تغطية قضايا المناخ: أيّ زوايا يجب التركيز عليها للوصول إلى جمهور أكبر؟

بواسطةأمل مكيNov 2, 2022 في تغطية قضايا البيئة
صورة تعبيرية

هناك حقيقة أساسية يهمّنا التذكير بها في مطلع اهتمامنا بتغطية قمّة المناخ 27. إنّ البلدان النامية، على الرّغم من مساهمتها المحدودة في تغيّر المناخ، ما زالت تتحمّل الجزء الأكبر من تأثيرات التغيّر المناخي. وستظلّ كذلك لفترة طويلة على الأرجح. 

وكان تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) قد كشف أنّ هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية لا يزال يعتمد على "أجهزة دعم الحياة"، تاركًا ما يقارب 3.6 مليار شخص في جميع أنحاء العالم معرّضين بشكل خطير لتأثيرات المناخ. عدد كبير من بين هؤلاء يقطنون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تعدّ اليوم إحدى  أكثر المناطق هشاشة تجاه التغيّرات المناخية. 

وتطالب الدول النامية سائرَ الدول الغنيّة والمتقدّمة بالوفاء بتعهّدها بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدتها على التأقلم مع تداعيات التغير المناخي، والاعتراف بالأضرار والخسائر التي تعرّضت لها، كالآثار المترتّبة عن ارتفاع منسوب مياه البحر أو الفيضانات المتكرّرة. لذلك من المنطقي أن يكون الوفاء باحتياجات هذه الدّول نقطة محورية على طاولة مفاوضات المؤتمر هذا العام. 

إذا تركنا التشاؤم جانبًا، فإنّ مؤتمر المناخ يمثّل "فرصة مثالية لتحويل التركيز إلى التنفيذ الميداني الذي نحن في حاجة إليه مع الدعم المالي والتكنولوجيا إضافة الى دعم بناء القدرات، مع تسليط الضوء على الاحتياجات والظروف الخاصة لقارة أفريقيا"، بحسب عبارة الصندوق العالمي للطبيعة

لهذه الأسباب وغيرها، يهمّنا كصحفيين/ات أن نغطّي مؤتمر المناخ الذي سيُعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية. 

الآن وقد ذكّرنا بأهمّية هذه القمّة، نأتي إلى التغطية الصحفية. وهذه بعض الأسئلة/الزوايا التي لا ريب أنّها تثير فضول الجمهور في بلداننا، ويمكننا بالتالي أن نعتمد عليها كمحاور أساسية أولى في تغطيتنا: 

  1. كم عدد الأشخاص في وفد بلدك إلى محادثات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؟ وما هي وظائفهم اليومية؟ 
  2. ماذا يفعل المفاوضون الوطنيون قبل كل جلسة تفاوض؟
  3. ما هي مطالبهم، وما رأي المفاوضين الآخرين بها؟ 
  4. عبر أي عملية/مسار يقرّر بلدُك موقفه التفاوضي؟ وكيف يساهم في الموقف الذي تتبناه مجموعات أكبر من الدول، مثل مجموعة إفريقيا؟ 
  5.  ما الذي يفعله بلدك لتنفيذ القرارات التي وافقت عليها بالفعل أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؟ 
  6. ما مقدار الأموال التي تلقّاها بلدك من كل صندوق من صناديق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؟
  7.  هل لدى بلدك طلبات معلّقة للتمويل؟

هناك 4 أهداف لمؤتمر المناخ 27 وفق الموقع الرسمي، وهي التخفيف، التكيّف، التمويل والتعاون. ومن خلالها يمكننا أن نستشفّ 5 زوايا يمكننا أن نركّز عليها في تغطيتنا للقمّة، وهي بمثابة ركائز أيضًا يقاس وفقها لاحقًا نجاح هذه الأخيرة من عدمه: 

-سدّ فجوة التخفيف (Mitigation) للمساعدة في الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية: في قمة مصر، وفي إطار برنامج العمل الخاصّ بطموح التخفيف والتنفيذ الذي تمّ وضعه خلال COP26، يجب على الدول المتقدمة أن تقود طموح المناخ - فهي متخلفة في الوفاء بوعودها المناخية على الرغم من مساهمتها الهائلة في أزمة المناخ. ويجب عليها أيضًا تسريع تحولات الطاقة، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، واتخاذ إجراءات قطاعية طموحة مع الوفاء بجميع التزاماتها المالية.

-تقديم تدفّقات مالية عالية الجودة وموسّعة، خاصة للفئات الأكثر هشاشة: إبّان COP26، لوحظ "بأسف عميق" فشل البلدان المتقدّمة في تحقيق هدف 100 مليار دولار الذي كانت قد وعدت بتحقيقه بحلول عام 2020، مما أدّى إلى تعميق فجوة المصداقية وإعاقة قدرة البلدان النامية على التخطيط لمزيد من العمل المناخي.

ما هو مطلوب الآن في COP27 يتمثّل بأهداف تمويلية واضحة للتخفيف والتكيف وتمويل الخسائر والأضرار، وبالنسبة للبلدان المتقدمة، وخاصّة مجموعة الدول السبع (التي ستوفر الجزء الأكبر من هذا التمويل)، للوصول إلى إجمالي 600 مليار دولار في تمويل المناخ اعتبارًا من عام 2020-2025، وهو مبلغ التمويل الذي كان سيُتاح في هذه الفترة لو كانت البلدان المتقدمة قد أوفت بتعهّدها ضمن الهدف السنوي البالغ 100 مليار دولار.

-تعزيز الجهود لتنفيذ إجراءات التكيّف: قدّم مؤتمر COP26 بعض النقاط التي يمكن البناء عليها، بما في ذلك التقدم المحرز في الهدف العالمي للتكيف (GGA)، وهو مكوّن رئيسي لاتفاقية باريس يهدف إلى تعزيز المرونة وتقليل التعرض لتأثيرات المناخ. كما أنشأ المؤتمر (COP27) برنامج عمل جلاسكو - شرم الشيخ بشأن الهدف العالمي للتكيف لتقييم التقدم المحرز نحو هدف التكيف وتمكين تنفيذه. الآن، هناك حاجة إلى إحراز تقدّم ملموس في إطار البرنامج، وتحديداً في نطاق الهدف والبيانات والمقاييس ومنهجيات إعداد التقارير. وقد أكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، المذكور سابقًا، على الحاجة الملحّة إلى إجراءات التكيّف المعزّزة، والتي وجدت أن كلّ عُشر درجة من الاحترار الإضافي ستؤدي إلى تصعيد التهديدات التي يتعرض لها الناس والأنواع الحيّة والنظم البيئية. 

-تأمين التمويل ضد الخسائر والأضرار: اكتسبت قضية مواجهة الخسائر والأضرار (loss and damage) زخمًا كبيرًا قبل قمة المناخ COP26 في جلاسكو وخلالها. ومع ذلك، على الرغم من النداء العاجل من البلدان الهشّة تجاه تغيّرات المناخ، رفضت الدول المتقدمة اقتراح إنشاء مرفق جديد لتمويل الخسائر والأضرار. بدلاً من ذلك، قرّرت إنشاء حوار جلاسكو لمناقشة الترتيبات الممكنة لتمويل الخسائر والأضرار. في COP 27، ستحتاج الدول إلى الاتفاق على ترتيبات لإطلاق شبكة سانتياجو للخسائر والأضرار (Santiago Network on Loss and Damage, SNLD) بشكل نهائي ورسمي. 

وتهدف هذه الشبكة إلى تزويد البلدان النامية بالمساعدة الفنية حول كيفية معالجة الخسائر والأضرار بطريقة قوية وفعالة. 

-تطبيق "كتاب قواعد باريس" (Paris Rulebook) لمساءلة الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية: يعدّ تنفيذ كتاب قواعد باريس، أي القواعد التي يقوم عليها اتفاق باريس، أمرًا بالغ الأهمية لضمان الشفافية والمساءلة حول الإجراءات. بدون تطبيق هذا الكتاب، لا يمكن تحقيق المساءلة وستظل الوعود المناخية - خاصة تلك الواردة من البلدان المتقدمة - غير محققة. 

مع وضع هذه الزوايا/الركائز نصب أعيننا يمكننا أن نطرح الأسئلة الجيدة ونبحث عن المصادر داخل القمّة التي يمكن أن تجيبنا عنها أو أن تفتح أمامنا آفاقًا لزاويا جديدة قد تكون مرتبطة بالجغرافيا نفسها أو برعاة الحدث! 

توسيع نطاق رؤيتنا للتغطية يتأتّى من فكرة أنه ليس بالضرورة أن يكون التغيّر المناخي هو القصّة، بل السّياق الذي يحدث فيه هذا التغيّر، والأمر نفسه ينسحب على مؤتمر المناخ. 

لا ننسى أيضًا أنّه بالتوازي مع القاعات التي تجرى فيها المفاوضات الرسمية (المنطقة الزرقاء)، هناك عالم ثانٍ قد يكون أكثر حيوية (المنطقة الخضراء). حيث يمكن العثور على قصص إنسانية وأفكار لبورتريهات (بروفايل) ومقابلات مميّزة. ليس بالضرورة أن نبحث عن الشخصيات المعروفة والمؤثرة، بل هناك أشخاص كثيرون لديهم قصّة تستحقّ أن تُروى. 

موارد:

-الآثار المناخية المتتالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: التكيف من خلال الحوكمة الشاملة، فريديريك فاهري ونينار فاوال، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

-توقعات COP27 الطموح ,النفاذ والعدالة في التحول نحو التنفيذ، الصندوق العالمي للطبيعة (WWF).

-"كوب27" وثيقة أسئلة وأجوبة، هيومن رايتس ووتش، 29 سبتمبر/أيلول 2022.

تمّ إعداد الصورة الرئيسية عبر كانفا.