دليل للكتابة عن تأثير الحروب على تغير المناخ والبيئة

بواسطةأحمد شوقي العطارNov 10, 2023 في تغطية الأزمات
صورة

تطول تداعيات الحرب مختلف القطاعات في مناطق الصراع، وتشغل آثارها الاقتصادية والسياسية الجميع، وتتصدر أجندات الحكومات المحلية والدولية. لكن لا يزال أثر الحرب على البيئة وتغير المناخ الأكثر تهميشًا، على الرغم من خطورته وفداحة أضراره.

لا شك أنّ تأثير الحرب على البيئة والمناخ يعدّ قصة مهمة، يمكن للصحفيين راويتها بطرق عدة، ومن جوانب جديدة وغير مألوفة، ويكشفون من خلالها التأثير الكارثي للحرب على الطبيعة والإنسان.

في هذا الدليل الشامل من شبكة الصحفيين الدوليين، نتعرف معًا على الأفكار والزوايا والمصادر والأدوات، التي يمكن أن تساعدنا في إنتاج القصص عن التقاطع الكارثي والخطير بين الحرب والمناخ.

تقصي الانبعاثات

تتسبب الحروب والصراعات في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، المسببة للاحترار العالمي، في الغلاف الجوي.

يفيد تقرير صادر عن مرصد الصراع والبيئة البريطاني و7 منظمات دولية أخرى بعنوان "الاعتراف بالانبعاثات العسكرية والمتعلقة بالنزاعات في التقييم العالمي"، أنّ جيوش العالم والحروب والصراعات مسؤولة عن 5.5٪ من انبعاثات غازات الدفيئة، ويقدر التقرير أنّ الأشهر السبعة الأولى فقط من الحرب الروسية الأوكرانية مسؤولة عن 100 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون على الأقل.

زوايا للقصص

يمكنك تقصي الممارسات العسكرية التي تتسبب في إطلاق الانبعاثات الكربونية بكثافة، في مناطق الصراع والأزمات والكتابة عنها:

-         تدمير مخازن الكربون الطبيعية مثل الغابات والأشجار.

-         تدمير مستودعات الكربون التي يصنعها الإنسان، مثل البنية التحتية للطاقة وآبار النفط.

-         إلحاق الأضرار بأنظمة الطاقة المتجددة في البلاد. "في أوكرانيا تم إيقاف 90% من طاقة الرياح و50% من قدرة الطاقة الشمسية منذ بدء الحرب، وفق تحليل لمؤسسة باور تكنولوجي".

-         حرق المدن وإعادة إعمارها أثناء وبعد الصراع.

-         حساب البصمة الكربونية للجيوش، أو للطائرات والدبابات والعربات، وغيرها من المحركات الثقيلة التي تستهلك كميات هائلة من الوقود الأحفوري، السبب الرئيس للانبعاثات.

التدهور البيئي

تدمر الحرب التنوع البيولوجي وتزيد من التلوث وتساهم بشكل كبير في تدهور البيئة.

في حالة أوكرانيا، وثق الصحفيون والنشطاء المئات من الجرائم والإبادة البيئية، والأضرار الجسيمة بالطبيعة في البلاد، من الهجمات على المنشآت الصناعية التي تلوث إمدادات المياه الجوفية إلى القصف المتعمد لملاجئ الحياة البرية وغيرها من النظم البيئية المهمة.

يمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في منطقة الحرب وفقًا لدراسة نشرت في مجلة Nature.

وجدت دراسة أخرى أن حديقة جورونجوسا الوطنية في موزمبيق فقدت 95% من تنوعها البيولوجي بعد حرب أهلية طويلة. 

جميع الدبابات والمركبات الثقيلة التي تتجول في الصراعات تطلق جزيئات كاشطة، بينما تتسبب الذخائر المهملة في تسرب اليورانيوم إلى شبكات المياه، وفقًا لـCEOBS.

زوايا للقصص

يمكنك كشف الجرائم البيئية للجيوش في مناطق الصراع، وكتابة القصص عنها:

-         الحرائق وغيرها من أساليب الحرب الحديثة التي تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجي والغطاء الحرجي والغابات والأراضي الزراعية.

-         تأثير القنابل والصواريخ والتفجيرات والحرائق على الغابات، الأنواع، والحياة البرية.

-         التدمير المتعمد للنظم البيئية والغابات والأنواع.

-         التلوث الناجم عن الحرب الذي يؤدي إلى تلويث المسطحات المائية والتربة والهواء، مما يجعل المناطق غير آمنة للعيش فيها.

-         التأثير على النظم البيئية البحرية. "تطلق السفن الحربية كميات هائلة من النفايات في المسطحات المائية، مما يؤدي إلى تدهور الموائل البحرية والسواحل".

-         استخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليًا وتأثيرها على البيئة. "في حالة غزة، تستخدم إسرائيل الفسفور الأبيض، المحظور دوليًا، وفق هيومن رايتس ووتش، والذي تحمله الرياح ليترسّب في التربة أو في أعماق الأنهار والبحار وفي الكائنات البحرية مثل الأسماك، مما يهدّد سلامة البيئة".

-         تسرب المواد الكيميائية إلى التربة والمياه الجوفية في مناطق زراعة الألغام والمتفجرات.

هذه القصة من نيويورك تايمز تكشف كيف أصبحت البيئة "ضحية صامتة" للحرب في أوكرانيا.

تعطل العمل المناخي

تؤدي الحروب والصراعات إلى تعطيل العمل المناخي وتفاقم نقص الموارد المرتبطة بمعالجة المناخ، وإعاقة القدرة على تطوير مشاريع استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على البيئة، وتلبية الاحتياجات المتنوّعة للسكان في وقت تشتد فيه عواقب تغيّر المناخ.

تواجه غزة، كمثال، تداعيات كبرى لتغير المناخ، تحتاج لمعالجة سريعة، كي لا تؤدي لكوارث، لكن الحرب والحصار المستمر يعيق تنفيذ أي مشاريع للتخفيف أو التكيف مع آثار تغير المناخ داخل القطاع.

على سبيل المثال، تواصل السلطات الإسرائيلية منع دخول صخور "كاسرات الأمواج" من الضفة الغربية إلى القطاع، التي تعد ضرورية لمنع تآكل السواحل الناتج عن ارتفاع الأمواج ومستوى سطح البحر بسبب تغير المناخ، مما قد يزيد من خطر حدوث فيضانات كارثية، وفق دراسة بريطانية.

كما أن عدم القدرة على تطوير البنية التحتية المتهالكة والنظام الكهربائي المتردي، سيجعل موجات الحر القياسية الناجمة عن تغير المناخ تضر بالحياة الأساسية والنشاط الاقتصادي، وسيصبح التبريد صعب المنال.

زوايا للقصص

يمكنك تقصي وجود هذه الممارسات في مناطق الصراع وكشفها والكتابة عنها:

-         توقف مشروعات التكيف أو التخفيف من حدة تغير المناخ بسبب الحرب، وتأثير ذلك على السكان والطبيعة.

-         حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تعطل العمل المناخي في مناطق الحروب والصراع.

-         زيادة استهلاك الوقود الأحفوري بسبب استهداف البنى التحتية لمشروعات الطاقة المتجددة.

-         تأثر العمل المناخي العالمي بسبب الحرب، فقضية تغير المناخ عالمية وأي اضطراب في أي منطقة ما، قد يؤثر على العالم بأكمله.

يكشف هذا التقرير من نيويورك تايمز كيف قوضت الحرب الروسية في أوكرانيا الجهود العالمية لمعالجة أزمة المناخ.

الأزمات المتقاطعة

خلال الحروب والصراعات، تُستهدف الموارد الطبيعية التي تستخدم في صنع الغذاء والوقود والمواد الخام لإنتاج السلع، وتدمر عن عمد، لإلحاق الضرر بالطرف الآخر في الصراع وإضعافه.

 كما تُستهدف البيئة المبنية مثل الطرق والمباني والشاحنات، التي تعد جزءًا رئيسًا من أنظمة سلاسل التوريد. ويؤدي تغير المناخ أيضًا إلى تقليص الموارد الطبيعية.

لذا تفاقم الحروب الأزمات الموجودة بالفعل بسبب تغير المناخ، والمرتبطة بالغذاء والطاقة والمياه وسبل العيش ونقص السلع وتعطل سلاسل التوريد.

كمثال، يفاقم تدمير منشآت الطاقة أزمة الطاقة الموجودة بالفعل بسبب تغير المناخ، ويحرم السكان من التدفئة أو التبريد في ظل طقس متطرف.

مثال آخر: تسببت الحرب في أوكرانيا في تفاقم أزمتي الغذاء والطاقة في العالم كله، وليس محليًا فقط، وفي تقرير  صادر عن مجموعة الأمم المتحدة للتنيمة المستدامة.

زوايا للقصص

ارصد الأزمات التي تتسبب فيها الحرب، وتفاقم من آثار تغير المناخ على السكان:

-         أزمات الغذاء بسبب تدمير الأراضي والبنية التحتية الزراعية في مناطق الصراع.

-          أزمة الطاقة بسبب تعرض منشآت النفط أو الطاقة لهجوم متعمد.

-         أزمة المياه بسبب تدمير القنوات والآبار والمضخات والسدود، مما يؤدي إلى تلوث الأنهار أو طبقات المياه الجوفية أو شح المياه.

-         ارتفاع أسعار السلع والتضخم بسبب الحرب، مما يثير الاضطرابات الاجتماعية.

-         تعطل سلاسل التوريد واختفاء السلع أو ارتفاع أسعارها، وزيادة التضخم، بسبب تدمير المصانع والطرق والشاحنات ووسائل النقل الأخرى.

-         تفاقم الحرب أحيانًا الأزمات في مناطق أخرى خارج مربع الصراع، تقصى ذلك.

هذا التحقيق من Time يكشف كيف جعلت حرب روسيا في أوكرانيا موجات الحر في آسيا أكثر فتكاً.

الصحة  

يتسبب تأثير الحرب على المناخ والبيئة بآثار سلبية كثيرة على الصحة العقلية والجسدية والنفسية للسكان داخل مناطق الصراع.

تقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن تغير المناخ له عواقب مدمرة على الأشخاص الذين يعيشون في حالات الصراع، وأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
كما تؤدي الحرب إلى المزيد من الغبار السام والمخلفات الكيميائية التي تلوث البيئة ومصادر المياه والغذاء، وتتسبب في الإصابة بالسرطان والعدوى القاتلة والعيوب الخلقية.

على صعيد آخر، يتسبب تغير المناخ في موجات الجفاف والفيضانات والأوبئة الحشرية وتغير أنماط هطول الأمطار، والتي يمكن أن تعرض إنتاج الغذاء وسبل بقاء الناس على قيد الحياة للخطر، وتنشر الأمراض الفتاكة مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا، وتأتي النزاعات والحروب لتفاقم هذه الأخطار الصحية، لأنها تحد من قدرة المرافق الصحية.

في غزة، استهدفت المستشفيات بالأساس، وما تبقى منها انشغل بالطلب المتزايد على المساعدات الصحية الطارئة بسبب الحرب، على حساب الحالات الأخرى. في غزة أيضًا، تسبب التلوث الناجم عن الحصار والحرب لانتشار عدوى المكورات الرئوية القاتلة، وتفاقم تدريجيًا بسبب عدم توفير الرعاية الصحية الكافية.

زوايا للقصص

يمكنك تقصي وجود هذه الحالات في مناطق الصراع:

-         انتشار الأمراض بسبب التلوث الناجم عن ممارسات الحرب بأنواعه المختلفة.

-         زيادة معدلات الوفيات والإصابات وحالات الإعاقة التي نتجت عن الأضرار التي ألحقتها الحرب بالبيئة.

-         انتشار الفيروسات والعدوى القاتلة بسبب تلويث مصادر المياه أو الغذاء.

-         ضعف المرافق الصحية بسبب آثار تغير المناخ و الحرب أو الإثنين معًا.

النزوح والهجرة

في حين يؤدي تفاقم تغير المناخ إلى زيادة المخاطر المستقبلية للنزاعات المسلحة العنيفة ونشوب الحروب والصراعات داخل البلدان، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد، قد تؤدي أيضًا الحرب وتأثيرها السلبي على البيئة والمناخ إلى تزايد موجات الهجرة والنزوح.

يعد التوصل إلى نقاط التقاطع بين الحرب وتغير المناخ والهجرة أمرًا معقدًا نوعًا ما، لكن يمكن التغلب على ذلك بمزيد من التقصي والاستكشاف.

كمثال: تسببت الحرب والصراعات المستمرة في ليبيا إلى تردي البنية الأساسية في درنة، وتعطل مشروعات مكافحة المناخ بالمدينة، مما تسبب في انهيارها عندما واجهت فيضانات هذا العام الكارثية، وكانت النتيجة نزوح أكثر من 43 ألف شخص. هذه القصة من Bnn Bloomberg  تكشف عن دور الحرب والسدود القديمة في ترك ليبيا معرضة للعواصف والفيضانات، مما أدى في النهاية لنزوح السكان.

زوايا للقصص

-         قد تؤدي الحرب إلى تفاقم الآثار المناخية، مثل الفيضانات وموجات الجفاف وحرائق الغابات، كما ذكرنا، وكلها أسباب رئيسة للهجرة. هل تسببت هذه الأثار في مناطق الصراع لهجرات أو نزوح؟ تقصى ذلك.

-         هل تسببت الحرب في أزمات تتعلق بالغذاء أو المياه في منطقة ما، مما دفع سكانها للهجرة والنزوح؟

-         هل تسببت ممارسات الحرب في تدمير الأراضي الزراعية فتسببت في هجرة السكان بعد فقدان مصادر الرزق؟

-         هل تسببت ممارسات الحرب في انتشار عدوى أو مرض تسبب في نزوح السكان من منطقة ما؟

موارد وأدوات

ستساعدك هذه القائمة من الأدوات والمصادر المفتوحة أثناء العمل على قصص مرتبطة بالحرب وتغير المناخ:

Military emissions gab: يوفر هذا المصدر المفتوح قاعدة بيانات عن الانبعاثات العسكرية وانبعاثات الجيوش وفق الدولة، ويتتبع ويحلل الانبعاثات العسكرية، ويجمع البيانات التي تبلغها الحكومات في مكان واحد. انقر مكان بلدك على الخريطة لاستكشاف انبعاثاتها العسكرية.

Global Environmental Crime Tracker: أداة جيدة ويتم تطويرها باستمرار، ستساعدك في تتبع الأنواع المختلفة من الجرائم البيئية الدولية. يمكنك التعرف من خلالها على ما يحدث في أماكن الحروب والصراعات.

Iom UN migration: قاعدة بيانات حول تأثيرات الصدمات المناخية على التنقل البشري والهجرة والنزوح في دول العالم، يمكنك استخدامها للبحث عن الهجرات في مناطق الحروب.

weapons-global-guide: يوفر لك هذا الدليل المخصص للصحفيين فهم الأسلحة المحظورة دوليًا، وتتبعها، وكذلك الاطلاع على المعاهدات والمخالفين. لهذه الأسلحة تأثيرات بيئية وصحية خطيرة.

MiRCH Tracker: تسمح لك هذه الأداة بتتبع عمليات الانتشار العسكري، عالميًا، استجابة للأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات وموجات الحرارة وغيرها من الأمور المتعلقة بكوارث المناخ. يمكنك من خلالها اكتشاف التقصير والإهمال في الاستجابة لكوارث المناخ في المناطق المحتلة أو التي مزقها الصراع.

الصورة الرئيسة بعدسة أندريه بالمير.