كيف تتميّز الكتابة للصحيفة الرقمية عن الكتابة للصحيفة المطبوعة؟

Автор إسماعيل عزام
Oct 30, 2018 в الصحافة الرقمية

تميّزت الصحافة الرقمية بإتاحتها للقارئ متابعة المواد الصحفية المنشورة على شبكة الانترنت عبر استخدام الحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية. ومن أهم ما تميزت به هو قدرتها على خلق عادات جديدة لدى الصحفي نفسه عداك عن القارىء والمستخدم؛ كان منها الابتعاد عن النهج الكلاسيكي المعتمد على الكتابة لوحدها.

إذ صار لزاماً على الصحفي العامل في المجال الرقمي، الإلمام كذلك بطرق التقاط الصور ومقاطع الفيديو، والقيام بعمليات المونتاج، إضافةً إلى تعلّم طريقة الكتابة للويب.

تختلف الكتابة للصحيفة الرقمية في بعض الخصائص عن تلك الخاصة بالصحافة المطبوعة، ففي غالبية المواقع الإخبارية، منها موقع CNN و BBC، لا تزيد غالبية القصص الإخبارية عن 500 كلمة كحد أقصى، كما أن بعض الجرائد والمجلات المطبوعة المعروفة، تلجأ إلى نشر قصص مختزلة عن موادها في موقعها الإلكتروني، كمجلة "زمان" المغربية. لذلك يظهر أن الرهان على القصص القصيرة، ومحاولة اختزال أهم المعلومات في بضع فقرات، من أدوات التميّز في العالم الرقمي.

ويشير الموقع التعليمي لأكاديمية 'بي بي سي'، في مقالة تحت اسم "الكتابة للويب" إلى ضرورة كتابة القصة في الفقرات الأربع الأولى، بمعدل لا يزيد عن 70 كلمة، إذ يجب على الصحفي أن يتأكد من أن جوهر المقال موجود في هذه الفقرات، وأن يعمل على توازنها بأن تحمل تقريبًا نفس العدد من الكلمات، وأن يحاول اعتماد طريقة نشر إلكترونية تسمح بإضافة ملخص للقصة تحت العنوان مباشرةً، وأن يبدأ بالمعلومات ثم مصدرها لا العكس، وأن يضع الاقتباسات بشكل واضح كي لا تختلط مع نصه، وأن يقسّم المواد الطويلة بإضافة بعض العناوين.

وبما أن العنوان في الجريدة الرقمية يمثّل عاملًا لجذب الزوار، فهناك الكثير من الأساسيات التي وجب استخدامها لاستخدامه بأفضل وجه ممكن، فوكالة كاناراد الفرنسية، تقدّم في منشور لها، ملاحظات حول العنوان الإلكتروني، منها: الاختزال، الوضوح عن بقية المادة، سهل الفهم، جذاب وحيوي، بسيط دون كثرة الاستعارات، محتوٍ على كلمات دلالية، وحاملًا لمعنى واضح دون تأويل.

ووفقًا للمنشور ذاته، وفيما يخصّ صدر المادة، على الصحفي تحديد فكرة لكل فقرة، واستخدام الجمل القصيرة بدل الطويلة، واستعمال الجمل المرقّمة عوضاً عن كثرة الفقرات، ووضع بعض الروابط التي تؤدي لمواد أخرى بحيث لا تتجاوز سبعة، والتظليل على الكلمات الدلالية كي تظهر، والتنويع في عرض المادة عبر وضع صور وإطارات تحتوي على اقتباسات أو أفكار أساسية.

خلافًا لقارئ الجريدة المطبوعة، فقارئ الجريدة الإلكترونية غالبًا ما يبحث عن المهم في المادة وليس في لغتها في حد ذاتها، وتشير مقالة على موقع "ن.ن. جروب" إلى أن قراء الصحف الرقمية يبحثون عن إجابات لأسئلتهم عوض البحث في عمق اللغة، كما أنهم متلهفون للخروج من المادة نحو مادة أخرى إذا صادفتهم صعوبة في لغتها، كما أنهم يبحثون عن كلمات محددة وليس جُمل مطولة، وبالتالي ينصح هذا المقال بعدم الاهتمام المفرط باللّغة، لدرجة أنه نادى بكسر بعض قواعدها لأجل توضيح أكبر للمقال!

الأكيد أن غالبية الصحفيين العاملين في الصحف الرقمية في مرحلة الشباب، غير أنّ ذلك لا يعفيهم من محاولة تبسيط بعض المصطلحات التقنية، وجعلها يسيرة الفهم بالنسبة لقراء يتقدمون عليهم في السن، ويتحدث مقال آخر على موقع "ن.ن. جروب" عن ضرورة تعريف المصطلحات التقنية، أو حتى التغاضي عن استعمالها إذا لم يكن ذلك واجبًا.

ونظرًا لأن المواقع الإخبارية في تزايد مستمر، خاصة مع رغبة الكثير من الناس بمزاولة الصحافة دون الإلمام بقواعدها وأخلاقياتها، تكثر الأخبار الخاطئة والإشاعات، بالتالي فمن أساسيات العمل الصحفي الرقمي المحترف، هو التثبت أو التحقق جيدًا من المعلومة قبل نشرها. ويشير راشيل بارتليت، في مقالة منشورة على موقع "جورناليزم" البريطاني، كيف أن العودة إلى مصادر الخبر لم تعد كافية، بل على الصحفي تأكد كذلك من حقيقة الصورة باستخدام أداة كـ"صور جوجل" أو أدوات محترفة أخرى، وكذلك العودة إلى أرشيف الفيديو للتأكد من صدق المقطع وملائمته للقصة.


تحمل الصورة رخصة المشاع الإبداعي على موقع فليكر، بواسطة كنوتكس.