بدعم من مؤسسة سكريبس هوارد، قدّم المركز الدولي للصحفيين جلسات المؤتمر العالمي لتمكين الحقيقة "Empowering the Truth"، كل خميس من شهر مارس/آذار 2023.
ألقت الجلسة الأولى من المؤتمر، التي أقيمت في 2 مارس/آذار، تحت عنوان "رواية القصص الصوتية المتقدمة للصحفيين"، الضوء على احتمالات توظيف الصوت بمختلف عناصره للوصول إلى سرديات تدعم الحقيقة وتكسر المعلومات المُضللة. وقام بتأطير الجلسة المدرب سليم سلامه، وهو كاتب مستقل، وصانع أفلام، ومنتج بودكاست حائز على جوائز.
خلال الجلسة، ناقش سلامه الأدوات التي يحتاجها صانعو البودكاست، والأخلاقيات الخاصة بتغطية القصص الإنسانية اَلْمُرَكَّبَة، وطريقة الوصل بين الضيوف والجمهور، وكيفية مشاركة الضيوف في طرح سردياتهم مع الإبقاء على الجانب المهني والمحايد، بجانب عدد من المحاور الأخرى.
واستهلّ المدرب الجلسة بتقديم لمحة عن البودكاست، والتعريف بأنّه "محتوى صوتي مسموع يعتمد بشكل رئيسي على السرد القصصي، الحوار، المونولوج، وغير ذلك من أساليب التقديم"، ولفت إلى أنّ "البودكاست" يمكّن الجمهور من الاقتراب للقصة، التحقيق، أو الخبر عبر دمج السرد مع عناصر أخرى مثل المقابلة، والموسيقى، والمؤثرات الصوتية، والأرشيف الصوتي.
وأشار إلى أنّ المدونات الصوتية تختلف عن الراديو في طريقة البث، والجمهور، والمواضيع، ومنصات النشر ومنصات الاستماع. وتتكون المدونات من حلقات منفردة أو من سلسلة حلقات، وتعتمد في بنائها على الموضوع العام، وزاوية المعالجة، والمحاور، والضيوف، والجمهور المستهدف.
قوالب البودكاست
لا يوجد قوالب محددة للمدونات الصوتية، ولا يوجد إلزام بتنسيقات محددة، بحسب سلامه الذي أوضح أنّ هناك أنواعا كثيرة ومختلفة يمكن تجربتها، بينها أنواع لا تعتمد بالأساس على الأصوات البشرية. وتطرق المدرب إلى أشهر القوالب:
- سردي (فردي): يعتمد على صوت واحد يسرد الحلقة كاملة.
- سردي (جماعي مع ضيوف): يعتمد على وجود ضيوف بالحلقة يسرد كل منهم قصته ولا يشترط بالضرورة أن يتحاور معهم مقدم الحلقة، ومن الممكن أن يكتفي بسرد المادة البحثية أو المعلومات الإضافية.
- حواري: حوار مباشر يجريه مقدم الحلقة مع الضيوف "سؤال وجواب".
- حواري سردي: يدمج بين نوعين من القوالب، الحوار والسرد. على سبيل المثال: نستضيف أصحاب تجارب ونترك لهم سرد قصصهم بينما يعقّب مقدم الحلقة على هذه القصص بحوار مع خبير أو مختص بموضوع الحلقة.
- خبري معرفي: حلقات قصيرة، يومية أو أسبوعية، تركز على نشر الأخبار أو المعرفة بشكل عام، من خلال القالب الحواري أو السردي الجمعي.
- وثائقي/استقصائي: عادة ما يغطي الموضوع أو القصة المستهدفة عبر سلسلة من الحلقات.
لماذا نختار المدونة الصوتية لسرد القصة؟
- تكلفة مادية أقل مقارنة بالوسيط المرئي.
- حساسية المواضيع المطروحة "بصريًا"، أو بسبب الصعوبة الوصول للأماكن.
- الحفاظ على هوية الأشخاص و"خصوصياتهم"، حيث يمكن تغيير أصوات المتحدثين بسهولة.
- القدرة على إعادة التمثيل عبر الأداء الصوتي، أو الاستعانة بأرشيف صوتي أو بصري أو مكتوب.
- منصات النشر مجانية، بجانب السرعة في الوصول للجمهور.
وأضاف سلامه أنه يمكن الابتعاد قدر الإمكان عن السردية الفردية من خلال:
- إدراج الضيوف في المدونة الصوتية (أصحاب قصص، مختصون/ات، محامون/ات، جهات رسمية، الخ).
- الربط بين البحث والقصة، وتوظيف المحاور المكملة والمحاور المعترضة، والمقصود هنا استخدام البحث لدعم قصص الضيوف بمعلومات مكملة، وعدم الاكتفاء بما يذكره الضيف.
- نبحث عن فرص التوسع في معلومة ما والتحقق من مصداقيتها بما يتيح إضافة معرفة نوعية للجمهور.
- البحث عن طرق بديلة لمقابلة الضيوف واستخدام قصصهم في حال ممانعتهم للظهور في الحلقة.
- يحدث ذلك: إما عن طريق تسجيل قصة الضيف بصوته ثم مشاركتها بعد تغيير صوته، أو عن طريق كتابة قصته ومن ثم تسجيلها ومشاركتها بصوت مغاير لمؤدي/ة يعبر عنه في حال رفض التسجيل من الأساس.
- التواصل مع جمهور "الميدان"، إن أمكن، وإدراج أصواتهم في إنتاج الحلقات بهدف الابتعاد عن حصر الرأي والتجربة في الضيوف الرئيسيين فقط.
اختيار وترتيب الضيوف:
- نبحث عن الضيوف بشكل يخدم السردية، ونخلق نوعًا من التوازن ما بين المشاعر (القصة)، والحقائق (المعلومة/البحث).
- نحاول تجنب اختيار الضيوف من المختصين/ات أصحاب الأجندات (المنحازين لجهة أو مشروع ما)، وفي حال اضطررنا لاستضافتهم، نراعي وجود ضيف آخر في المقابل يمثل الجانب الآخر من الرأي أو الموقف.
- نحاول مقابلة الضيوف من (أصحاب القصص)، قبل مقابلة الضيوف من (المختصين/ات). يساعد ذلك في التأكد من المعلومات المطروحة من قبل أصحاب القصص عبر طرحها على المختص، والتوسع بها.
- نبحث ونتأكد من الحقائق والأدلة من مصادر عدة وفي أماكن مختلفة وخلال مختلف مراحل الإنتاج. ينطبق ذلك على المعلومات الصادرة سواء عن الضيوف من (أصحاب القصص)، أو من (المختصين/ات).
- التحقق من مصداقية كلام الضيوف (أصحاب القصص)، ليس بهدف إنكار تجاربهم، وإنما للتوسع بالفكرة العامة والواقع المغاير في تجارب أشخاص مختلفين، وهذا يتيح توظيف استخدام المحاور المعترضة والمكملة في الحلقة.
- التحقق من معلومات الضيوف (المختصين/ات) للحرص على مصداقية الفكرة، ومن الممكن المتابعة معهم في حال وجود شكوك تجاه أي معلومات مغلوطة.
التعامل مع ممثلي/ات الأداء الصوتي:
- يبدأ دعم وتمكين الحقيقة من اللحظة التي نبدأ فيها بتسجيل المقابلة أو كتابتها؛ في حال رفض الضيوف مشاركة أصواتهم حتى وإن لم تستخدم.
- ننقل الكلام بمصداقية وينطبق ذلك أيضا عند وصف حالة أو مشاعر الضيوف إلى الممثلين/ات لغايات تقمصها.
- تجنب المبالغة في الأداء، أو استعارة مشاعر مبالغ فيها إذا لم تكن موجودة أصلا وقت المقابلة.
- نحاول البحث عن والعمل مع ممثلين/ات ينتمون بشكل أو بآخر إلى قصة أو تجربة الضيف/ة الأصلية، إن أمكن.
- في حال لم يمانع الضيوف استخدام أصواتهم، وقاموا بطلب تغييرها فقط، فمن المهم المتابعة معهم ومشاركتهم الشكل النهائي للتعديل الصوتي وأخذ موافقتهم عليه وذلك لحمايتهم وحماية فريق العمل أيضًا.
- نوضح بشكل صريح في بداية ونهاية تسجيل المقابلة مع الضيوف أنهم يرغبون بتغيير أصواتهم أو عدم استخدامها؛ حتى إذا عمل أشخاص آخرون على تحرير المادة صوتيا يكون هذا الشرط واضحا ويتم اتباعه بمهنية.
- نوضح للمستمعين/ات بشكل صريح في بداية المدونة الصوتية إذا كان صوت أو أسماء الضيوف قد تغير، أو أن الأصوات المستخدمة لممثلي/ات الأداء الصوتي. ونقوم بكتابة ذلك أيضا في وصف الحلقة.
إشراك الجمهور في عملية البحث والتسجيلات الميدانية:
- لا نكتفي بجلب الضيوف إلى الاستديو، أو التسجيل فقط مع الشخصيات الرئيسية.
- من المهم النزول إلى الميدان وسؤال الناس عن رأيهم وتجربتهم في موضوع ما في محيطهم أو حياتهم اليومية.
- نفتح باب مشاركة الجمهور بعد سماع الحلقة على سبيل المثال، عن طريق مشاركة رسائل صوتية.
- نفتح باب التوسع بإنتاج جزء مُتمم للحلقة الأولى مثلا، بحيث يتم استخدام أصوات جديدة ومختلفة تتحدث عن نفس الموضوع ولكن من زاوية ومحاور مختلفة وإضافية.
الأدوات والتقنيات المطلوبة:
- نموذج خاص بكتابة نصوص المدونات الصوتية.
- مسجل صوت أو استديو تسجيل.
- مكتبة صوتية (مجانية أو مدفوعة): يمكن استخدام منصة Blue Dot، وهي مجانية تمامًا.
- أصوات أرشيفية وتسجيلات (راديو أو تلفزيون أو يوتيوب، إلخ…): يمكن استخدام منصة Free sound، وهي مجانية أيضًا.
- برامج تحرير الصوت: يمكن استخدام Audacity بشكل مجاني.
نصائح سريعة:
- للوصول لأفكار للبودكاست، تابع الأحداث والقصص والأفكار التي تدور في مجتمعاتنا، فهي مليئة بالأفكار الملهمة.
- يمكن استخدام استطلاعات الرأي والاستبيانات الميدانية لدعم موضوع حلقة البودكاست، ويمكن استغلالها لمعرفة اتجاهات الجمهور للبناء عليها فيما قبل مرحلة الإنتاج.
- العمل من خلال فريق يساعد في تمرير المحتوى والأفكار على عقول وخبرات وخلفيات متعددة ومتنوعة، ما يساعد في ضمان إنتاج محتوى يراعي الضوابط المهنية والصحفية والأخلاقية.
- تحديد اللهجة المناسبة للبودكاست (عامية/فصحى) يعتمد على جمهورك المستهدف وطبيعته، ويفضل استخدام "اللهجة البيضاء" أو الوسط، لأنها تجعلك أقرب للجمهور وتساهم في إشراكه.
- تتراوح المدة المناسبة لحلقة البودكاست الواحدة ما بين 25 إلى 45 دقيقة، بشرط تجنب التكرار والملل. أما في حالة البودكاست الخبري أو المعرفي فالمدة المناسبة من 10 إلى 15 دقيقة.
- في حال وصلت الحلقة لساعة يفضل تقسيمها.
- يجوز تسجيل المقابلات مع الضيوف أو المصادر عبر الهاتف أو عبر التطبيقات الهاتفية لكن بعد الحصول على موافقة مسبقة من المصدر أو الضيف، وإبلاغ الجمهور بطريقة تسجيل المقابلة.
- المؤثرات الصوتية كالموسيقى جزء أصيل من البودكاست، لكن من المهم استخدامها بطريقة مناسبة وبدون إفراط.
- لحظات الصمت من أهم اللحظات في البودكاست، في خلالها يستوعب الجمهور ما ذكر من معلومات قبل أن يتهيأ إلى ما سيأتي بعد.
- في حال كان الضيف يتحدث لغة أجنبية، نستخدم عبارة أو أثنين بصوت الضيف ولغته الأصلية ثم نستبدله تدريجيًا بصوت ممثل الأداء الصوتي، مع ضرورة ذكر ذلك للجمهور في البداية.
- التحضير الجيد قبل التسجيل يساعدك على تقديم المحتوى في أفضل صورة ممكنة.
- الفراغات الصوتية أثناء التسجيل تساعدك أثناء مرحلة التحرير الصوتي، حيث يمكن استغلالها إبداعيًا، عبر ملئها بالموسيقى أو المؤثرات الصوتية.
لمشاهدة الجلسة كاملة من هنا
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة رابيكسن.