارية.

الصورة الرئيسية من تشييع الصحفية شيرين أبو عاقلة وقد حصلت شبكة الصحفيين الدوليين على إذن باستخدامها من وكالة APA.