بروز مجموعات الصحفيين المستقلين في العالم الفرنكوفوني

بواسطة Chantal Baoutelman
Nov 19, 2021 في الصحافة المستقلة
صحفيون يعملون على نفس المكتب

منذ عشرين سنة، كان العمل المستقل في الصحافة منفردًا، ولكن اليوم، تقول إيميلي جيليه، وهي من أعضاء مجلس إدارة المنظمة غير الربحية "عمل حرّ" إنّ "هناك حاجة كبيرة إلى الخروج من العزلة، لذا يسعى الشباب للإنضمام إلى المجموعات". وتضيف الصحفية البالغة من العمر 43 سنة أنّ فعالية "48 ساعة من العمل الحر" التي تقيمها المنظمة ويجتمع بها الصحفيون المستقلون من جميع أنحاء فرنسا "قد تكون ساهمت في الترويج لهذه المجموعات، فقد عقدنا العديد من ورش العمل وكتبنا مقالات كثيرة حول هذا الموضوع".

أما فاني، الصحفية البالغة من العمر 30 سنة، فقد انضمت لهذه المجموعات بعد حضور فعالية في يونيو/حزيران الماضي. وتقول إنها تعمل بشكل مستقل منذ ستة أشهر، "ولدي مشروعات تعاونية منتظمة، ولكنني أحتاج إلى مناقشة بعض الأمور مع الزملاء أو تلقي التعليقات على أعمالي أو الحصول على أسماء المؤسسات الإعلامية لأقترح عليها أفكاري للقصص الصحفية". وبعد تلقي الرفض من مجموعة Tu piges للصحفيين المستقلين، انضمت فاني إلى فريق Hors Cadre في سبتمبر/أيلول.

أما بالنسبة لسيلفي فانيار، إحدى مؤسسات مجموعة Hors Cadre، فالأمر يتعلق بوجود مساحة للعمل، إذ يتيح لها الإنضمام للمجموعة أن تحصل على مساحة مكتبية مقابل 90 يورو شهريًا. وتقول الصحفية البالغة من العمر 43 سنة إنه "كان من المهم بالنسبة لنا أن نجد أماكن لنلتقي فيها". وكان الفريق قد اتخذ مقرًا له في منطقة بانتين بالقرب من باريس في ديسمبر/كانون الأول 2019. وتوضح فانيار أنّ "مشكلة المكتب تحوّلت إلى شوكة في ظهرنا، لأننا اضطررنا إلى دفع الإيجار بقيمة 1,200 يورو حتى أثناء الإغلاق الشامل".

تنوع التخصصات يؤدي إلى المشروعات التعاونية

يتكون فريق Hors Cadre من 20 عضوًا، وتتنوع تخصصاتهم بين الصحافة المطبوعة والتصوير والإذاعة والتلفزيون. وهذه التخصصات المتنوعة تكمل بعضها البعض وتؤدي إلى المشروعات التعاونية.

في هذا الصدد، تحكي فانيار عن زميلها المصور الذي كان يتابع موضوعًا لسنوات وطلب منها أن تعمل معه على المشروع. وتقول إنهما اقترحا الفكرة على مجلة Elle، التي وافقت على نشر القصة عبر موقعها الإلكتروني. وتضيف أن "هذا مثال عن قصة لم أكن لأعمل عليها بمفردي أبدًا".

وقد تحقق الزخم المطلوب أخيرًا، حتى أنّ Hors Cadre تخطط لإقامة حفل إطلاق للمجموعة، بالإضافة إلى دورات تدريبية حول الوعي الإعلامي. وتقول المؤسسة المشاركة إنّ "هذا الحماس تجاه المجموعات الصحفية رائع لأنها أفضل طريقة لحماية أنفسنا في هذه المهنة غير المستقرة".

ومنذ سنوات، بدأ الصحفيون المستقلون في الانضمام معًا إلى مثل هذه المجموعات لتحسين حياتهم في ظل العمل الحر. وقد تزايد هذا الاتجاه منذ الأزمة الإعلامية عام 2008. وفي مارس/آذار الماضي، انطلقت مجموعة جديدة تُدعى Collectif W لتجمع حوالي 100 صحفي مستقل. وفي الشهر التالي، انطلقت رابطة الصحفيات الرياضيات بأكثر من 170 مشاركة.

ما الذي تمثله هذه المجموعات؟ وكيف تعمل؟ في عام 2019، نُشرت دراسة للباحثة كليمانس أوبير- طربي والأستاذ الباحث لدى كلية باريس للأعمال (PSB) نيكولا أوبوان، بعنوان "أشكال العمل غير النمطية في المساحات المشتركة: حالة العمل الجماعي المستقل" (L'inscription des formes atypiques de travail dans des espaces partagés: le cas des collectifs de pigistes).

شملت الدراسة 13 صحفيًا من أربع مجموعات مختلفة، وقد حددت أربعة أنواع من المنظمات: 1) نموذج "الجُحر"، حيث تركز المجموعة على مساحة العمل المشتركة؛ 2) نموذج "عش النمل"، الذي تعمل مجموعاته على مشروعات مهنية مشتركة؛ 3) نموذج "خلية النحل"، حيث يتم تبادل المهارات؛ 4) نموذج "التل الخلدي"، الذي تعتمد فيه المجموعات على بناء شبكة للمشاركة الرسمية وغير الرسمية. وبالتالي فإن كل مجموعة لديها أسلوب العمل الخاص بها. وفي Hors Cadre على سبيل المثال، يتشارك الأعضاء في المساحة المكتبية ويعملون كذلك على المشروعات المشتركة ويتبادلون أرقام المعارف الخاصة بهم، ولكنهم ليسوا الوحيدين الذين يفعلون ذلك.

في توجو

في توجو، لم يتم إنشاء سوى رابطة واحدة للصحفيين المستقلين عام 2008 لأن "المشاورات العامة لا تأخذ في الاعتبار مشاكل الصحفيين المستقلين". فعلى سبيل المثال، تبلغ مدة صلاحية التصريح الصحفي الصادر للصحفيين الموظفين ثلاث سنوات، مقابل سنة واحدة للصحفيين المستقلين.

وعلاوة على ذلك، لا يحصل الصحفيون المستقلون في توجو إلا على رواتب ضئيلة. وفي هذا الصدد، يقول مارك، الصحفي البالغ من العمر 29 سنة ورئيس الرابطة، إن "متوسط الأجر عن المقالة الواحدة يبلغ حوالي 8.83 دولار أميركي". وقد انخفضت هذه الأجور الضئيلة بشكل أكبر أثناء أزمة كوفيد-19. ومع ذلك، لا يحصل الصحفيون المستقلون على أي دعم من الحكومة، في حين أن المؤسسات الإعلامية التقليدية تلقت الدعم المناسب. وفي ظل هذه المظالم، تهدف الرابطة إلى الدفاع عن مصالح الصحفيين المستقلين في مواجهة هيئة التنظيم الأخلاقي الوطنية والسلطات وحتى بعض المؤسسات الإعلامية.

ويتشارك أعضاء الرابطة المئتان في مساحة العمل طالما يحافظون على عضويتهم. وفي يوم الجمعة من كل أسبوعين، يتم تنظيم نقاش حول مقالة إخبارية أو قضية مهنية. ويصف مارك المكان بأنه "مساحة دائمة للحديث وكذلك لمشاركة الفرص، فإذا تلقى أحدنا الكثير من التكليفات، يقوم بتمرير بعضها إلى الصحفيين الآخرين".

"يستفيد الجميع من شبكات معارف الآخرين"

تستأجر مجموعة Les Incorrigibles غرفتين في منطقة مونتروي بالقرب من باريس. وتمازح أودري ميكاليان، الصحفية والمخرجة البالغة من العمر 47 سنة، قائلة إن عقد الإيجار "هو الشيء الوحيد الذي يربطنا ببعض قانونيًا". ويدفع كل من الخمسة وعشرين صحفي/صحفية أقل من 100 يورو شهريًا، ولكن لا يستخدم المكتب يوميًا سوى عشرة أشخاص، إذ يغيب الآخرون بسبب العمل الميداني أو التصوير أو غير ذلك من الأسباب. وفي ظُهر الإثنين من كل أسبوع، يُقام الاجتماع التحريري للمجموعة، والمعروف باسم La CRIM، ليتيح للأعضاء متابعة أعمال بعضهم البعض ومشاركة احتياجاتهم وحالتهم المزاجية، إضافة إلى تكوين فرق الصحفيين والمصورين ليعملوا معًا.

كما تُعد قوة المجموعة أفضل ميزة لدى Les Incorrigibles، إذ يستفيد الجميع من شبكة تحتوي على 24 عضوًا آخرًا. وينطبق ذلك على المعرفة والمهارات معًا، فعندما يواجه أحد الصحفيين مشكلة ما في مقالته، يمكنه الاعتماد على نصائح الآخرين. وإذا واجه أحدهم مشاكل مرتبطة بالضرائب أو الضمان الاجتماعي أو مكتب العمل أو أي إدارة أخرى، سيجد دائمًا من يمكنه مساعدته أو إرشاده للشخص المناسب.

من جانبها، تصف أودري ميكاليان، المشتركة في Les Incorrigibles منذ عام 2011، المجموعة بأنها "مجتمع عمل مشترك قائم على التضامن". فمن خلالها، يتعلم بعض الأعضاء كيفية التعامل مع المشاكل التقنية، مثل التطوير المهني أو حقوق التدريب على العمل أو قانون حق المؤلف، بينما يختبر آخرون ورشات الوعي الإعلامي مع بعضهم البعض. هذا الأسلوب يجذب الكثير من الصحفيين المستقلين. وتقول ميكاليان إنه "منذ بضع سنوات، كنا نتلقى حوالي 11 طلبًا عند الإعلان عن مكان شاغر. أما اليوم، فنتلقى ستة أو سبعة طلبات". وتظل المشكلات الوحيدة هي تكلفة الإيجار وفترات النشاط المنخفض الناجمة عن الانفصال أو المشاكل الشخصية.

في بلجيكا

في بلجيكا، تأتي هذه المجموعات وتذهب، فلا يوجد سوى القليل من المجموعات المنظمة، بحسب رابطة الصحفيين المهنيين. ولكن مجموعة Huma التي تأسست عام 2011 هي الاستثناء. تتكون المجموعة من ثلاثة مصورين صحفيين وكاتب واحد، ولكنهم اختاروا ألا يتشاركوا في مساحة مكتبية، وأن يركزوا على التعاون. وتقول جوانا دو تيزيير، المصورة الصحفية البالغة من العمر 47 سنة، إنها انضمت إلى المجموعة "لمشاركة التجارب والأفراح والصعوبات المتعلقة بالعمل الميداني، ولكن الهدف الرئيسي كان العمل على المشروعات معًا". وفي Huma، يحب الصحفيون التحقيقات الطويلة التي تتيح لهم التعمق في الموضوع.

وخلال المشروع التعاوني "What the foot"، التقت جوانا وزملاؤها بلاعبات الكرة من جميع أنحاء العالم قبل انطلاق كأس العالم للسيدات بعام ونصف. وقد ظل الفريق متحكمًا في مشروعه منذ طرح الفكرة إلى النشر. "ولكن الجانب السلبي كان أننا اضطررنا في نهاية المطاف إلى التركيز على إدارة المشروع، بدلًا من العمل الميداني".

في جمهورية أفريقيا الوسطى

في جمهورية أفريقيا الوسطى، تم تشكيل اتحاد من الصحفيين المستقلين عام 2020. ويقول فياكر، الصحفي البالغ من العمر 35 سنة ومؤسس الاتحاد، إن "الهدف هو توحيد الصحفيين، لأن القوة تكمن في العدد". ولا تمتلك المجموعة الجديدة مقرًا خاصًا بها بسبب نقص الأموال، ولكن الأعضاء – الذين يبلغ عددهم حوالي 10 – يستأجرون غرف الاجتماعات أحيانًا للعمل على المشروعات المشتركة. وغالبًا ما تركز تحقيقات فياكر وزملائه على قضايا الفساد واختلاس السلع العامة والموضوعات التي يمكنهم تناولها من دون ضغط لأنهم لا ينتمون إلى أي مؤسسة إعلامية، وبالتالي يتمتعون بالاستقلالية التحريرية.

وتشمل أنشطة الاتحاد مكافحة المعلومات المضللة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف. كما ينظم الاتحاد جلسات نقاشية حول المعلومات المضللة وتقصي الحقائق.

قد تكون مجموعات الصحفيين المستقلين آخذة في الصعود، ولكنها ليست ضرورية للجميع. وفي هذا السياق، تقول الصحفية إيميلي جيليه، التي تعمل بشكل مستقل منذ 21 سنة، إنها لا ترغب في الانضمام إلى أي مجموعة، وذلك على الرغم من أنها تدرك "المزايا التي تقدمها" مثل هذه المجموعات. وتدعو جيليه كل صحفي مستقل لأن يسأل نفسه عن سبب سعيه للإنضمام إلى مجموعة وعما يرغب في تقديمه إليها. فأغلب هذه المجموعات تتطلب الحد الأدنى من الالتزامات، وهو ما لا يناسب الجميع. ولكن بغض النظر عن أسلوب العمل، فهذه المجموعات تقدم حلًا لمشكلة مشتركة، فهي "تضع حدًا للوحدة، وهو ما يظهر في تعريف كلمة مجموعة"، بحسب أودري ميكاليان، التي تضيف أن "الصعوبة الوحيدة تأتي من هؤلاء الذين يأتون بحثًا عما لا يمكنهم العثور عليه، كالعمل على سبيل المثال".


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على انسبلاش بواسطة CoWomen.

نُشر هذا المقال للمرة الأولى على النسخة الفرنسية من موقعنا. وقد تمت ترجمته إلى الإنجليزية بواسطة سيديرا رانافوارينوسي، المترجمة الفرنسية لدى شبكة الصحفيين الدوليين.

شانتال باوتلمان هي صحفية تشادية فرنكوفونية وعضو في مجموعة Tu Piges الصحفية. وتكتب باوتلمان عن أفريقيا والقضايا النسوية والأبوة والعمل وحقوق الإنسان. وقد عملت لدى راديو فرنسا الدولي (RFI) وFemina وFrancophonies du sud وBastamag وCausette.